أصبحت المملكة المغربية قاب قوسين أو أدنى من الانفجار، وسط تصاعد متواصل للسخط الاجتماعي، لم تمتصه الوقفات الاحتجاجية المطلبية التي كثيرا ما تحولت من احتجاجات ضد الارتفاع المهول للأسعار إلى أخرى مناهضة للقمع وخنق حرية التعبير، في ظل مضي حكومة أخنوش ومن والاه في الاغتناء على حساب الملايين الذين يعيشون الأمرين، حسب ما أكده الاعلامي والكاتب المغربي عبد الرحيم التوراني.
وقال الكاتب المغربي في مقال له نشر في شبكة “الحرة” الالكترونية، تحت عنوان “هل يسير المغرب في اتجاه انفجار اجتماعي؟”، أن حالة من الاستياء العام ومن تصاعد السخط الاجتماعي تسود المملكة، مذكرا بما عاشه الشارع المغربي الأسبوع الأخير من مظاهرات ومسيرات احتجاجية في مختلف الأقاليم.
ولفت بهذا الصدد الى أن الشعب المغربي خرج الى الشوارع احتجاجا على “الارتفاع المهول للأسعار بشكل غير مسبوق، وانهيار القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، واتساع دائرة الفقر والفوارق الاجتماعية في ظل توالي الأزمات وإصرار الحكومة على نفس الاختيارات السائدة منذ عقود”، إلا أن “السلطات الأمنية عمدت إلى منع هذه المسيرات الشعبية (…) ما أفضى بتحول الاحتجاجات ضد الارتفاع الهائل في أسعار المواد الغذائية إلى التنديد بالقمع وخنق حرية التعبير والممارسات التي تتنافى وتتعارض مع نص الدستور”.
وقال الكاتب التوراني إنه وبالرغم من أنها ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها المغربيون الى الاحتجاج بالنزول الى الشارع، لكن الأمر “أصبح يدفع باستمرار إلى طرح سؤال حارق قد يبدو للبعض أن به مبالغة: هل يسير المغرب في اتجاه انفجار اجتماعي؟”.
وتوقف عبد الرحيم التوراني مطولا عند تشريح الواقع الذي أضحت عليه المملكة المغربية، أين تركزت الثروة في يد فئة معينة دون سواها، بينما يتخبط السواد الأعظم من الشعب في مشاكل اجتماعية لها بداية ولا نهاية لها، وفي فقر مدقع بمدن يطغى عليها الصفيح.
وذكر الكاتب أن الاعلام الرقمي الجديد “سهل إتاحة المعلومات المتعلقة بأغنى الأشخاص الذين يهيمنون على ثروات المغرب، وهم لا يتجاوزون عدد أصابع اليدين، من بينهم رئيس الحكومة الحالية عزيز أخنوش، صاحب محطات +إفريقيا+ للمحروقات وأكبر فلاحي المغرب، وزوجته، وذلك وفق ما ينشر سنويا في تصنيفات مجلة +فوربيس+ الأمريكية المهتمة برصد وإحصاء أرصدة أغنياء العالم”.
و أبرز عبد الرحيم التوراني، في مقاله، أن “كل المؤشرات توضح مدى ضعف الاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للحكومة المغربية”، في الوقت الذي “تتسع فيه فجوة الفوارق الاجتماعية ويتضاعف فيه معدل الفقر بنسب عالية”.
حكومة أخنوش “غير آبهة بما يجري حولها”
كما أبرز مؤسس ورئيس تحرير مجلة “السؤال” السياسية والفكرية، عدم اكتراث الحكومة المخزنية للانتقادات الموجهة ضد سياساتها، والمطالب المرفوعة من قبل الكونفدراليات والنقابات والأحزاب والجمعيات المغربية على اختلافها، حيث أنها “تبدو وكأنها غير آبهة بما يجري ويحدث أمام أنظارها من تفاعل وصراعات، وقد تآلفت أسماعها مع مثل هذه اللغة الاحتجاجية الموغلة في السلبية والتشاؤم”.
وعاد التوراني بذاكرة قراء المقال إلى المطلب الذي صدحت به الحناجر في مهرجان موسيقي “أخنوش ارحل.. ارحل”، شهر يوليو الماضي، حيث انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو ظهر فيه رئيس الحكومة وهو يفر بعد أن أثار تواجده حفيظة الحضور.
وتزامن مطلب “أخنوش ارحل” مع “إدارة هذا الأخير ظهره للآلاف من المواطنين الذين وجدوا نفسهم بين ليلة وضحاها مشردين وسط الغابات المحترقة، وقد دمرت قراهم وحقولهم، إذ فضل النزول جنوبا لافتتاح مهرجان موسيقي راقص، في المدينة التي يشغل فيها مهمة عمدة، ولم يدر بخلده أنه سيواجه بمثل تلك المعاملة من جمهور مشتعل بالغضب، لم يتردد في تأسيس زلزال تحت المنصة التي وقف عليها المسؤول الحكومي الأول”.
كما عدد عبد الرحيم التوراني، سلسلة الكوارث التي وقعها أخنوش، على غرار كونه “الرجل المحتكر رقم واحد للمحروقات في البلاد. ويتهمه الرأي العام في المغرب بكونه وراء ارتفاع أسعار المحروقات رغم هبوطها في الأسواق العالمية، باعتباره رئيسا للوزراء ثم بصفته صاحب أكبر شركة لبيع وتوزيع الوقود في المغرب، وطبعا هو دائما أكبر المستفيدين من ارتفاع الأسعار”.
وفي السياق، ذكر بالوعود التي نكثها رئيس حكومة المخزن، والمتعلقة بالمستوى المعيشي للمواطن المغربي، وعلى رأسها “الاتجاه نحو تقليص الفوارق الاجتماعية، والالتزام بالرعاية الاجتماعية ودعم الأسر الأكثر ضعفا وتعزيز الصحة العامة والتعليم والنهوض بالاقتصاد الوطني المتضرر من الوباء” والتي لم يتحقق منها شيء، بل أن “ما يراه المواطنون اليوم هو تراجع واضح عن الوعود”.
وخلص الكاتب المغربي الى أنه في خضم الأحداث الجارية، والواقع المر الذي يزداد تأزما يوما بعد يوم مع الاضطرابات الاجتماعية المتواصلة، الى جانب ضعف المعارضة، “فلا شيء مضمون لاستبعاد تطور مسار الأحداث و انجرافها نحو انفجار كبير”.