يعتبر رئيس كنفدرالية الصناعيين والمنتجين الجزائريين، قرار تقييد الاستيراد قرارا إيجابيا من حيث حماية المنتج المحلي والمؤسسات الوطنية العمومية والخاصة وتقليص فاتورة الاستيراد، ولكن أن يكون تدريجيا ترافقه ميكانزمات وآليات تسمح برفع الإنتاج، لأجل عدم المساس بحاجيات المواطنين.
يؤكد عبد الوهاب زياني، في تصريح لـ“الشعب”، أن تقييد الاستيراد ينبغي أن يكون مشروطا وليس على حساب حاجيات المواطن الأساسية، مشيرا أن هذه الخطوة من المفروض أن تسبق بإحصاء شامل للمنتوج الوطني في كل شعبة وقطاع، ورقمنته لمعرفة القدرات الإنتاجية وإمكانية تغطيتها للسوق الوطنية.
في هذا الصدد، يثمن عبد الوهاب زياني ما جاء في تصريح رئيس الجمهورية في لقائه مع وسائل الإعلام، حول تقييد الاستيراد الذي لا يمكن أن يكون على حساب حاجيات المواطن، مبرزا أهمية معرفة القدرات الإنتاجية لكل شعبة في تغطية الطلب الوطني على الأمدين القصير والطويل قبل التقييد، لتفادي الندرة ونقص التموين.
وقدم المتحدث جملة من المقترحات التي من شأنها تطوير الإنتاج المحلي وضمان تموين السوق بالمواد الأساسية. وأكد ضرورة معرفة نسبة تغطية المنتجين لمادة معينة بالأرقام الدقيقة، رقم الأعمال وعدد العمال وغيرها، لضمان توفير الإنتاج الوطني كمّا ونوعا وعدم الوقوع في تذبذب السوق الوطنية، وهذا ما يجب العمل عليه من خلال رقمنة القطاعات والشعب، لأجل تعزيز الأمن الغذائي وتطوير الإنتاج وتنويع العرض وتزويد السوق الوطنية بمختلف المنتجات.
وقال زياني، إن تقييدالاستيراد لا يجب أن يكون قبل معرفة جاهزية السوق لإشباع حاجيات المواطن الذي يسعى دائما إلى اقتناء مختلف المنتجات الغذائية بأسعار تنافسية، لاسيما في ظل وفرة بعض المنتجات، موضحا بخصوص السياسة المنتهجة من قبل بعض القطاعات لتوفير الأموال عن طريق ترشيد الاستيراد أنها إيجابية، شريطة أن تتم بناء على دراسة عميقة لتفادي الندرة.
وعلق على قرار منع استيراد النسيج والجلود، على أنه تحدٍّ كبير بالمقارنة مع القدرات الإنتاجية وإمكانية تغطية حاجيات 45 مليون مواطن من الألبسة، والذي نحتاج بشأنها إلى مليون يد عاملة مؤهلة، وهذا غير موجود حاليا ولا يتجاوز 2004 مؤسسة متخصصة في هذا المجال.
وهنا قبل ترشيد الاستيراد- يقول عبد الوهاب زياني- يجب مضاعفة الشركات المنتجة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في المجال الحيوي، هذا فضلا عن الاتفاقيات التي عقدتها الجزائر مع دول أوروبية وعربية في مجال الألبسة، مشيرا أن بلادنا تملك مؤهلات كبيرة تسمح لها بالنجاح في انطلاقة صناعية حقيقية، لاسيما في قطاع النسيج، الملابس وحتى الأحذية.
تعكف الكنفدرالية في هذا الإطار، على وضع آليات وخطة من أجل رفع الإنتاج الوطني في جميع الشعب، حيث تجري حاليا اجتماعات دورية مع رؤساء الفدراليات، على غرار فدرالية الانتقال الطاقوي، الطاقات المتجددة والبناء والأشغال العمومية والري، الى جانب قطاع التصدير والزراعات الواسعة والصناعية التي تعتبر من الشعب الإستراتيجية المهمة، حيث ركزت من خلالها على رفع إنتاج المحاصيل الإستراتيجية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، خاصة وأن القدرات المهنية متوفرة لرفع التحدي، شريطة توفير الإمكانات اللازمة.
وأفاد في ذات السياق، أن الفكرة جاءت انطلاقا من التجربة الميدانية، ومن خلال التواصل مع المنتجين وإجراء مسح شامل وجمع للمعلومات، مؤكدا أن تقييد الاستيراد موضوع يطول فيه الحديث بقدر أهميته، وهو بحاجة الى خطة استباقية قبل تطبيق القرار، للحفاظ على حاجيات المواطنين ولنتجنب الندرة في الأسواق الوطنية.
شدد زياني على ضرورة حماية المنتجين والمنتج الوطني، حيث اعتبره أولوية تضع المنتج المحلي محل اهتمام وفرصة للمصنعين الجزائريين لتطوير منتجاتهم من أجل توفير الكمية التي تضمن تحقيق الاكتفاء واكتساب مستوى التنافسية، الذي يسمح بالحصول على حصص أكبر في الأسواق الخارجية، مشيرا الى وجود الكثير من المؤسسات الوطنية، سواء عمومية أو خاصة، أثبتت مساهمتها في نمو الاقتصاد المحلي.
بخصوص حماية المنتجين، أشار زياني إلى تخفيف الإجراءات الجمركية وتقديم تسهيلات تحفيزات وإزالة العراقيل لتشجيعهم على زيادة الإنتاج وتحقيق الاكتفاء، إلى جانب تقييم الإنتاج الوطني وإجراء إحصاء شامل ورقمنة المعلومات، وفي حال فتح المجال في بعض المواد الأساسية يكون بنسب محددة حتى لا يتضرر المنتجون، خاصة بعد معرفتهم نسب التغطية للسوق.
واستدل في حديثه بأفضل مثال على تشجيع المنتج المحلي والإنتاج الوطني، مصنع السيراميك الذي كان مغلقا لفترة طويلة، لكن بعد بعثه من جديد نجح في تغطية طلبات السوق الوطنية، كما توجه نحو التصدير، ويصنف من أجود الأنواع، متعدد الأشكال، الألوان والأنماط التي تشكل مطلب الكثير من الدول، بالإضافة الى مواد البناء من خزف وأدوات الرصاصة التي حققت تحسنا كبيرا من حيث الإنتاج، مشيرا أن منتجات بلادنا أصبحت ذات جودة ونوعية تضاهي مستوى المنتجات المستوردة، إلا أنها ملزمة بتغطية احتياجات السوق الوطنية، قبل تقييد الاستيراد.
يرى المتحدث أيضا، أن تحقيق الاكتفاء الذاتي أمر مهم، لأنه يساهم في الأمن الغذائي، إلا أنه لا وجود لاكتفاء ذاتي في أي بلد من دول العالم، ولا يمكننا الغلق دون ضمان تغطية إنتاجية كاملة لمختلف المواد، حيث من الأجدر أن تتم العملية تدريجيا وبتحديد نسب الاستيراد الى غاية تلبية الطلب وتحقيق الاكتفاء.
كما أبرزت كنفدرالية الصناعيين والمنتجين الجزائريين، أهمية وضع استراتجية تغطية سوق ناجعة، وفحص دقيق للسوق وجمع المعلومات، لمعرفة متطلبات المستهلك والكميات الواجب توفيرها لتغطية الطلب، والأهم من ذلك التركيز على توفير جميع احتياجات المواطن من مختلف المواد الأساسية محليا، للحفاظ على استقرار الأسعار، قبل القيام بتقييد الاستيراد.