أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون استعداد الجزائر لدعم المبادرات الرامية لتعزيز التضامن والتكافل بين دول حركة عدم الانحياز من أجل البناء ما بعد الوباء، ومرافقة “كل الدول الصديقة والشقيقة في جهودها للخروج من هذه الأزمة، التي علمتنا الكثير، خاصة ضرورة توحيد الصفوف وتغليب روح التعاون.”
في كلمة خلال افتتاح أشغال الاجتماع على مستوى القمة لمجموعة اتصال حركة عدم الانحياز بشأن التعافي والإنعاش العالمي بعد جائحة كوفيد-19، بعاصمة أذربيجان، باكو، قرأها عنه الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، هذا الخميس، قال رئيس الجمهورية أنه في الوقت الذي “نشهد بوادر استعادة العالم لعافيته بعد جائحة كوفيد-19، التي سببت أضراراً كبيرة على شعوبنا ودولنا والمنظومة الدولية ككل، ها نحن نجتمع في ظل سياق دولي حساس للغاية، لا يقل خطورة على ما شهدناه منذ بداية الأزمة الصحية العالمية، بالنظر لما يُميزه من تفـاقم لأزمتي الغذاء والطاقة الناجمتين عن الصــراع الروسي-الأوكراني وانعكاساته على الأمن والسلم الدوليين.”
ولفت رئيس الجمهورية أن هذا “الظرف العصيب يفرض علينا تعبئة المزيد من الجهود الجماعية في سبيل الدفع بوتيرة التعافي بعد الجائحة ومعالجة تداعياتها الخطيرة.”، وأضاف: “يُعد اجتماعنا هذا خطوة ملموسة نحو تحقيق هذا المسعى الجماعي، علاوة على إسهامه في تكريس أهداف ومبادئ حركتنا ورغبتنا المشتركة في بناء عالم عادل،تسوده قيم العيش معاً في سلام،وروح التضامن والتنمية المستدامة،في كنف السلم والاستقرار.”
وأبرز الرئيس تبون مساهمة الجزائر بدون هوادة في مدِّ يَدِ العون للدول الشقيقة والصديقة المتضررة من آثار الأزمة الصحية ومخلفاتها المتواصلة “حيث رافعت بلادي، على المستوى الدولي، ومنذ بداية الأزمة الصحية، من أجل العمل على تكريس المساواة بين الدول في توزيع اللقاح، خاصة لفائدة الدول النامية، بغض النظر عن مستويات تطورها الاقتصادي أو التكنولوجي، حتى يتسنى لها التمتع بحقها في الرعاية الصحية المناسبة واللازمة،وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.”
علاوة على المساهمة المالية التي قدمتها الجزائر لصندوق الأمم المتحدة للاستجابة العالمية للفيروس، دعت الجزائر، وفق كلمة الرئيس، المؤسسات المالية الدولية إلى فك الخناق عن الدول النامية، من خلال تبني جملة من المبادرات التي تشمل التخفيف من عبء ديونها، ومرافقتها في سياساتها الوطنية لما بعد كوفيد-19، وتسخير الإمكانيات المالية التي تسمح لها بإعادة تأهيل قنوات التمويل والتسويق، وكذا النهوض باقتصادياتها.
وعلى الصعيد الإقليمي، شددت الجزائر مراراً على ضرورة تعزيز التنسيق، بما يسمح بدعم التعاون في إطار أجندة إفريقيا 2063،وأجندة التنمية المستدامة 2030للأمم المتحدة،كما ساهمت في إرساء مختلف الآليات على المستوى الإفريقي لمواجهة هذه الجائحة، على غرار إنشاء صندوق لتمويل جهود مكافحة الوباء، الذي لم تتردد بلادي في المساهمة فيه ماليا. يقول رئيس الجمهورية.
أما على الصعيد الوطني، أثبتت الإستراتيجية الوقائية التي تبنتها السلطات العمومية الجزائرية للتصدي لتفشي فيروس كورونا، فعاليتها خلال مختلف مراحل الجائحة. فبالإضافة إلى اتخاذ مجموعة من القرارات لتعزيز التدابير الوقائية، تمكنت الجزائر من تجاوز الظروف الصعبة بتضافر الجهود الوطنية وروح الابتكار لدى شبابنا، مما سمح لنا بتحقيق اكتفاء ذاتي فيما يخص وسائل الوقاية وإنتاج الأدوية ووسائل الفحص.
وتابع: “كما مكنتنا هذه الاستراتيجية من إشراك جل الفاعلين،من خلال تكثيف الجهود الحكومية، بالتنسيق مع السلطات المحلية والمجتمع المدني والحركات الشبابية، والمنظمات الدولية، وتقوية قدراتنا الوقائية وتعزيز منظومتنا الصحية. وفي إطار البناء ما بعد الوباء، تواصل الدولة الجزائرية التكفل بالآثار الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن جائحة كوفيد-19،لاسيما من خلال إجراءات الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين وتعزيز نظام الحماية الاجتماعية.”
وأبدى رئيس الجمهورية استعداد الجزائر لدعم المبادرات الرامية لتعزيز التضامن والتكافل بين دول حركة عدم الانحياز من أجل البناء ما بعد الوباء، ومرافقة كل الدول الصديقة والشقيقة في جهودها للخروج من هذه الأزمة، التي علمتنا الكثير، خاصة ضرورة توحيد الصفوف وتغليب روح التعاون.
وواصل كلمته:” ولا شك أن السياق الدولي الراهن يضع حركتنا أمام ضرورة تحمل مسؤوليتها إزاء التحديات التي تواجه بلداننا، وفي مقدمتها استفحال بؤر التوتر والنزاعات الإقليمية والدولية، والتحديات التي يطرحها السباق نحو التسلح، وتفاقم أزمة المناخ والأزمات الصحية المرتبطة بانتشار الأوبئة، والتي باتت تهدد اليوم حياة ملايين البشر عبر العالم.”
وفي الختام، دعا الرئيس تبون جميع الدول الأعضاء إلى “ضرورة تجديد العهد مع الحركة ومضاعفة الجهود لتفعيل دورها في إعادة التوازن إلى العلاقات الدولية بما تحمله من تحديات ورهانات جديدة”