«تحت شعار تعلم متى شئت وحيثما كنت”، يعكف المركز الوطني للتكوين والتعليم عن بعد، على تجسيد إستراتيجية لتطوير المهارات وترقيتها، وعمل على تكييف أنماط التكوين حسب العصرنة، وهذا بتفعيل أرضية رقمية في جوان 2022، رفعت عدد المسجلين إلى أزيد من 25 ألف متربص يستفيدون من نظام تكويني عالي المستوى، حسبما أكد المدير العام للمركز مراد بن لموفق في حوار لـ“الشعب”.
الشعب: كثير من الشرائح تجهل نمط التكوين عن بعد، حدّثنا عن هذا النمط تخصص المركز الوطني للتكوين والتعليم عن بعد؟
مراد بن لموفق: المركز عبارة عن مؤسسة عمومية يتكفل بثالث نمط للتكوين وهو التكوين عن بعد، أنشأ سنة 1984 كان في بادئ الأمر مركز عن طريق المراسلة، كون الجزائر كانت تضم 300 مركز للتكوين المهني، وحرصا على أن يكون التعليم لجميع الشرائح، أنشأ هذا المركز ليكون التكوين عن طريق المراسلة، حيث ترسل الدروس لطالبي التكوين عن طريق البريد والفروض تصحح عن طريق المراسلة وتعاد للمركز للتصحيح.
فيم تتمثل المهام الأساسية لمركز التعليم عن بعد؟
للمركز مهام عديدة، إعداد وتصميم المحتويات البيداغوجية وكذا الوسائل التعليمية الضرورية والملائمة لمجمل التخصصات المتوفرة وفق المقاربة بالكفاءات، إرسال الوثائق البيداغوجية للمتربصين وتحضير المتربصين للامتحانات المهنية، ويضمن أيضا المراقبة المنتظمة للمتربص، وتنظيم تجمعات بيداغوجية وتربصات تطبيقية دورية، ومرافقة المؤسسات العمومية والهيئات الخاصة في إطار عقود شراكة لضمان رسكلة أو تحسين المستوى المهني للعاملين بها، ونعمل على إعداد دورات للدروس عبر الوسائط المعلوماتية (أقراص مضغوطة والرسائل).
25 ألف متربص يستفيدون من منتوجاتنا والانجليزية ضمن التخصصات قريبا
ما هي الفئة التي يتوجّه إليها المركز؟
التكوين والتعليم عن بعد موجّه لكل الأشخاص، فمن خصوصياته وخلافا لمراكز التكوين المهني، أنه لا يضع شرط السن، عكس المراكز العمومية الأخرى تمنع ما فوق 40 سنة، ولا يشترط إجراء امتحان الدورات والتسجيلات تكون مفتوحة على مدار السنة، وتطبيق دروسه من القطاع، والمركز الوحيد الذي يصمم المحتويات البيداغوجية، وتدرس على المستوى الوطني، أما الفئة المعنية تتمثل في كل شخص يرغب في تحصيل تأهيل مهني، تحسین وتوسیع معارفه وقدراته وتطويرها، الراغبين في التحضير للامتحانات المهنية والحصول على شهادة دولة، وكذا كل عامل في إطار تكوين متواصل، إتقان المهارات المهنية وتغيير النشاط المهني.
هل هناك شريحة خاصة يوجه إليها هذا النمط من التعليم؟
طبعا، كما نعلم هناك مناطق بعيدة يصعب على سكانها التنقل إلى مراكز التكوين، حيث يعنى بهذا النمط التكويني سكان مناطق الظل، المرأة الريفية، والماكثة في البيت، بالإضافة إلى فئة ذوي الاحتياجات الخاصة لتعزيز فرص العمل لهذه الفئة، وإيجاد آليات مشتركة بين مؤسسات التكوين المهني مع سوق الشغل، من أجل معرفة احتياجات الطرفين.
كيف ذلك؟
نعمل في إطار تعاون دولي مع الاتحاد الأوروبي، والنمسا، على تجسيد عديد البرامج لفائدة ذوي الهمم، حيث تتكيف البرامج التكوينية مع طبيعة الإعاقة لكل شخص، وذلك بتوفير الوسائل لكل متكون سواء حاسوب برأي أو أي أجهزة أخرى يحتاجها الطالب المتربص.
في حديثكم عن التكوين، كيف ترون مراحل تطور العملية التكوينية لديكم؟
تطور مجال التكوين داخل المركز، وأصبح يستعمل الدعائم الالكترونية، فكانت صيغ إضافية أخرى، إضافة الى المطبوعات، الأقراص المضغوطة، أو إرسال الدروس عن طريق البريد الإلكتروني، لكن في جوان 2022 تم تفعيل الأرضية الرقمية عبر تطبيق “مودل”، حيث ترسل جميع الدروس، أو تكون مفتوحة للاختصاصات الموجودة بالمركز، ليتم تصفحها عن طريق الخط، وتجرى الامتحانات إلكترونيا، ماعدا الامتحان النهائي، وهذا لإضفاء الشفافية والمصداقية لشهادة التكوين والتعليم المهنيين.
هل هناك تكوينات أخرى لتحسين المستوى؟
فعلا، المركز إضافة إلى التكوين الأولي المتوج بشهادة، يضمن عدة تكوينات مخصصة للشباب حاملي المشاريع قصير الأمد لا تتعدى خمسة أيام، وكذا تكوينات لفائدة موظفي المؤسسات العمومية والخاصة لتحسين المستوى والرسكلة، ويضمن كذلك تنظيم أيام دراسية حول الأحداث الاقتصادية المتعلقة بقانون الاستثمار، قانون المالية يتجدد دوريا حسب الحدث.
تطوير التخصصات وجعلها أكثر مواكبة لاحتياجات الشغل
فيم يتمثل دور المركز في إطار التكوين والعروض؟
في إطار التكوين المتواصل والعروض ولتحسين وتطوير مستوى المؤسسات الوطنية، أعد دليل التكوينات المتوفر على الموقع الالكتروني للمركز، إلى جانب خدمات أخرى كالاستجابة لطلبات المؤسسات في مجال التكوين حسب الطلب والمرافقة في إعداد المخطط الخاص بالتكوين، علاوة على الأيام الدراسية التي تعني بمواضيع الساعة.
وكيف تتم هذه التخصصات؟
التخصصات تتم عن بعد، لكن هناك تجمعات بيداغوجية، بحيث يتم شرح ما تعذر فهمه عن بعد، وتكون حسب الشهادة المطلوبة، بحيث أن تربص التقني سامي مدته 30شهرا، التجمعات البيداغوجية كل ستة أشهر، ويضمن المركز أيضا تخصصات تعاقدية مثل سائقي سيارات الأجرة، ممرني مدارس تعليم السياقة، هذه التكوينات التعاقدية تتم مع وزارة النقل.
بحسب ما تفضلتم بذكره، فإن هناك تخصصات عديدة؟
طبعا، التكوين القاعدي، التأهيلي، والمعابر، تمس كل الشرائح، غير أن الفئات الأكثر استقطابا، الموظفين الذين لا يتمكنون من التنقل إلى مراكز التكوين المهني، والذين يزاولون الدراسة طوال الأسبوع، فهو يهدف إلى إعطاء فرصة للأشخاص المتواجدين في مناطق الظل، والأماكن النائية الخالية من المؤسسات التكوينية أو الذين لا يمكنهم الاستمرار في الدراسة تحت الظروف العادية أي متابعة البرنامج التعليمي التقليدي للتعلم، فشعار المركز “تعلم متى شئت وحيثما كنت”.
حدّثنا عن عدد المسجلين في الأرضية الرقمية عن كل تخصص تكويني؟
عدد المسجلين في التكوين الأولي عن بعد 15ألف و138متربص، التكوين التأهيلي 9831، والباقي تكوين متواصل أي ما تعداده أزيد من 25 ألف مسجل، وفي مجال التخصصات، يوجد 29 تكوين أولي و7 تخصصات عن طريق المعابر، هذا النظام عبارة عن تكوين مستمر يسمح للشباب الذي تحصل على شهادة الكفاءة المهنية أن يتحصل بعد ثلاث سنوات على شهادة أعلى تقني، أو تقني سامي عن طريق تكوين المعابر، وهذه التخصصات المتوجة بشهادة، هي نفسها المتواجدة بمراكز ومعاهد التكوين والتعليم المهنيين للمؤسسات التعليمية الأخرى.
ما هو جديد الصيغة التعليمية عن بعد؟
ما أشير إليه، أن حالة الغلق التي عاشتها الجزائر على غرار دول العالم بسبب جائحة كورونا، على غرار دول العالم، دفعتنا إلى البحث عن وسيلة للتواصل مع طالبي التكوين، وعلى هذا الأساس وتطبيقا لالتزامات رئيس الجمهورية بخصوص الرقمنة، ولضمان التكوين للجميع، بادر المركز الوطني للتعليم عن بعد، بإنشاء أرضية رقمية رفعت نسبة التسجيلات بـ 125 بالمائة عن ذي قبل، إلا أنها واجهت صعوبات تم تداركها، حيث تم اختزال “كود كبير” وتم نسخه عن طريق الهاتف ليتم الولوج مباشرة إلى حساب كل متكون متربص.
من خلال حديثكم، استخلصنا وجود الكثير من الامتيازات، فيم تتمثل؟
الأهم فيما أشرت إليه، عدم تحديد شرط السن، حيث يلعب هذا العامل دورا كبيرا في إقبال المتربصين على المركز الوطني، عكس نظرائنا في الحضوري، الدخول إلى المعاهد مرتبط بسن معين، كذلك التسجيلات فهي مفتوحة طوال السنة، بمجرد الحصول على رقم التسجيل والرقم السري يلج إلى التكوين.
بالعودة للحديث عن التخصصات هناك تخصصات إستراتجية تعمل الحكومة على تكييفها وفقا لمتطلبات سوق الشغل، ما رأيكم في هذا؟
بالنسبة للتكوين عن بعد، توجد تخصصات دقيقة، لا يمكن إجراءها عن بعد، مثل التخصصات التطبيقية البحتة، لكن المركز الوطني للتكوين عن بعد الإقبال عليه يكون على التخصصات التقنية البحتة، مثل الإدارة والتسيير مثل تسيير الموارد البشرية، التسويق، المحاسبة والتسيير التي تشترط شهادة التحكم المهني في المحاسبة للمترشحين الحائزين على مستوى الثانية ثانوي، أو شهادة التحكم المهني المحاسبة زائد سنتين خبرة مهنية للمترشحين الحائزين على مستوى أقل من الثانية ثانوي، الأنظمة الرقمية خيار المعلوماتية وشبكات المعلوماتية، لكن هذا لا يمنع من تنظيم دورات حضورية، مثل ما أقيم مؤخرا في صالون الشغل، أين حاضرنا على كيفية إنشاء مؤسسة ناشئة “ستارت اب”، وهناك تخصصات تم إدراجها مؤخرا تتعلق بحاملي المشاريع مثل تقطير مياه الأعشاب، كيفية صناعة الصابون الطبيعي، زراعة تحت الصوب، تربية الأغنام الأبقار، هذه تخصصات يسعى المركز لتطويرها ولكنها لا تجرى عن بعد، لأن شرط التطبيق ضروري في هذه الحالة.
بعد الخبرة الطويلة في المجال، ما هي التخصصات التي تستجيب للرغبات؟
تطور النظام التكويني في المركز حسب الطلبات، ففي السنوات الأولى من نشاط المركز كانت هناك 05 تخصصات وخلال سنة 2021، كان يتوفر بالمركز 26 تخصصا ما بين أولي ومعابر في كل المستويات، ومع بداية سنة 2022، تم إدراج أربعة 04 تخصصات جديدة، استجابة لرغبات المتربصين وسوق الشغل، تتمثل في ميادين التكوين عن بعد، الفلاحة، الألبسة والأنسجة، تقنيات الإدارة والتسيير، حرف الخدمات، الفندقة والسياحة والمعلوماتية.
نحن نتكلم عن التعليم عن بعد، ما هي إستراتجيتكم لترسيخ هذا النمط التكويني في التخصصات الدقيقة؟
المركز يعمل على تقديم دروس في شكل دعائم بيداغوجية متنوعة تراعي النمط عن بعد، من حيث التبسيط في المعلومات، وإثراء المحتويات بالشروح الكافية، كما تدرج التقييمات والتمارين المصححة ذاتيا بالقدر الذي يسهل استيعاب المعلومات في ذهن المتربص، مع إضافة التلخيصات التي من شأنها ترسيخ المفهوم العام للدرس.
هل هناك محاولات لتطوير المجال التطبيقي أكثر؟
طبعا، نحن نسعى إلى الربط بين الجانب النظري والتطبيقي من خلال وضع فيديوهات توضح كيفيه “التركيب” الجانب التطبيقي، وكذا إضافة فترة تطبيقيه تكون على مستوى المؤسسات أو الشركات حسب الاختصاص، في هذا الشأن لدينا اتفاقيات مع هيئات مختلفة للربط بين التطبيق والجانب النظري على مستوى تلك الشركات، يستفيد منها المتربصون لفترة معينة، وهناك أيضا عدة اتفاقيات أمضيت مع المركز وباقي الهيئات الإدارية والدوائر الحكومية، مثلا مع مديرية المنشآت العسكرية التابعة لوزارة الدفاع، مؤسسة “سوناطراك”، “نفطال”، شركة الخطوط الجوية الجزائرية، حيث تم الأسبوع الفارط تنظيم دورة تكوينية تخص التدقيق العالي الداخلي مع إطارات الشركة.
.. وهل تقدّمون تسهيلات للمتربصين للتوجه نحو الجانب التطبيقي؟
أكيد، نقدم تسهيلات للمتربصين للتوجه نحو الجانب التطبيقي، فالأمر نفسه ينطبق على ممرني سائقي سيارات الأجرة وممرني مدارس السياقة، في الجانب التطبيقي المركز من يوفر الوسائل لتمكين الطالب المتربص من مزاولة الجانب التطبيقي، لأن أهداف المركز ترتكز أساسا على المزاوجة.
بين الجانب النظري والتطبيقي، حتى تكون للشهادة قيمة تطبيقية أكثر، كذلك نعمل على تطوير التخصصات وجعلها أكثر مواكبة لاحتياجات الشغل، خاصة في مجال الطاقة الشمسية البيئة، إضافة إلى محاولات لإدراج الانجليزية مستقبلا
من خلال القيام بجلسة عمل مع دائرة اللغة الإنجليزية في السفارة الأمريكية للسماح باستعمال الروابط الإلكترونية لدراسة الإنجليزية، وستكون مجانا لمتربصي المركز وستدخل حيز التنفيذ خلال الأسبوعين القادمين.
فيم تتمثل خطة المركز لتطوير هذا النمط التكويني ؟
نعمل على توطين الدروس في المنصة التعليمية، مع تزويد الدروس بفيديوهات قصيرة المدة، بالإضافة إلى إدراج أساتذة أوصياء لمرافقة المتربصين المسجلين في المنصة التعليمية، مع وضع تقييمات أوتوماتيكية في المنصة التعليمية وتزويدها بمنتديات حتى يستطيع المتربصون التواصل فيما بينهم، بالإضافة الى القيام بالتجمعات البيداغوجية عبر الانترنت، مع الحرص على تغيير طريقة دفع مصاريف التسجيل عبر الخط “إلكترونيا” لتسهيلها على المتربصين.
ما هي آفاق تعاون المركز الوطني للتكوين والتعليم المهنيين عن بعد؟
المركز يسعى دائما لتوسيع مجال التعاون محليا ودوليا، حيث هناك على المستوى الوطني مشروع شراكة مع الديوان الوطني للتعليم والتكوين عن بعد فيما يخص وضع برنامج إعلامي وإشهاري من أجل الدفع بالنظامين عن بعد وتطويره أكثر، ولمد جسور للمسجلين من وإلى النظامين، مع تفعيل مكاتب مشتركة من أجل الاستقبال، التوجيه الإعلام والتسجيل، والقيام بعمليتي التعبئة والتحسيس لتسجيل المستفيدين، في حين على المستوى الدولي، تم إمضاء اتفاقية توأمة بين المركز الوطني للتكوين والتعليم المهنيين عن بعد والمركز الوطني للتكوين المستمر والترقية المهنية بتونس.