أصدقاء ثورة التحرير الوطني المباركة عبر العالم كثيرون، وفي جميع أقطار العالم، وفي فرنسا نفسها، ومنهم أولئك الذين وقفوا على الفظاعات التي ارتكبها الكولونياليون في حق الشعب الجزائري الأعزل، ورأوا رأي العين جرائم يندى لها جبين (الأنسنة) التي يمضغها الخطاب الفرانساوي، وفي هؤلاء عساكر تمرّدوا، ومثقفون أعلنوا العصيان، ومواطنون صدموا في خاصّة قيمهم..
وإذا كنّا نعتبر جان بول سارتر وبول ريكور، وآلان روب غريي، وموريس بلانشو، وفلاديمير يانكيليفيتش، وآخرين كثيرين، من أصدقاء ثورتنا المجيدة، فإن هؤلاء ناضلوا بفرنسا، وصدقوا في النضال حتى ذاقوا من الأهوال ما يبقى شاهدا على عنجهية الاستعمار. لكن هناك في الفرنسيين، أولئك الذين لم يجدوا حاجة في وطنهم، فأصروا على البقاء بالجزائر، وانضموا إلى صفوف الثورة، فكافحوا إلى جانب الجزائريين بكلّ ما أوتوا من عزم، وفيهم من دفع روحه ثمنا لنضاله، مثلما فعل موريس أودان، وآخرين لم يتقبلهم (الحمق) الكولونيالي..
ولم تقصّر الدولة الجزائرية، ولا الجزائريون، في حق أصدقاء الثورة التحريرية المباركة، وإنما منحتهم مكانتهم السامية التي تليق برقيّ معاني «الإنسان» في قلوبهم، وتليق برسوخ إيمانهم بحق الجزائري في الحرية، وحقّ الجزائر في الاستقلال، وعاملتهم معاملة المجاهدين الأشاوس، والأبناء البررة..
نذكر أن واحدا من زملائنا الإعلاميين، فكر في إجراء حوار مع المجاهدة الكبيرة إيفلين سفير لافاليت، فاستقبلته السيدة بدارها، وأكرمت وفادته، فلما بدأ الحوار خاطبها بصفة «صديقة الجزائر»، فاسقط في يدها، وقررت – كما يقرر المجاهدون الخلّص – أن لا تجري الحوار، وهي تقول له: أنا بنت الجزائر يا بني، ولست صديقتها..
وما يزال صوت إيفلين يأتينا من أعالي مدينة بن شكاو الشامخة، بقوة الإيمان بجزائر لا يمكن إلا أن تكون في مقام المحبة الأبدية..
الله يرحم الشهداء الأبرار، والله يجزي مجاهدينا عنا خير الجزاء..