لطالما كان للمرأة الجزائرية مساهمة فعالة في المشهد الإعلامي الجزائري، فكثيراً ما ارتبط اسمها بأعمال إعلامية خلدت بصمتها في الذاكرة الجماعية للمتلقي الجزائري.
بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، تحاور جريدة «الشعب» إحدى أبرز الإعلاميات الجزائريات، وهي الصحفية وهيبة حراش، مديرة قناة البرلمانية، والتي تتحدث في هذا الحوار عن تجربتها الإعلامية والإدارية للقناة، التي تعد التعهد 36 لرئيس الجمهورية، من ضمن التزاماته 54.
«الشعب»: من هي الصحفية وهيبة حراش؟
السيدة حراش وهيبة المعروفة بـ «مونية أحمد حراش»، صحفية بالتلفزيون الجزائري منذ 1994، تخرجت من كلية الإعلام بجامعة الجزائر، تخصص اتصال وعلاقات عامة، بداياتي الأولى في التلفزيون العمومي، كانت من مديرية الإنتاج، قبل الالتحاق بقسم الأخبار عام 1996. وفي العام 1997 استلمت رئاسة النشرة الاقتصادية، قبل أن أنتقل إلى قسم الروبورتاج، حيث تمكنت من إنجاز عشرات الروبورتاجات القصيرة والطويلة والتغطيات داخل الوطن وخارجه، وفي 2004 عينت رئيسة النشرة الرئيسة (نشرة الثامنة) في التلفزيون، بعدها نائب رئيس التحرير، فرئيس تحرير متخصص، وفي العام 2011 عينت رئيسة دائرة الاقتصاد بمديرية الأخبار إلى غاية 2016، بعدها قررت العودة إلى الميدان الذي أعشقه كثيراً، والذي لم أبرحه حتى خلال تكليفي بمختلف مناصب المسؤولية، وفي العام 2020 تم تعييني رئيسة لمشروع القناة البرلمانية الذي تجسد فعلياً يوم 26 ماي 2022.
كيف ترين دور ومسؤولية المرأة في تطوير المشهد الإعلامي الجزائري، وكيف تجدين مكانتها في إحداث الفعالية الإعلامية؟
لم يعد دور المرأة الجزائرية مقتصراً على قطاع من القطاعات بعينه، بل أصبح دور المرأة ومساهمتها في كل قطاعات النشاط بارزا خلال العقود الأخيرة، حتى أن هناك بعض القطاعات، باتت تعرف وجوداً قويا للمرأة، ومنها قطاعات الصحة والتربية والعدالة وطبعا قطاع الإعلام.
على المرأة الصحفية مسؤولية كبيرة في تطوير وتعزيز العمل الإعلامي والدفع قدماً إلى الأمام بالمشهد الإعلامي، بالحفاظ على المهنية واحترام أخلاقيات المهنة الصحفية النبيلة والمساهمة في نشر الوعي والقيم المجتمعية النبيلة وأخلقة الحياة العامة، ومحاربة كل مظاهر الانحراف والتفسخ والانحلال المجتمعي، باعتبار أن الإعلام هو رسالة مهنية راقية، وبخاصة أن المرأة الصحفية عبر مختلف وسائل الإعلام، لاسيما الثقيلة منها، أصبح لها قبول قوياً داخل مؤسسة الأسرة والعائلة الجزائرية، وهذا من منطلق معرفتها الدقيقة بالتحديات التي تجابه الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسة والتحولات العميقة التي يعيشها المجتمع الجزائري، من جراء الثقافات الوافدة التي باتت تهدد كيان المجتمعات العربية الإسلامية بشكل عام. ومن هذا المنطلق تعتبر رسالة المرأة الصحفية، حيوية في المساهمة في البناء المجتمعي السليم والبناء الحضاري بشكل عام، لاسيما وأنها تشارك بقوة في صناعة المحتوى الإعلامي.
كيف تنظرين للساحة الإعلامية اليوم، هل هي بحاجة لمزيد من التنظيم، برأيك ؟
تعيش الساحة الإعلامية الجزائرية حراكاً غير مسبوق من جراء التنوع والانفتاح الذي بات يعرفه القطاع في الجزائر والعالم على وسائل وتكنولوجيات جديدة أصبحت قاطرة للإعلام، وهنا نتحدث عن الانتشار الكبير والفوضوي للمعلومة التي باتت متاحة من مصادر جديدة لا تخضع للمعايير المهنية التقليدية، وأقصد بذلك وسائط التواصل الاجتماعي، التي تكاد تقلب القطاع رأسا على عقب. ومن هذا المنطلق، نحن اليوم أمام حتمية إعادة النظر في الجانب التنظيمي لحماية المجتمع الجزائري من المعلومة المغلوطة والمصادر غير المعلومة والمال الفاسد والصحفيين غير المحترفين والدخلاء، وحماية الرأي العام من استهداف خارجي بات يقصد زعزعة استقرار البلدان في إطار استراتيجيات هدامة.
لقد وصلنا في مرحلة من المراحل أن نعيش حالة من الفوضى التي أثرت سلباً على أداء المؤسسات الإعلامية، التي أصبحت شبه عاجزة عن الدفاع عن المصالح القومية للبلاد ضد هجمات خارجية منظمة تقودها لوبيات وتنظيمات لها أجندات محددة. وفي ظل هذه التجاذبات، جاء مشروع قانون الإعلام ليضع حدًّا للفوضى المشار إليها ويساهم في إعادة وضع أسس لممارسة إعلامية حقة منظمة وهادفة وقادرة على إنتاج مضامين إعلامية وطنية قوية بإمكانها مجابهة سيول المعلومات الهدامة والحروب الجديدة (الجيل الرابع) التي نجحت، للأسف، في تخريب العديد من الدول.
أنتِ مديرة قناة البرلمانية التابعة للتلفزيون الجزائري، ماذا يمثل لك ذلك، إذا علمنا أن القناة هي إحدى الالتزامات 54 للرئيس عبد المجيد تبون؟
إدارة والإشراف على قناة البرلمانية، هي تجربة أتشرف بخوضها، كأول امرأة في العالم العربي والقارة الإفريقية، وهي بمثابة تحدّ بأبعاد متعددة، فهي في الأساس تمثل التعهد 36 لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، من ضمن التزاماته 54، وهو ما يعد بالنسبة لي الدافع الأكبر للنجاح في تجسيد المشروع الذي يفوق كونه مجرد قناة تلفزيونية، وهذا من منطلق الهدف الذي حدده السيد الرئيس والمتمثل في «إنشاء قناة برلمانية باعتبارها وسيلة للشفافية والتقييم والمشاركة المواطنية في النشاط الوطني والحياة العامة».
اليوم، وبعد 10 أشهر من الانطلاقة، تتأكد أهمية هذه القناة بالنسبة للمشهد الإعلامي الوطني، وتتأكد معها النظرة الاستراتيجية للسيد رئيس الجمهورية، الذي أفرد لها التزاماً كاملاً في برنامجه الرئاسي. فالقناة ومنذ انطلاقتها تمكنت من شغل فراغ عاشته الساحة الإعلامية لعدة عقود، مرتبط بالحياة البرلمانية، إذ تمكنت القناة من إبراز الدور الاستراتيجي للبرلمان، داخل وخارج الوطن، وخاصة في مجالي العمل الميداني للنواب (البعثات الاستعلامية) والدبلوماسية البرلمانية، بالإضافة إلى نقل تفاصيل العمل التشريعي.
ما الذي تغير في مسيرتك المهنية في قناة البرلمانية، بتخصصك في العمل الصحفي التشريعي؟
خلال مسيرتي المهنية، كان لدي اهتمام خاص بالعمل السياسي والبرلماني، كما تابعت كثيراً نشاط البرلمان بغرفتيه من خلال التغطيات، لاسيما عمل اللجان البرلمانية، وهو ما ساهم في خوض تجربة إدارة وإنشاء القناة البرلمانية بسهولة ويسر. كما أن ترحيب البرلمان بغرفتيه بالتزام السيد الرئيس، بإنشاء القناة والمرافقة الإيجابية لكل من السيد صالح قوجيل رئيس مجلس الأمة والسيد إبراهيم بوغالي رئيس المجلس الشعبي الوطني، كان لها بالغ الأثر الإيجابي في المضي بالمشروع إلى ما هو عليه اليوم. علاوة على ذلك، فإن الانخراط القوي لفريق مهني ملتزم بأعلى المعايير، ساعدني كثيرا وكان بمثابة مصدر قوة بالنسبة لي للاستمرار وتجاوز كل الصعاب التي اعترضت مسيرة القناة.
ما هي نصيحتك لجيل الشباب في قطاع الإعلام؟
رسالتي لهم، هي التسلح بالمزيد من القيم التي ناضل وحارب واستشهد من أجلها الآباء المؤسسون للدولة الجزائرية، وعليهم التسلح بالعلم والتقنيات والتكنولوجيا الحديثة، لأن عالم اليوم لا مكان فيه للمتخلفين عن ركب التكنولوجيا الحديثة. ومن هنا أضيف أن مهنة الصحافة تبقى من أنبل وأشرف المهن، وأن الرسالة الإعلامية الهادفة مسؤولية يمكن للمرء أن يسهم بها ويتركها ذكراً طيبا في سجل صحائفه.