صدر حديثاً للكاتب مباركي سعدي بيه عن “دار الوطن اليوم” مؤلف جديد بعنوان “المَسْتَيبَل”، حيث تضمن الكتاب في 174 صفحة من الحجم المتوسط، مقدمة وثلاثة فصول في كل فصل ثلاث مباحث تجعل من الإبل عنصراً محسوساً بين يدي القارئ وشيئاً مرئياً، لما تضمّنه الكتاب من تفاصيل ومعلومات دقيقة حول الإبل وعلاقتها بالمجتمع الحسّاني.
استهل الكاتب مؤلَّفه بمقدمة تناول فيها سبب اختيار الموضوع، والذي شكّل مصدر اهتمامه من خلال دراسته للتراث والثقافة الحسانية، فكان في كل مرة يصطدم بهذا التقاطع والحضور القوي للإبل في كل شكل من أشكال الثقافة الحسانية.
الحضور القوي للإبل في الثقافة الحسّانية شكّلت هاجساً لدى المؤلِف، فحاول أن يجسّد هذا الانشغال في فكرة كتاب يكون بمثابة مرجع للدارسين والباحثين، جمع فيه ما استطاع من المعلومات والمصطلحات المتداولة في هذا الجانب، الى جانب خبرات وتقنيات الإنسان الحسّاني في التعامل مع هذا الحيوان والأدوار التي أدَّتها الإبل في الثقافة الحسّانية.
عالج الكاتب موضوع الإبل في الثقافة الحسّانية بلغةٍ بسيطةٍ جداً، واضعاً بين دفتي الكتاب الى جانب المقدمة، مدخلاً سلساً جعله بمثابة بطاقة تعريفية للثقافة الحسّانية، حتى يتمكن القارئ من الولوج بفكره الى الثقافة الحسّانية والانتقال بخياله الى مجتمع بني حسّان، حيث تطرّق المدخل الى التعريف بهذه الثقافة، حدودها، أبعادها، ظرفها الزماني والمكاني، عاداتها وتقاليدها، وصولا الى اللهجة والعِمارة والشعر، وكل ما يتعلق بالموروث الثقافي الحسّاني مادياً كان أو لامادي.
استرسل الكاتب في مؤلفه في الحديث عن الإبل من خلال ثلاثة فصول، تحدث في الفصل الاول منها عن المعجم الخالص بالإبل، يضم شرحاً مفصلاً لأكثر من 200 مصطلح حصري ودقيق وأزيد من مائة مَثَل، حيث يشير الكاتب الى أن الحسّانيون امتازوا بالدقة في مصطلحاتهم ومفرداتهم اللغوية المتعلقة بالإبل عكس المجتمعات الأخرى، فأوجدوا مفردات لأعمار الإبل، ألوانها تسمياتها الوظيفية، طريقة التربية، طريقة الحمل على الإبل وطريقة الترويض والركوب.
تناول الكاتب في الفصل الثاني صورة الإبل في التراث الحساني، بدءً من الشعر الذي يتربع على عرش الثقافة الحسانية الى جانب الأمثال والحكم، الأحاجي والحكايات الشعبية التي كانت مستوحاة كلها من الإبل، فيما عرّج الكاتب في الفصل الثالث للحديث عن الدور الحضاري، الاقتصادي، الاجتماعي والسياسي للإبل، وكيف استطاعت أن تحقق الثروة للإنسان الحسّاني وكيف استطاع هذا الانسان أن يصنع تجارة القوافل العابرة للصحراء الكبرى خاصة في العصر الحديث، وأهم الحواضر التي شكّلت محطات لتلك القوافل، وكيف كانت الإبل سبباً في نشأتها أو سبباً في الحروب وفض النزاعات.
يختتم الكاتب مؤلفه بسرد تجربته من خلال هذا العرض، إضافة الى وضعه بين يدي القارئ ملحقاً توضيحياً ضم 21 صورة تبين طريقة الإمساك بالإبل وطريقة وضع الهودج والكثير من الأمور التي يقوم بها الإنسان الحسّاني المَسْتَيْبَل.