يقدّم الدكتور شفير أحمين، أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الجزائر، ومستشار سابق لدى المركزية النقابية، تشريحا دقيقا ومستفيضا عن المكاسب المهنية والاجتماعية، والتنمية الاقتصادية المحقّقة في عالم الشغل، ورسم برؤية استشرافية لأفق ومعالم التحوّل الذي تشهده الجزائر في ظلّ الإرادة القوية لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، من أجل بناء اقتصاد منتج عبر استغلال كافة الامكانات والقدرات المتاحة.
«الشعب»: يحتفي العمال والاتحاد العام للعمال الجزائريين في يوم 24 فيفري بالذكرى الـ67 لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين.. ماذا يمكن الاستلهام من هذه المحطة الرمزية الساطعة؟
الدكتور شفير أحمين: تُعدّ هذه الذكرى حدثا هاما ومحطة أساسية في تاريخ الجزائر والاقتصاد الوطني، وعلى خلفية أنها ذكرى مزدوجة تمّ فيها تأميم المحروقات، وجاء كهدف استراتيجي هام، وكان قرار استرجاع الثروات الوطنية تاريخيا شجاعا استعمل كأداة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومهد لبناء قاعدة صناعية واقتصادية مهمّة، ولأن المحروقات تلعب دورا أساسيا في الاستقرار وتوجيه الثروة الوطنية لبناء اقتصاد قوي، وهنا نستذكر مقولة الرئيس الراحل هواري بومدين «نزرع البترول لنجني التنمية». لذا نفتخر ونحرص كما الأجيال المقبلة على الحفاظ على هذه الثروة..
وتستوقفنا ذكرى تأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، لإعادة التذكير بدور الاتحاد في التاريخ الجزائري الاقتصادي والاجتماعي، لأن تأسيسه أعطى قوّة ودفعا للثورة التحريرية المجيدة، مجندا القوى العاملة للانخراط في نضال الحركة الوطنية وتحرير الجزائر، ولقد قدّم الاتحاد تضحيات على رأسها قيادات نقابية يتصدّرها عيسات إيدير، ويضاف إلى ذلك دور الاتحاد في عملية البناء الوطني منذ الاستقلال وتضحيات العمال من أجل إرساء اقتصاد وطني منتج ومستقل.
ما رأيك في أهم المكاسب المحقّقة على المستوى الاجتماعي بالجزائر؟
يجب القول بفخر واعتزاز إن الجزائر من البلدان القليلة التي تكرّس في الميدان مسألة بناء الدولة الاجتماعية التي تضمّنها بيان أول نوفمبر، في ظلّ تسجيل مكاسب كبيرة فيما يتعلّق بمنظومة الحماية الاجتماعية، لأنها من المنظومات الأكثر تطورا عربيا وافريقيا باعتراف العديد من المختصين، ويضاف إلى ذلك أن الجزائر تعتبر الدولة الوحيدة المصنّفة ضمن بلدين أو ثلاثة بلدان، لديها نظام التأمين عن البطالة.. الجزائر تخصّص جزءا معتبرا من ميزانية الدولة فيما يخصّ التحويلات الاجتماعية، ويجب القول إنها مكسب الدولة الوطنية الاجتماعية، وتضمنها بيان أول نوفمبر، وهذه التحويلات تقوم بدور اقتصادي كبير، وهناك من لا ينتبه إلى هذا الدور، لأنها في الحقيقة تخلق الطلب وتدفعه، فمنحة البطالة تدعّم الطلب، ومن خلال ذلك نضمن الدورة الاقتصادية، ومن المفروض أن نشجّع على الإنتاج، وهذا سيخلق مناصب الشغل، ومعناه توزيع للمداخيل، وهذا يؤدي بالتالي إلى رفع الطلب وندخل في دورة اقتصادية إيجابية وهذا المطلوب، ولأن السياسة الاجتماعية والتحويلات الاجتماعية لديها دور كبير في الاستقرار الاجتماعي والسياسي، ونؤكد أن السياسة الجزائرية في هذا المجال صائبة وتمنع أي محاولات خارجية لزعزعة الانسجام والاستقرار الاجتماعي.
كيف ترون أثر الزيادات في الأجور ومعاشات المتقاعدين واستحداث منحة للبطالة في دعم القدرة الشرائية؟
يمكن وصفها بالقرارات الشجاعة والصائبة، كما يجب أن تشجّع أكثر بالنظر إلى الدور الذي تلعبه اقتصاديا، وكذلك أثرها في ضمان الاستقرار، ولكن يجب الانتباه، ولابد من إدراج كل هذه القرارات في إطار سياسة اقتصادية شاملة، وهو ما يحدث بالفعل مع القرارات الصارمة والجادة في مجال دفع الإنتاج الوطني وتطوير قدرات الاقتصاد الوطني عبر تطوير المؤسسة الإنتاجية.
هل سيكون تشجيع ريادة الأعمال على مستوى الجامعة مفتاحا لحل مشكل البطالة؟
ريادة الأعمال.. مشجّعة جدا، ومهمة، ومن الضروري تحقيق الانتقال إلى الاقتصاد الرقمي واقتصاد المعرفة، لأن ريادة الأعمال والمؤسسات الناشئة، ولا نغفل مختلف السياسات لتشجيع المؤسسات الناشئة وكل برامج التشغيل الموجودة، لأنه لا يمكن أن تحقق النتائج دون سياسة اقتصادية شاملة يكون هدفها النمو والتنمية وتطوير القطاع الصناعي، ومن منظور الثورة الصناعية الرابعة، وهذا يخلق مناصب الشغل، ويشجّع توسيع ريادة الأعمال ودمج سياسات التشغيل في إطار سياسة كلية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.