من حسنات العمل عن بعد، واستغلال الوسائل التكنولوجية الحديثة، أنّه يخفّف أعباء التنقل، ويسمح بأداء الواجب دون عناء، ما يعني أن المنتج يكون أفضل، والأداء يكون أعلى، وهو ما يضمن الدينامية التي يتطلبها أي عمل، ولقد نجحت كثير من القطاعات ببلادنا، في تطويع التقانة لهذه الغاية، وحققت أهدافها باقتدار كبير..
ولا نعتقد أننا في حاجة إلى الحديث عن قيمة العمل، فالناس جميعا (عربا وعجما) يتعارفون على أنه «شرف رفيع، وواجب ملزم»، غير أن الوسيلة التقنية التي كان ينبغي أن تضيف إلى القيمة، صارت – في بعض المواطن – تنتقص منها، وتؤدي وظيفة معكوسة، تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة من استغلال الوسائل المستحدثة، فقد صار في متناول (المتهرّب من الواجب) أن يدّعي بأنه (لم يقرأ رسالة)، مع أنها (تزقزق) له في هاتفه ساعة دخولها، أو يتذرع بـ (انقطاع الريزو)، كما هي الحال في بعض المؤسسات الخدماتية، مع أن (سيدنا الريزو)، تطوّر تطوّرا مذهلا، ولم تعد حاله كمثل ما كانت في تسعينيات القرن الماضي..
وإذا وضعنا في اعتبارنا أن التقانة أثبتت فاعليتها في جميع أنحاء العالم، نجد أنفسنا مضطرين للعودة إلى مالك بن نبي، كي نقول معه إن «الفعالية» تتحدّد على مستوى «الأفكار» وليس على مستوى «الأشياء»، ومن ذلك أن الموظف الذي يبيّت النّية على (الرّقاد المستدام)، لن ينتفع بالكمبيوتر، ولا بـ (بقراءة الفنجان)؛ لأن المشكلة أصلا فيما يصفه بن نبي بـ»الأفكار القاتلة» و»الأفكار الميتة» التي لا تنسجم مع الإمكانات المتاحة، بل تحوّلها إلى مجرّد (بلاستيك) لا يغني شيئا في تحقيق الدينامية المطلوبة..
وفي كل حال، يبقى العمل قيمة عليا، وهو ينتفع بالتكنولوجيات الحديثة، ويستفيد منها، حتى إن (قرصنها) الكسالى، فهي تقدم الأدلة على كسلهم أيضا..