يفرض الأمن المعلوماتي أو السيبراني، بعد تزايد التهديدات الإلكترونية، وضع سياسة وطنية للأمن المعلوماتي ثم تحيينها لتأمين سلامة المعلومات الوطنية، لاسيما الحساسة، تعزز وتدعم جهود الجزائر في هذا المجال، مع تبني إجراءات كثيرة وخطوات ينبغي تجسيدها وتعميمها على كل القطاعات، بحسب خبير تكنولوجيات الإعلام والاتصال يونس قرار، في هذا الحوار مقتضب لـ “الشعب”.
الشعب: بداية ما هي قراءتك لسلسلة الاختراقات التي تتعرض لها بعض مواقع المؤسسات الوطنية؟
يونس قرار: اختراق المواقع الإلكترونية أمر عادي وليس حالة خاصة بالجزائر، فحتى البلدان الكبيرة ومؤسسات عالمية تم اختراقها بصفة دورية من طرف أفراد وجهات مختصة، لأهداف معينة يعرفون جيدا اصطياد الثغرات في الأنظمة ويتم استغلالها، وهي تكيّف قانونا على أنها جريمة إلكترونية، ومن ثم فالتعرض للاختراق طبيعي، لكن لابد من تأمين أفضل للمنظومة المعلوماتية. وأشير هنا أن الشيء الجيّد، هو إعلان وكالة الأنباء عن تعرض موقعها للاختراق، لكن يجب أن يتبع ذلك باتخاذ إجراءات أكثر حماية واحترازا.
كيف تحدث مثل هذه الاختراقات، وهل هناك أسباب قد تؤثر على سلامة منظومتنا المعلوماتية؟
يجب أن نعلم أن هذه الاختراقات قد تتم لأسباب بشرية، بسبب التهاون أو الجهل بروابط الجوسسة، أو لسبب تقني من خلال عدم الاستعانة بالحلول الذكية كالبرامج الإلكترونية أو حتى عدم تحيينها، وإن اجتمع العاملان فهنا تكمن الكارثة، خاصة إذا كان بحاسوب العمل أو المؤسسة، وتحديدا بالمناصب الحسّاسة أو المؤسسات المهمة، فكثيرا ما تسبب العامل عبر نماذج في العالم بطرق الاختراق ودخوله لمختلف الروابط أو الفيديوهات في اختراق حواسيب مؤسسات بكاملها والاستيلاء على كم هائل من المعلومات التي قد تستغل ضدها مستقبلا والتجارب كثيرة.
ما هي الحلول التي يمكن اعتمادها للتخفيف من حدة هذه الاختراقات أو تجنبها؟
بداية يجب التفكير فيما يسمى بالسياسة الوطنية للأمن المعلوماتي، لتحصين جميع الأنظمة المعلوماتية لكل القطاعات ومتابعتها والاستعانة بالكفاءات وفرضها على كل المؤسسات والإدارات باستخدام برامج الحماية، لاسيما بالقطاعات الحساسة كالطاقة، الموارد المائية ذات العلاقة الوطيدة بالسيادة الوطنية أو الأمن الاقتصادي، ناهيك عن قطاعات أخرى كالصحة، العدالة وغيرها من الملفات الإدارية، التي يجب حماية قاعدة بياناتها ومعطياتها من الوقوع في يد الأعداء لتستخدم ضد المصالح الوطنية للجزائر والتسبب بأضرار لا يحمد عقباها.
فيجب على كل المؤسسات الوطنية، من بنوك وإدارات ووزارات، الاستعداد لمثل هذه الاختراقات، من خلال الوقوف على عدم جاهزية منظومتهم الحمائية وتحيينها. لهذا لابد من الاهتمام بجانب التكوين، بداية بالاستعانة بكفاءات مختصة في هذا المجال، إلى جانب تأهيل المورد البشري العامل بهذه المؤسسات لرفع مستواها الرقمي والإلكتروني وكذا وعيها بالمخاطر التي قد يتسبب جهله بها. واقتناء حلول ذكية من الخارج على أن لا يتم الارتباط بعميل واحد، بل الحرص على اقتنائها من عدة دول للحفاظ على الاستقلالية وتخفيف التبعية التكنولوجية لجهة واحدة. وبالموازاة مع ذلك، لابد الاستعانة بالخزان البشري بالجامعات والمعاهد لتطوير حلول جزائرية حتى لا نرهن أمننا المعلوماتي.
من جهة أخرى، لابد من عدم إهمال الجانب القانوني من خلال المتابعة القضائية لمرتكبي هذه الجرائم الالكترونية، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي وذلك بعد تحديد الموقع الجغرافي الذي انطلقت منه هذه الاختراقات، على غرار ما حدث لموقع وكالة الأنباء، وذلك من خلال استغلال بنود الاتفاقيات الدولية التي أبرمتها الجزائر والذهاب للمحكمة الدولية إذا تطلّب الأمر، باعتبارها تتوفر على هيئات مختصة وتقديم مختلف التفاصيل التقنية التي تثبت ذلك.
في كلّ مرة يتم طرح ضرورة تطوير توطين المحتوى الإلكتروني الوطني، ما مدى أهمية ذلك؟
توطين المعلومات أصبح ضروريا أكثر من أي وقت مضى، لهذا فتطوير المحتوى “بوان دي زاد”، خيار لا بديل له، خاصة وأن هناك تلاعب كبير بمعلومات الدول ودراسات كثيرة تقام لدراسة المجتمعات بناء على المعلومات المتحصل عليها من طرف الدول القوية. ولعل تجربة الولايات المتحدة الأمريكية في المجال كثيرة، لهذا يجب الذهاب بجدية نحو توطين الخوادم والمعطيات، لأن ذلك يدخل أيضا في إطار السياسة الوطنية للأمن المعلوماتي.