تخوض «جنرال أومبالاج»، إحدى الشركات الرائدة في صناعة الكرتون، تجربة نموذجية مميزة في مجال اقتحام الصناعة التدويرية، وتراهن على استرجاع الورق من النفايات لكبح الواردات، وتمويل قطاع التعليب ولومبالاج، وفي نفس الوقت، تراهن على إنتاج ما لا يقل عن 400 ألف طن من الورق والكارتون من خلال عملية الاسترجاع، بفضل مراكز التجميع الـ15، ومصنع سيقدم الكثير، خاصة فيما يتعلق بتوفير المادة الأولية لمادة الورق، عقب التهاب أسعارها بالأسواق العالمية.
قال محمد بسعة، المدير المكلف بالاتصال على مستوى شركة «جنرال أومبالاج»، الرائد في صناعة الكرتون الموجه للتعليب بالجزائر وحتى في إفريقيا، أن هذه الشركة الخاصة تصل طاقتها الإنتاجية في الوقت الحالي إلى أكثر من 200 ألف طن سنويا من الكرتون، ولم يخف بسعة – في سياق متصل – أن هذه الشركة تسعى جاهدة خلال الآونة الأخيرة من أجل إنشاء فرع جديد لاسترجاع الورق والكرتون المستعمل، ويهدف هذا الفرع في السنوات القليلة المقبلة، إلى النجاح في إنشاء مشروع مصنع بالجزائر لإنتاج الورق، وأوضح بسعة أن الورق المسترجع سيكون المادة الأولية المستعملة في عملية إنتاج الورق؛ لأن الجزائر في الوقت الراهن مازالت لا تنتج هذه المادة، وتستورد تقريبا مختلف احتياجاتها، أي ما هو موجه للتعليب وصناعة الكراريس والكتب والأوراق الإدارية وغير ذلك.
تلبية الطلب والتصدير للخارج
وحول مستقبل هذه الصناعة التدويرية القادرة على ضخ كميات معتبرة من المادة الاولية من دون اللجوء إلى القيام باستيرادها، وكذا أثرها الإيجابي الكامن في المحافظة على البيئة، لم يخف بسعة أنه يمكن القول إن الجزائر ليس لديها في الوقت الراهن صناعة ورقية كبيرة، غير أنها، وبالمقابل، تملك صناعة تحويلية مشجعة، وفوق كل ذلك، تحمل آفاقا إيجابية، في ظل وجود مشروع إنشاء مصنع كبير من شأنه أن يقفز بالطاقة الإنتاجية إلى مستوى 400 ألف طن من الورق الموجه، على وجه الخصوص، للتغليف، أي كل ما يتعلق بصناعة الكرتون، وهذه الكمية من شأنها أن تغطي مختلف الاحتياجات الوطنية.
وأشار المسؤول ذاته، إلى أنه من المقرر أن توجه حصة من هذا الإنتاج نحو التصدير إلى أسواق خارجية، علما أن هذا المصنع سيشغل 400 عامل، ويستحدث أزيد من 2000 منصب عمل بطريقة غير مباشرة و400 منصب بطريقة مباشرة، ومناصب الشغل غير المباشرة، تشمل المسترجعين الصغار للورق والكرتون المستعمل، أي أولئك الشباب الذين يجوبون الأسواق كي يسترجعوا الورق.
جدير بالإشارة، أن الشركة عكفت على فتح أربعة مراكز كبيرة لاسترجاع الورق والكرتون بالعاصمة، والكائن مقره بالدار البيضاء، ومركزا آخر بولاية وهران والثالث والرابع يتواجدان في ولايتي سطيف وبجاية، وخلال العام الجاري من المقرر أن يتم فتح مركزين، يكون أولهما في ولاية عنابة.
مشروع ضخم وواعد
وعلى صعيد آخر، اعتبر بسعة أن عملية استرجاع الورق تعد مرحلة جد ضرورية من أجل الوصول إلى مرحلة إنتاج الورق، على اعتبار أن الوصول إلى إنتاج الورق والكرتون المسترجع، يشكلان توفير المادة الأولية من أجل صناعة الورق، وتندرج هذه العملية ضمن ما يطلق عليه بالصناعة التدويرية.
واعترف بسعة أنه في حالة إذا لم يتمكنوا خلال السنوات القليلة المقبلة، من استرجاع كميات كبيرة من الورق، أي ما لا يقل عن 400 ألف طن، سيكونون مضطرين لاستيراد نفايات الورق من الخارج، ومن أجل تفادي هذه الخطوة، شرعوا بمرحلة فتح مراكز الجمع وتشجيع عملية رسكلة الورق، ووصلوا في الوقت الراهن، أي مع بداية هذه العملية، إلى استرجاع نحو 30 ألف طن سنويا من الورق، كما يرتقب، بعد استكمال فتح كافة الـ15 مركزا لاسترجاع الورق بالمدن الكبرى، سيتم القفز إلى رسكلة الكمية المطلوبة التي تسمح بفتح هذا المصنع، علما أنه في الوقت الحالي الكمية مؤقتة، وموجهة إلى التصدير، ولكن رغم ذلك، تم خلق دينامكية كبيرة، في ظل تسجيل العديد من الناشطين الصغار الذين يتوافدون على مراكز الجمع المفتوحة، وعلى سبيل المثال، في مركز الدار البيضاء بالعاصمة، يتوافد أصحاب الشاحنات الذين يجمعون نفايات الورق، بشكل مستمر وكثيف، ويدفع لهم ثمن ما أحضروه من كرتون فتستفيد الشركة والمشاركون في عملية الجمع.
ومن سلسلة الأهداف والخطط المستقبلية لعملية الرسكلة، بالإضافة إلى استحداث فرص عمل جديدة، يوجد أثر جد إيجابي على البيئة، على خلفية أن الكميات المسترجعة ينتظر منها تخفيف العبء على البيئة، كون الجزائر وعلى ضوء أرقام الوكالة الوطنية للنفايات، تنتج حوالي 1.2 مليون طن النفايات الورقية، لهذا، سطر هدفا جوهريا لاسترجاع 400 ألف طن، ولأنه بالنسبة للورق والكرتون قضية حجم وليس ثقل.
وتحتاج عملية توفير الورق إلى إقامة إستراتجية؛ لأنها أساس وجوهر مختلف الصناعات التي تحتاج إلى التغليف والتعليب، وكل المؤسسات تحتاج إلى الورق من إدارات ومدارس، إذ لا يمكن أن نتخيل حياتنا دون ورق، وفي الأخير، قال بسعة بأنهم جد متفائلين بفعل ثقل «جنرال أومبلاج» كشركة كبيرة، ولديها إمكانات كبيرة لتصل في وقت سريع لا يتجاوز سنتين أو ثلاث، في تجسيد هذا المشروع الضخم والواعد في الوقت نفسه.