أطلق المجلس الأعلى للغة العربية، منذ أيام، جائزة للآداب، فتح فيها أبواب التّرشح لأربع فئات منها الدراسات الخاصة بتعميم استعمال اللغة العربية، والأعمال الأدبية بمختلف أجناسها، إضافة إلى الأعمال الشّعرية، ولقد وضع المجلس عددا من الشّروط للترشح، أهمها أن تكون الأعمال المتسابقة مكتوبة بـ”العربية الفصحى”.
وقد يكون طبيعيا أن يحرص المجلس على شرط الكتابة بـ»الفصحى»؛ ذلك أنها غايته، بل إنها هدفَه الأول الذي ينبغي أن يحرص عليه، ثم إن «اللّغة» في حاجة ماسة إلى كل الجهود كي تحافظ على «معياريتها». غير أن كتابة «الرواية» – في اعتقادنا – تتعالى على أيّ معيار ممكن؛ ذلك لأنها الجنس الأدبي غير المكتمل (على رأي باختين)، وكل محاولة لضبطها وفق مرجعية واحدة، تجني عليها، حين تفرض «الالتزام» بشكل معيّن، فتخرجها من طبيعتها الأجناسية، وتحوّلها إلى كلام عادي، مهما كان «المستوى البلاغي» رفيعا. وفي المكتبة الجزائرية عدد من الأعمال التي التزمت بالتنميق اللغوي على حساب المرجعية الأجناسية، فلم يضف إليها وصف «رواية» على الأغلفة شيئا ذا بال، وإنما بقيت مجرد تنميق لغوي، لا يؤدي الوظيفة المرجوة من الرّواية..
ولسنا ننكر على المجلس الأعلى للغة العربية بأنّه يقوم بواجبه كاملا، ويؤدي رسالته غير منقوصة، ونعتقد أنه لا يفسد للمسابقة قضية، إذا قدّرنا أنّ الرواية – بما هي جنس أدبي – لا يمكن أن تكون ضمن المسابقة، بحكم طبيعتها الأجناسية، وهذا أمر تعاني منه الضفة العربية كاملة، وليس خصيصة جزائرية؛ ولهذا نحاول أن نقدّم صورة عن الحاجة إلى تطعيم القواميس العربية بالجديد الذي يندفع إلى اللسان العربي كل يوم، ولا يجد من يضبطه غير أولئك الذين يستعملونه في أحاديثهم اليومية..