توافد كبير على الطبعة الثالثة للصالون الدولي « للمعمار الذكي builtec « بقاعة العروض الكبرى «أحمد باي» بقسنطينة، للمهتمين بالبناء المعماري الحديث واهتمام أكبر من طلبة وأساتذة الهندسة المعمارية.
يشارك 60 عارضا في الصالون جاؤوا من 58 ولاية، الى جانب مشاركة عارضين لشركات مزدوجة الجنسية، جزائرية وأجنبية، على رأسهم المتعاملة مع الشريك السوري، التونسي والإيطالي والتي تملك منتوجات حديثة، إلى جانب شركاء مؤسسة ميديا سمارت، في مقدمتهم الوكالة الوطنية لتثمين نتائج البحث العلمي والتي تنضوي تحتها عدة مؤسسات ذات بعد اقتصادي علمي على رأسهم المدرسة الوطنية التقنية للهندسة والتعمير، مركز البحث للبيئة، الوكالة الوطنية لترشيد استعمال الطاقة ومجمع الهندسة والدراسات، المجلس الوطني للمهندسين المعماريين ومركز البحث في الطاقات المتجددة، فضلا عن مشاركة مؤسسة تراث المدينة والعمارة والمجلس الوطني للمهندسين المعماريين.
تكنولوجيات عالية وتقنيات حديثة تعرضها مؤسسات لتعزيز المباني وتقليل الطاقة
تحدثت «الشعب» مع مدير شركة ميديا ستار سيف الدين صالحي، فأكد أن الطبعة الثالثة للصالون الوطني للبنايات الذكية builtec» تهدف إلى اكتشاف أهم التقنيات المبتكرة الجديدة في قطاع البناء والتشييد وإقامة شراكات مثمرة والتواصل مع الفاعلين المعنيين حسب مجالات نشاطهم ولزيادة وضوح مكانة المشاركين والعارضين بالأسواق المحلية، الوطنية والدولية إلى جانب معرفة مشاكل القطاعات المختلفة الموجودة بفضل أجنحة builtec، تحسين صورة العلامة التجارية وسمعة الشركات وإقامة شراكات إستراتيجية بين الفاعلين المعنيين من أجل تعزيز المباني ذات التقنيات الحديثة وخلق استقلالية في الطاقة، ليضيف أن الصالون فرصة رائعة للشركات العاملة في مجال البناء والتقنيات الجديدة والطاقات المتجددة لفهم كيفية تقدم صناعة البناء والتكيف مع عصر التكنولوجيا، ويوضح فائدة معرفة كيفية استخدام البرامج مثل «اوتوداسك» في البناء والعمارة الحديثة، ليجمع «بيلتاك» جميع مراحل البناء والتخطيط من خلال خلق تكامل حقيقي في التخصصات المختلفة عن طريق تحقيق إدارة كاملة للمباني ليكتشف الزائر جميع إمكانيات المبنى الذكي من حيث أداء الطاقة، الراحة والأمان.
الصالون فرصة لتعزيز الابتكار واستخدام التقنيات الحديثة
وأضاف المتحدث في السياق أن الصالون الدولي للبنايات الحديثة والتكنولوجيات الجديدة، سيقدم العديد من المزايا للشركات ووسائل ممتازة للبحث عن عملاء محتلين جدد من خلال مقابلة أكبر عدد ممكن من الأشخاص، وتوفير الفرصة للتعرف على حالة القطاع والاتجاهات الجديدة من خلال المشاركة في المؤتمرات إلى جانب إمكانية عرض المنتجات والخدمات الجديدة من خلال التفاعل المباشر مع العملاء المحتملين، باعتباره صالون لبناء قاعدة عملاء التي تعتمد على جمع تفاصيل الاتصال من الزوار المهتمين، موفرا في ذات الشأن إمكانية مراقبة السوق من خلال مقابلة المنافسين وفهم اتجاهات السوق، لتتمكن الشركات من تحسين منتجاتها، لتعتبر المشاركة حسب المنظمين طريقة لتأكيد مكانة الفرد في السوق، كما يعتبر حدثا يعزز الابتكار واستخدام التقنيات الحديثة ويساعد المشاركين على اكتشاف التقنيات الجديدة، خاصة تلك المتعلقة بالتكنولوجيا وتطبيقاتها العملية، ويمكن العارضين من مشاركة أفكارهم المبتكرة مع الجمهور ويسمح للشركات بمواكبة المنتجات والخدمات الجديدة المتاحة في السوق، بالإضافة إلى أن الحدث يوفر منصة لمحترفي الصناعة للتعاون من خلال تقديم ابتكاراتهم للسوق بشكل أسرع، مضيفا أن العرض هو استثمار ممتاز لأي شخص يريد الاستمرار على المنافسة في سوق مزدهر، ويعتبر حدثا مهما للشركات والأفراد الذين يرغبون في اكتشاف طرق جديدة لاستخدام التكنولوجيا، سيما مع مشاركة 60 عارضا ليقدم المعرض مجموعة متنوعة غير مسبوقة من الأفكار المبتكرة التي يمكن تطبيقها على جميع القطاعات الصناعية والتجارية، فضلا عن اعتباره مكانا ستولد فيه العديد من الابتكارات الواعدة بفضل العمل التعاوني الذي يقوم به الجميع رفقة المؤسسة المنظمة.
أجنحة لابتكارات حديثة أبطالها أطفال الذكاء الاصطناعي
وفي زيارتنا لأجنحة المعرض الذي تشارك فيه مؤسسات ناشئة، شركات ضخمة، طلبة جامعيون، أطفال عباقرة لهم ابتكارات حديثة في مجال الروبوت والذكاء الاصطناعي، والتي توقفنا من أجل معرفة رواد هذا المجال العلمي، حيث أكدت لنا الأستاذة «صرارمة مريم»، رئيسة جمعية جيل التكنولوجيا ومديرة نادي التميز العلمي بقسنطينة، أنهم يهدفون إلى خلق فضاءات تعليمية للأطفال واليافعين لإدخالهم عالم التكنولوجيا والبرمجة والذكاء الاصطناعي من خلال نادي الأطفال الناشط في عدة بلديات من ولايتي قسنطينة وأم البواقي، حيث يتيح النادي الفرصة لتطوير مهارات الأطفال واستثمار أوقات فراغهم، حيث يتم تقديم برامج تعليمية ثرية ومتنوعة بمعايير عالمية مدروسة بعناية، تلبي مختلف الاحتياجات، تكون في معظمها في شكل ورشات أسبوعية مكثفة، تهدف إلى الاستثمار في أوقات فراغ الأطفال خلال العطلة في جو علمي تنافسي ترفيهي ممتع، كما تسعى إلى منح الفرصة للأطفال الذين يتعذر عليهم المشاركة في برامج الموسم لدخول عالم التكنولوجيا، البرمجة والذكاء الاصطناعي، لتضيف أن أول درس يتم تلقينه للأطفال في التكوين، هو العمل مع روح الفريق، حيث أن نجاح فرد واحد يعني نجاح الفريق بصفة عامة.
وقالت الأستاذة صرارمة، أن تسجيل الأطفال في النوادي مرتبط بمدى إقبال الأولياء على الفضاءات المخصصة لهم في هذا المجال الشيق جدا ـ تقول ـ الذي أصبح يستهوي الأولياء والطفل بعد التسجيل في التكوين، حيث يخرج الطفل من روتين التدريس والدروس الخصوصية ولا يؤثر على جانب التدريس النظامي، موضحة أن تلاميذا قدموا إلى النوادي بمستوى متوسط في الفصل المدرسي، وبعد ربط نوعية التكوين بمستواهم في المدرسة ثم تدريبهم على التميز لتحسين مستواهم، في مجال جديد يستلزم تعلم اللغة، الإلقاء وبذل مجهود في البحث والتحضير للدروس.
وواصلت المتحدثة، أن التكوين في المنظومة يضمن توظيف المكتسبات التي تحصل عليها التلميذ من البرامج التعليمية ومواضيع المسابقات التي تساير أحداث الساعة، كالطاقات المتجددة في التحضير المسبق لدروس موجودة في المناهج، مؤكدة أن المشاركة الجزائرية قوية في المسابقات الدولية، خاصة في برامج الطاقة واستغلال العقول لإيجاد طاقة بديلة، خاصة مع مشاريع الدولة على غرار السيارات الكهربائية باستغلال الألواح الكهربائية.
الأصالة والمعاصرة تحدي مؤسسة التراث والمدينة والعمارة
تحدثنا مع رئيس مؤسسة التراث والمدينة والعمارة، المعماري فريد بن سالم، الذي أكد أن المؤسسة تهدف للحفاظ ودفع التراث كرافد من روافد الأمة التي تدافع أساسا عن الهوية الوطنية، لاسيما وأن الجزائر تتميز بموقعها الإستراتيجي، وبمسألة التدافع الحضاري الذي مر عليها بدءا من العصر الفينيقي للروماني، حيث صنع تراثا ماديا ولاماديا متنوعا وثريا، إذ يتم العمل على بعث التراث الجزائري باعتبار أن العمارة هي أكبر دليل على الحضارة، لأن كل الحضارات الغابرة تركت شواهد عمرانية على غرار أهرامات مصر، لميسلات، المسرح الروماني، قرطبة بإسبانيا.
محاضرات علمية وموائد مستديرة لمبتكري التكنولوجيات الحديثة
وشهد الصالون الدولي تنظيم موائد مستديرة شاركت فيها الوكالة الوطنية لتثمين نتائج البحث العلمي وشركائها، هذه الأخيرة ستلعب دورا كبيرا من أجل تثمين نتائج البحث العلمي من خلال وضع على مستوى مخابرها تحت المجهر أي منتج أجنبي أو مادة أولية في قطاع البناء، تقوم بتحليلها لدراسة مدى إمكانية إنتاجها محليا بأقل سعر ممكن، وبالتالي تساهم في التقليل من فاتورة الاستيراد والمعروفة بالهندسة العكسية، إلى جانب إمكانية تبنيها للمشاريع وكذا أفكار المشاريع على أرض الواقع، لاسيما منها القابلة للتجسيد، هذا إلى جانب جناح «بي. تو. بي» ذو البعد الاستثماري والذي سيعرف حضور رجال أعمال من داخل وخارج الوطن المهتمين بخلق علاقات تبادلية منفعية ذات بعد اقتصادي محض، وشراكات وطيدة على غرار الشريك التونسي من خلال معرض «قابس الدولي»، الذي وقع اتفاقية شراكة مع مؤسسة «ميديا سمارت»، جناح الفنون والعمارة والذي يحتوي على أزيد من 8 عارضين من مهندسين معماريين جزائريين يقومون بعرض أكثر من 20 مشروعا.
وتم تنظيم محاضرات وورشات عمل بمشاركة واسعة للأساتذة الجامعيين وخبراء في القطاع ومبتكرين من داخل الوطن ومن خارجه، في مقدمتهم كندا وإيطاليا ودبي، ومن بين هذه المحاضرات محاضرة البناء المستدام والبيئة والمناخ الحضري المحاصر للدكتور «سيف خياط» والذي قدم لمحة عامة عن تأثير الطاقة الشمسية والأشعة فوق البنفسجية من خلال النوافذ الزجاجية للجدران في المباني السكنية والمكتبية، حيث ساهمت العديد من الدراسات في تبني سياسات وممارسات مبتكرة ومستدامة أدت إلى تطوير مواد جديدة تقلل من الآثار السلبية للأشعة الشمسية، حيث تطرق لمدينة دبي كنموذج في محاضرته باعتبارها أول مدينة في الخليج، تشهد طفرة إنشائية غير مسبوقة، لاسيما المباني والسكنات والمكاتب بها، حيث تؤكد الدراسة أهمية تقنية التزجيج في تقليل التعرض لحرارة الشمس والأضرار التي تسببها الأشعة فوق البنفسجية، ما يساهم في الحصول على منازل ومكاتب أكثر صحة واستهلاك أقل للطاقة وتأثيرات أقل على البيئة من خلال اعتماد المعايير التي حددتها دراسات مماثلة، وعليها فإن مدن الجزائر ولاسيما تلك الموجودة في جنوب البلاد، ستضع نفسها في طليعة التنمية الحضرية المستدامة لتنضم إلى مدن كبيرة عبر العالم، على غرار نيويورك، وسان فرانسيسكو، واشنطن العاصمة وسياتل ولندن وأمستردام.
من جهته، الدكتور «رفيق بلعربي» ومن خلال محاضرته التي كانت بعنوان «البناء المستدام والبيئة والمناخ الحضري» أكد أن البناء هو قطاع رئيسي للنمو الأخضر في أوروبا، فرنسا، وأنه المسؤول عن أكثر من 40٪ من استهلاك الطاقة وما يقارب 28٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وأن المبنى أيضا أحد أكبر منتجي النفايات المتولدة خلال مرحلتي البناء والهدم حيث يتم إنتاج 20 مليون طن من النفايات سنويا في فرنسا، ليتم اختيار قطاع البناء باعتباره أحد المجالات ذات الأولوية في خطط العمل الحكومية المختلفة، ليضيف أن هذا الترتيب للأولويات يخلق أيضًا فرص عمل، إذ أن الحد من التأثير البيئي للمبنى يمر أولاً من خلال تقليل استهلاك الطاقة (التدفئة، مكيفات الهواء، وما إلى ذلك)، فهي أيضًا مسألة تعزيز استخدام المواد ذات التأثير الأقل (أو المواد البيئية) وتحسين رسكلة نفايات البناء، مركزا في عرضه التقييمي على العوامل المختلفة التي يمكن استخدامها أثناء عمليات البناء وإعادة التأهيل ليس فقط لضمان الأداء الأمثل للطاقة والأداء البيئي للمباني، ولكن أيضًا لتقليل المشاكل المواجهة في العمران الحضري.