حققت الجزائر في السنوات الأخيرة مؤشرات إيجابية في مجال العدالة الاجتماعية بالنظر إلى نظام الأجور ومنظومة الضمان الاجتماعي اللذان تقوم عليهما السياسة الاجتماعية في بلادنا، وتعكف على تجسيد هذا الالتزام من خلال التضامن الاجتماعي وحماية الفئات الهشة، في سبيل تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
العدالة الاجتماعية بالجزائر عنوان كبير لمجموعة من الإجراءات والتدابير المستعجلة منها والمتدرجة اتخذت في إطار رؤية مندمجة تستلهم روحها من بيان الفاتح نوفمبر لتترجم جوهر التوجهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تبنّاها رئيس الجمهورية سواء في تعهداته، أو ما تمّ تجسيده بالفعل في الميدان.
وحسب عمار قمري المفتش العام للعمل، تقوم العدالة الاجتماعية في الجزائر على مبدإ تكافؤ الفرص وعدم التمييز سواء على الأساس العرقي أو الجنسي وحتى الجغرافي أو الانتماء السياسي، وعززت ذلك بسن قوانين تحارب كل أشكال التمييز.
زيادات في الأجور للحفاظ على القدرة الشرائية..
ففي مجال التشغيل قرر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون العديد من التدابير ترمي للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن الجزائري، ففي سنة 2020 تم تسجيل أربع محطات هامة للزيادات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة انطلاقا من شهر جوان 2020، حيث تمت مراجعة الأجر الوطني المضمون ليصبح 20 ألف دج بعد أن كان 18 ألف دج.
وفي جانفي 2021 تم إعفاء الدخل الإجمالي للأجور من الضريبة، وشملت الأجور التي تقل عن 30 ألف دج، وفي مارس 2022 تم مراجعة سلم الضريبة على الدخل الإجمالي التي تشمل كل الأجور والزيادات بـ 50 نقطة استدلالية، وفي شهر جانفي المنقضي تم إقرار زيادات معتبرة للوظيف العمومي والتي ستتبع في السنة المقبلة بزيادات أخرى في الأجور.
وأوضح قمري أن هذه الزيادات تعزّزت بجملة من الإجراءات لحماية القدرة الشرائية للمواطن من كل أساليب وأشكال المضاربة والاستغلال بتفعيل جملة من السياسات للحفاظ على القدرة الشرائية وتحسينها وتحقيق مفهوم الأمن الاجتماعي، فكان التدخل في كل مرة بقوة وبعقوبات شديدة أطاحت بالكثير من المضاربين وكل من سوّلت له نفسه المساس بقوت المواطن الجزائري.
حوالي 2 مليون مستفيد من منحة البطالة..
واهتماما بفئة الشباب وحفاظا على كرامتهم ومساعدتهم على الاندماج في عالم الشغل، تم استحداث الحق في الحصول على منحة البطالة لفائدة طالبي الشغل لأول مرة وحتى المحبوسين الذين استنفذوا عقوبتهم أثناء فترة البحث عن منصب شغل، مع ضمان تغطية اجتماعية لهم وإمكانية مزاولة تكوين مهني لمدة قصيرة من أجل تحسين أهليتهم التشغيل.
وقد استفاد من منحة البطالة 1مليون و900 مستفيد والرقم مرشح للارتفاع، والذي يتزامن مع دخول القيمة الجديدة لمنحة البطالة المقدرة بـ 15 ألف دينار ابتداء من شهر جانفي الفارط، فيما تم توجيه أزيد من 68 ألف مستفيد من منحة البطالة إلى مناصب عمل دائمة، وتم تنصيب أكثر من 6.500 مستفيد في مناصب عمل دائمة، وتوجيه أكثر من 359 ألف مستفيد من منحة البطالة نحو التكوين والتأهيل، ناهيك عن إرسال 45 ألف رسالة قصيرة للموجهين نحو التكوين والتأهيل من أصل 70 ألف موجه نحو التكوين دورة فيفري الجاري.
في المقابل تعتبر الحقوق والمكتسبات المقررّة لصالح الطبقة الشغيلة وعائلاتهم وحتى للطبقات الهشة، على غرار التأمينات ونظام العطل وتحديد المدة القانونية للعمل ومنع استغلال النساء والأطفال، ناهيك عن المنح والتعويضات عن الأمراض المهنية والأخطار كلّها مستقاة من المواثيق والمعاهدات الدولية.
تعزيز منظومتي الضمان الاجتماعي والتقاعد..
في سياق آخر حافظت الدولة رغم كل التحديات الاقتصادية والاجتماعية وحتى الصحية التي أفرزتها جائحة كوفيد-19على منظومتي الضمان الاجتماعي والتقاعد وتعزيزهما، حيث تم مرافقة المتعاملين الاقتصاديين والأشخاص غير الأجراء الذين يمارسون نشاطا لحسابهم الخاص وتضرروا بسبب كورونا من خلال تدابير استثنائية للإعفاء من الغرامات والزيادة عن التأخر في دفع اشتراكات الضمان الاجتماعي لـ 662.927 مستفيد.
وعكفت أيضا على تنويع الآليات الرامية إلى المحافظة على المنظومة الوطنية للضمان الاجتماعي، من خلال تعزيز التعاون الإداري، من أجل توسيع قاعدة المشتركين والحد من التهرب شبه الجبائي قدر الناشطين الجدد المنتمين للضمان الاجتماعي سواء على مستوى الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية، أو على مستوى صندوق التأمينات الاجتماعية للعمال غير الأجراء، ناهيك عن تعزيز التغطية الاجتماعية للعمال غير الأجراء الذين يمارسون نشاطاً لحسابهم الخاص، وذوي حقوقهم من خلال إدراج أحكام تسمح بالاكتتاب في جدول زمني للدفع من أجل الاستفادة من الخدمات العينية للضمان الاجتماعي.
من جهة أخرى، تم توسيع منظومة التقاعد إلى الرعايا الجزائريين المقيمين بالخارج من خلال المصادقة على مشروع جهاز تنظيمي يتيح للمواطنين الجزائريين الذين ينشطون خارج التراب الوطني وغير الخاضعين للانتساب الإجباري، بالإضافة إلى إمكانية الانتساب بصفة إرادية للمنظومة الوطنية للتقاعد.
من جهة أخرى، لم تغفل الدولة عن فئة المتقاعدين، حيث حرصت على تحسين القدرة الشرائية للمتقاعدين من خلال الزيادة في المعاشات والمنح برسم سنتي 2021-2022 بنسب تراوحت من 2 إلى 10% مع الإشارة إلى أن هذه الزيادة التي تم تقاضيها اعتبارا من الفاتح ماي 2023 خصت 3.362.171 مستفيدا على مستوى الصندوق الوطني للتقاعد و309.688 على مستوى صندوق التأمينات الاجتماعية لغير الأجراء، وترتب عنها أثر مالي إجمالي قدره 93.44 مليار دينار بالنسبة للفترة 2011-2012 للمتقاعد.