يبدو أن بعض أشباه التّجار «حسبوا لوحدهم» أن «مكافحة المضاربة غير الشّرعية» مجرّد ظرف يمرّ، فأقبلوا (غير مدبرين) – كما هي عادتهم – على التلاعب بأقوات المواطنين، والرّفاه على حسابهم، فمهّدوا أسباب العودة إلى الميدان بالإشاعات والأكاذيب، غير أنهم لم يلبثوا سوى اليوم واليومين، حتى وجدوا حماة الأمن قد أحاطوا بهم، واقتادوهم (زرافات ووحدانا) إلى المحاكم، ليلاقوا مصائرهم التي أعدّها لهم القانون بالعدل والقسطاس المستقيم..
وبدأت أخبار المضاربين غير الشرعيين تتهاطل من مختلف أنحاء القطر.. مؤبد هنا، وعشر سنوات هناك، وما شاء الله هنالك، وإذا ما (سحروا) به أعين الناس من أكاذيب مغرضة، يتحوّل إلى هباء منثور، فينقلب السحر على الساحر، وتعود السوق إلى طبيعتها، هانئة مطمئنة لا ينقصها شيء..
وقد يكون واضحا أن أشباه التجار ظنوا أن «مكافحة المضاربة» ليست سوى (خطاب للاستهلاك العام) لا يلبث أن يهدأ، ثم (تعود ريمة إلى العادة القديمة)، فاستجمعوا أنفاسهم، وأطلقوا العنان لـ»الاحتكار» و»المبالغة في الأسعار»، وراحوا يروّجون لنقص في المادة الفلانية، وانكماش في توزيع المادة العلانية، فلما وجدوا أنفسهم في مواجهة أسوإ ما عملوا، أيقنوا أن المسألة ليست ظرفية، وتيقّنوا بأن أحكام القانون بالجزائر الجديدة تتّبع منطقا مختلفا لا يعرفونه، بحكم أنهم تعوّدوا (دايما) على انتهاك القوانين، ولم يسبق أن وجدوا من يتصدّى لهم، ولا من يقدر عليهم..
لعل الدّرس يكون نافعا هذه المرّة، فيعلم كل من تسوّل له نفسه المساس بأقوات الجزائريين، أنه لن ينجو بفعلته، تماما مثلما يعلم، علم اليقين، أن الجزائر الجديدة التي يؤسّس لها الرئيس تبون، لا تتيح لـ»الفساد» منفذا.. وعاش من عرف حدّه..