عندما تعصف بنا دائرة الحياة وتتعرض فلسطين للمخاطر، تظهر المواقف الوطنية للإعلام الجزائري لتقول كلمتها، وتشمر عن سواعدها وتجهض مؤامرات كل قوى الشر والعدوان، وما وقوف الجزائر الحبيبة رئيسا وحكومة وشعبا وقيادته في وجه المشروع الصهيوأمريكي، إلا تأكيداً لعنفوان الشعب الجزائري التحرّري ويقظة قيادته مع قضية فلسطين التي أصبحت قضية جزائرية بامتياز.
بقلم: جلال نشوان
التاريخ سيقول كلمته ويدوّن فى صفحاته لمواقف الجزائر المشرفة ودفاعها عن ثرى فلسطين الطهور، ففي كل صحيفة من الصحف الجزائرية سواء المقروءة أو المسموعة أو المرئية، تجد مساحات كبيرة تنقل الهم الفلسطيني، فكم من كلمة رقيقة في صحف الجزائر أزاحت هماً، وأراحت شعبنا الفلسطيني المظلوم وجعلته يقاتل المحتلين الغزاة، وليس من شارع من شوارع الجزائر إلا وتجد علم فلسطين يرفرف، إنها حكاية شعب الجزائر العملاق الذي يهتف بفلسطين وبشعب فلسطين.
أيها السادة الأفاضل،
إن التجربة الإعلامية المتميزة التي بدأتها الصحف الجزائرية منذ ما يزيد على عقد من الزمان، دعماً للقدس والأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني، وعبر كل وسائل الإعلام على اختلاف أسمائها، المرئية والمقروءة والمسموعة، وايضاً الكُتاب والإعلاميين الجزائريين الذين يخصصون مساحات في كتاباتهم وتقاريرهم وعلى صفحات الجرائد المقروءة، لعرض قضية الأسرى وهمومهم ومعاناتهم، وفضح انتهاكات وجرائم الاحتلال بحقهم، قد جعل منها تجربة اعلامية متميزة واستثنائية في اسناد الأسرى ودعم قضاياهم وتعزيز صمودهم، فنقل وسائل الإعلام الجزائرية للأحداث الدائرة في المحافظات الفلسطينية والقدس وقطاع غزة على الرغم من أن العالم منشغل بقضايا دولية أخرى، إلا أن الجزائر ما زالت تُركز على قضية فلسطين لإيجاد حل لها عبر إنهاء حالة الصراع الدائرة في الواقع الفلسطيني بسبب الاحتلال، فتتعاطى وسائل الإعلام الجزائرية من خلال خطاب إعلامي ورسالة إعلامية موجهة لكل المستويات المحلية والإقليمية والدولية لإرسال الصورة الحقيقية عن القضية الفلسطينية، لكون الملف الفلسطيني ما زال الملف العالق حتى اللحظة، دون حل جذري للحقوق الفلسطينية.
الجزائر عقبة أمام الكيان الصهيوني في الاتحاد الإفريقي
ولا يخفى على أحد، المهمة الدبلوماسية والسياسية الكبيرة الذي قام بها الدبلوماسيون الجزائريون المتمثلة بطرد كيان الاحتلال من الاتحاد الافريقي، حيث سبق وأن قاد وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة مشاورات مع وزراء خارجية عدد من الدول التي تدعّم منح دولة الاحتلال الإرهابية النازية مراقب في الاتحاد الإفريقي، لإقناعها بالعدول عن موقفها والتصويت لصالح سحب هذه الصفة. والتقى لعمامرة، في هذا السياق، وزير الخارجية والتعاون والتكامل الإفريقي لجمهورية توغو روبرت دوسي، ووزير الخارجية التشادي شريف محمد زين، ووزير الخارجية الأوغندي هينري أوريم أوكيلو، وهي من الدول التي تدعّم وجود دولة الاحتلال الصهيوني في عضوية الاتحاد.
لقد قاتلت الصحف الجزائرية من أجل فلسطـين، وحثت الدبلوماسيين الجزائريين ببذل كافة الجهود وبالتنسيق والتشاور مع عدد من الدول التي تدعّم قرار سحب صفة مراقب من دولة الاحتلال، ومنها دولة جنوب إفريقيا، وأنغولا وليبيا وجيبوتي، استكمالاً للعريضة التي كانت وقّعتها سبع دول عربية عضوة في الاتحاد، وهي مصر والجزائر وجزر القمر وتونس وجيبوتي وموريتانيا وليبيا، من خلال الدور البارز الذي قامت به الجزائر في هذا الملف، وتولي الجزائر لهذه المهمة الصعبة لطرد دولة الاحتلال الصهيوني من الاتحاد، وكل تلك الجهود الكبيرة التي بذلتها الجزائر، في وقت تتهافت فيه حكومات عربية عديدة للتطبيع مع دولة الاحتلال، وإقامة علاقات سرية وعلنية معها، وتحالفات فوق الطاولة وتحتها.
أيها السادة الأفاضل،
رفضت الجزائر الحبيبة التطبيع، وبقيت كالجبل الشامخ متمسكة بموقفها الداعم لفلسطين والرافض للاحتلال الصهيوني الارهابي والتطبيع معه، مستمدة كل ذلك من إرثها الوطني الكبير، حتى أصبحت قبلة للأحرار.
مازال الشعب العربي الفلسطيني يذكر باعتزاز وشموخ عبارة الرئيس الراحل هواري بومدين الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، عنوانا للموقف الجزائري. وفي 15 نوفمبر 1988، أعلن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، في مؤتمر بالعاصمة الجزائرية، قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس، وهكذا يمكن القول إنه في زمن التيه العربي، وغياب الدول العربية، تبقى الجزائر بوصلة الشرفاء والأحرار، بأن أم القضايا العربية هي فلسطين، ولا يمكن أن يكون للعرب والمسلمين عز دونها، ولا يمكن أن تكون الهرولة نحو دولة الاحتلال الغاصب إلا انحرافا وشذوذا، بميزان العروبة والالتفاف حول قضايا الأمة، الجزائر العظيمة، قلعة الأمة ونبضها وأنشودة الأوفياء، ولفلسطين قصة عشق ستخلدها الأجيال، لذلك نجد نبضها ينبض بحب فلسطين، فالحرية يصنعها الأحرار ومن بلد المليون ونصف المليون شهيد يصنع الأحرار حريتهم ويحولونها إلى معاقل لصناعة الأحرار؛ الجزائر تسارع ملبية هذا العشق، تتلاقى الأرواح وتأتلف لتخضب الحرية للبشرية جمعاء، تتفاعل وسائل الإعلام الجزائرية بكل ما تملك من امكانيات ويبادر إعلاميوها بحمل معاناة أسرانا الأحرار ليجوب به العالم أجمع وليثبت أنه أكثر كفاءة وأعظم التزاما وأقدر منا جميعا على حمل الأمانة وتوصيل الرسالة، وهي بذلك تضرب مثلا على القدرة العالية على نفع أسرانا وإيصال رسالتهم للعالم أجمع، وتجسد نموذجا عمليا به يقتدي الناس وكل حرّ أراد أن يقدم شيئا لأسرى الحرية ولفلسطين، تحية للرواد الأبطال من صحفيين وكتاب ومراسلين ومحررين ورؤساء التحرير، وتحية إكبار واعتزاز وتقدير للجزائر الحبيبة رئيساً وحكومة وشعبا، من فلسطين الجريحة، كل الحب والاحترام والتقدير للإعلام الجزائري، الإعلام الوطني الحر وهو يدافع عن الأمة وعن قضاياها المصيرية.