تجدّدت محاولة اختراق المؤسسات الحساسة بالجزائر وجاء الدور على موقع وكالة الأنباء الجزائرية، وتبيّـن أنّ مصدر هذه المحاولات من الكيان الصهيوني المحتل والمغرب وبعض المناطق من أوروبا. وتمكّن موقع الوكالة من الصمود أمام هجمات وصفت بالحادة والحيلولة دون تمكنها من بلوغ قاعدة البيانات، وهو الأمر الذي أثار حالة استنفار استدعت تعزيز أساليب مواجهة هذه الهجمات السيبرانية بشتى الوسائل التقنية والطرق القانونية.
هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها مؤسسات رسمية لمحاولات اختراق مواقعها، فالجميع يذكر كيف تعرّض الحساب الرسمي لوزارة العدل عبر منصة “تويتر”، العام الماضي، لعملية قرصنة من طرف “مخازنية”، وأكدت حينها الوزارة في بيان لها على أن كل المنشورات التي تنسب للجزائر وتسيء إلى مواقفها الدولية لا علاقة لها بالموقع الرسمي للوزارة.
وكشفت وزارة الطاقة والمناجم، في ديسمبر من سنة 2020، عن محاولات اختراق موقعها من قبل “هاكرز مغربي”. كما اشتكت مواقع تابعة لمؤسسات حساسة، كالوكالة الجزائرية لتنمية الموارد الهيدروكربونية، من محاولة اختراق صفحتها الرئيسية، والموقع المخصص لبرنامج دعم سياسة قطاع البيئة، وديوان السقي وصرف المياه، وعدّة مؤسسات ذات خدمات أساسية، ما يؤكد أن الجزائر مستهدفة من قبل زبانية المخزن وحليفه الكيان الصهيوني.
فالمغرب، الذي لم يخجل من سياسة التطبيع، أعلن في جويلية من سنة 2021 عن أول اتفاقية مع الكيان الصهيوني في مجال الحرب الإلكترونية “سايبر”، وذلك في إطار استئناف العلاقات الدبلوماسية المخزية بين الطرفين. لذا، فليس من الغريب أن تكون أحد أهم هذه الاتفاقية هو استهداف أنظمة المعلومات الجزائرية التي تقف كشوكة في حلق الكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين الطاهرة.
قال أستاذ القانون العام بجامعة الجزائر الدكتور أحمد دخينيسة، إنّنا لا نستغرب لمصدر هذه الهجمات الإلكترونية التي تتعرض لها الجزائر من قبل جار السوء ولا بتكرارها، ففي الحقيقة الجزائر بصدد مواجهة عدو مبين يظهر تحالفه مع الكيان الصهيوني من أجل هذه الأشياء، والاستقواء بالكيان منذ البداية هو من أجل الترصد ومحاولة الاعتداء على الجزائر.
أثبتنا في أكثر من مرّة صلابة أجهزتنا
وأضاف الدكتور دخينيسة، أن علاقة المخزن مع الكيان الصهيوني قديمة وتظهر في عدة أوجه. كما ينبغي تعزيز وتحيين أساليب الدفاع لدينا في الحرب السيبرانية التي تشن ضد بلدنا ولو أننا أثبتنا في أكثر من مرّة صلابة أجهزتنا ضد هكذا محاولات مخزية من طرف حلفاء الكيان الصهيوني وشاكلته.
يرى الدكتور أحمد دخينيسة، أن القانون واضح في مثل هذه الجرائم الإلكترونية والجزائر تمتلك قطبا متعلقا بهذه الجرائم بحد ذاتها ومن حيث الكفاءة التقنية والبشرية الجزائر تملك ما يكفي من أجل مجابهة هذه الجرائم، وفي المسار القضائي يمكن أن تذهب الجزائر إلى أبعد نقطة في التحقيقات من أجل الكشف عن تحالفات تستهدف أمنها.
وأضاف، أنّ المتابعة على المستوى الدولي تتطلب تكوين ملفات ثقيلة وتتطلب الكثير من العمل بالنسبة للضبطية القضائية بمختلف أجهزتها من أجل تزويد القضاء بالأدلة الكافية لإدانة ومتابعة وإقرار مسؤولية أي دولة على الأقل من الناحية الأخلاقية والقانونية، وهو الأمر الذي يأخذ وقتا طويلا. لذا، فالعبرة هي في الوقاية من هذه الهجمات التي قد تستهدف مؤسسات حسّاسة أو ذات خدمات أساسية، كالمؤسسات التابعة لقطاع الطاقة وغيرها.
من جهته، يرى أستاذ القانون العام بجامعة معسكر الدكتور أبوالفضل بهلولي، أن الهجمات التي تتعرض لها الجزائر قد حدّد مصدرها من طرف الأجهزة المختصة وهو ما يعطي لنا مؤشرا حول مدى جاهزية جهازنا الأمني في تحديد الأماكن التي تنطلق منها هذه الهجمات، وبالتالي يكشف لنا عن قدراته في التصدي لهكذا هجمات سيبرانية.
وأضاف المتحدث، أن الأجهزة الجزائرية المختصة، أعلنت أن أغلبية الهجمات آتية من مصدر واحد وهو نظام المخزن المغربي، وهذا ما يعطي لنا مؤشرا حول سياسة العداء الواضحة الصادرة من المخزن المغربي، بالإضافة الى أن الأساليب الخبيثة التي يستعملها جار السوء تخالف ميثاق الأمم المتحدة وتخالف كل المواثيق والقوانين الدولية التي تلزم الدول بالتعاون والتضامن فيما بينها وأن لا يكون هنالك أي تعدّ.
تحالف مخزني مع الكيانات الإرهابية
وذكر أن النظام المغربي أصبح يتحالف مع الكيانات الإرهابية المصنفة في القانون الوطني أو الدولي ويستعملها كوسائل لمحاولة الهجوم على الجزائر وهو ما يدخل ضمن إطار حروب الجيل الرابع والخامس؛ بمعنى الكيانات الإرهابية للتكنولوجيا والفضاء السبيراني. وأضاف محدثنا، أن هذا دليل على أن الكيانات الإرهابية التي تحاول التطاول على الجزائر مدعمة من قبل النظام المغربي في حملاتها عبر مواقع التواصل لزرع عدم الاستقرار والبلبلة.
بالإضافة إلى هذا يقول الدكتور بهلولي، إن النظام المغربي يدير آلاف المواقع التي تعمل على ضرب استقرار الوطن واستغلال أنصاف الفرص وحتى النوائب التي تصيب البلد من أجل زرع المعلومات الكاذبة والخاطئة بصفة خاصة والشعوب الإفريقية والعربية.
على الصعيد القانوني، أوضح أستاذ القانون العام بجامعة معسكر، أن الجزائر بعد جمعها للأدلّة وضبطها عليها أن تتوجه للمنظمات التابعة لهيئة الأمم المتحدة وتقديم شكوى ضد مصدر هذا العمل الخبيث واتهام مباشرة نظام المخزن المغربي والكيان الصهيوني. فمن ناحية القانون الدولي هذا يشكل نوعا من العدوان على دول ذات سيادة وهو مخالف لأهداف وميثاق الأمم المتحدة ومخالف كذلك للمبادئ العامة التي يقوم عليها القانون الدولي.
وأشار الدكتور أبوالفضل بهلولي، الى أن المشرّع الجزائري قام بعدّة إجراءات قانونية وتدابير أمنية، لاسيما القضائية وإعادة تنشيط وهندسة نظام قانوني مهم فيما يخص الحماية القانونية والقضاء على جميع أشكال جرائم الإلكترونية. وقام المشرع الجزائري بتعديل قانون العقوبات في عديد المناسبات لكي يتماشى مع المتطلبات والمتغيرات الجديدة، على غرار الأمر رقم 20/01 أين تدخل المشرّع الجزائري وأعطى حصانة أكثر لأجهزة الإعلام الآلي للتصدي لمثل هذه الجرائم الخبيثة.
من جهة ثانية يرى الأستاذ أبوالفضل بهلولي، أنه لابد من الإشارة إلى أن الجزائر، وفي إطار تنفيذ التزاماتها الدولية، لاسيما في مجال استخدام ومكافحة نظم المعلومات الإدارية لتقنية المعلومات، فالجزائر سنّت العديد من القوانين على المستوى المحلي من أجل منع الجرائم المتصلة بأجهزة الكومبيوتر ومكافحتها، كما أن الجزائر عملت على تعزيز التعاون في الأمن السيبراني والتعاون الدولي من أجل منع استخدام شبكات الانترنت في الجرائم المنظمة.وفي مجال التعاون الدولي، ذكر أستاذ القانون العام بجامعة معسكر الدكتور أبوالفضل بهلولي، أن الجزائر نفذّت العديد من الإنابات القضائية وكذلك تسليم المجرمين وأبرمت العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بنظام تسليم المجرمين كاتفاقية بودابست.
وعلى المستوى المحلي، يضيف الأستاذ بهلولي، أن المشرّع الجزائري تدخل عدة مرات أين قام بتعديل قانون العقوبات في سنة 2014، لاسيما حينما أشار الى نص المادة 394 مكرر وأعطى تعريفا للجرائم السيبرانية، على غرار الدخول الى أنظمة المعلومات والبقاء غير المشروع في أنظمة المعلومات وتعديل أو حذف المعلومة في المنظومة الناتجة عن الدخول غير المشروع.وأضاف محدثنا، أن المشرع الجزائري فيما يخص جرائم الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة عبر الانترنت من خلال طبيعة المعلومات المتعلقة بالحماية الخاصة، أنشأ اللجنة الوطنية للحفاظ على المعلومات، خاصة وأن الجزائر دخلت الإدارة الرقمية من جوازات السفر وبطاقات التعريف الوطنية وعدة مجالات أخرى.