تعتبر مصلحة الاستعجالات الطبية بالمستشفى الجامعي بني مسوس، وجهة صحية مناسبة، يقصدها المرضى من مختلف المناطق لتلقي العلاج اللازم من طاقم طبي مختلف التخصصات معروف بالكفاءة والأداء المميز، إلى جانب نظام فرز صحي عصري يسمح بتنظيم توافد المرضى وتفادي الطوابير.
فرز صحي عصري للمرضى
لعل أهم ما لاحظناه لدى زيارتنا لمصلحة الاستعجالات الطبية بمستشفى بني مسوس، لافتة في مدخل المصلحة توضح حالات المريض قبل المرور إلى الاستعجالات، وأوضحت البروفيسور المختصة في الإنعاش والتخدير، ش بوعروج، في حديث مع “الشعب”، أن المصلحة تعرف الإقبال بمعدل 80 حالة يوميا، تمر عبر الفرز الصحي لتوجيهها لاحقا.
هي تقنية اعتمدت حسبما أوضحت البروفيسور، منذ تنصيب رئيس مصلحة الاستعجالات الطبية البروفيسور محمد حراوبية، بالضبط منذ 5سنوات، حيث عمل إلى اعتماد نظام فرز المرضى، وتوجيههم حسب الحالات، وهذا بدعم الرقمنة، إذ أصبح التنسيق أكبر بين مختلف المصالح.
فور إقبال المرضى، وحصولهم على التذكرة بشباك الاستقبال، وبعد تسجيل الأعراض وإخضاعه إلى القياسات الحيوية.. (درجة الحرارة، ضغط الدم، نسبة الأكسجين، حالة الوعي) يتم توجيههم حسب نظام الفرز، فاللون الأزرق يدل على انعدام الخطورة، ويوجه إلى العيادة المتعددة الخدمات، الأخضر، غير مستعجل، ويمكنه الانتظار 60 دقيقة، بينما الأحمر شديد الخطورة، لا يحتمل الانتظار أكثر من 5دقائق، وهو نظام ساعد على تخفيف الاكتظاظ، تقول البروفيسور بوعروج.
تغطية صحية على مدار 24 ساعة
تعمل المصلحة وفق مداومة طبية تضمن تغطية طبية متخصصة على مدار 24 ساعة.. أطباء عامون موزعون على مدار 24 ساعة لضمان تقديم خدمة صحية مناسبة.. ممرضون مرافقون للمرضي، مساعدون، أعوان نظافة.. أعوان للتواصل وسائقو سيارات الإسعاف.. أي بمعدل 100عامل.
وتقصد المصلحة حالات استعجالية خطيرة من ولايات مجاورة، وحتى بعيدة، على غرار البويرة وعين الدفلى وغيرها، يتم نقلها بواسطة سيارات الإسعاف بالمؤسسة إلى المصالح المختصة طبقا لمستويات التدخل الطبي المطلوبة، والإمكانات المادية، البشرية، والكفاءات العالية التي تحرص على تقديم خدمات صحية تليق بالمرضى.
تقول البروفيسور بوعروج، بخصوص هذه الحالات، إنها توجه إلى قسم وحدة الاستشفاء القصير المدى الذي يعالج فيه المريض لمدة قصيرة يخضع إلى التشخيص الطبي بالتنسيق مع مختلف المصالح، خاصة مصلحة الأشعة حيث يتم توجيهه الملف عن طريق نظام رقمي يطلع عليه الطبيب بذات المصلحة قبل توجيه الحالة، ويتم الرد عن طريق هذه التقنية التي ساهمت بالربط والتنسيق بين مختلف المصالح الطبية.
وأكدت محدثتنا أن المصلحة في خدمة المواطن مهما كانت حالته، شريطة أن يخضع لنظام الفرز بالألوان الذي يعمل عن طريق نظام رقمي، وأدخلت منذ شهرين تقريبا لتسهيل مهمة عمال المصلحة ونوعية الخدمات المقدمة، هذا بالإضافة الى متابعة المرضى وبياناتهم عن طريق قاعدة بيانات على مستوى المستشفى.
نقص الأماكن.. أكبر الصعوبات
بخصوص قسم وحدة الاستشفاء، أوضحت البروفيسور بوعروج أنه لا يتكفل بالمريض أزيد من 72ساعة، وفي حال كانت الحالة مستعصية، يتم توجيهها إلى المصلحة المتخصصة بذات المستشفى، وفي حال غياب الأماكن الشاغرة، يتم توجيهها الى مؤسسات استشفائية أخرى للتكفل بالحالة.. الأهم أخذ الاستعجالات الطبية الأولية لإنقاذ حياة المريض.
وقالت الطبيبة بهذا الشأن، إن المريض الذي ينقل عن طريق سيارة الإسعاف وبموافقة الطبيب المشرف على حالته، تقدم له الإسعافات الأولية وتقوم بعمل مهم من حيث إسعاف الحالات الاستعجالية ومرافقة المرضى إلى المصالح الطبية المتخصصة، حسب حالة كل مريض.
ولعل المشكل الذي يواجه الأطقم الطبية في بعض الأحيان، غياب أماكن لاستقبال المرضى في المصالح المتخصصة، الأمر الذي يجعلهم في مواجهة مباشرة مع المريض أو العائلة، وماعدا ذلك فالوسائل والتجهيزات الطبية متوفرة بالشكل الذي يضمن رعاية صحية جيدة .
في هذا الصدد، قالت الدكتورة أ.بن بتقة، المختصة في الإنعاش والتخدير، إن نظام الفرز الصحي بالألوان ساعد على تسهيل عمل الأطباء، وساهم في إنقاذ الكثير من المرضى، على اعتبار أن المريض يعرف حالته إن كانت تستدعي الاستعجال أو لا عند التشخيص الأولى وبعد الحصول على التذكرة يتم إعلامهم بالأمر.
حملات تحسيس..
وأشارت الطبيبة بن بتقة إلى دور حملات التوعية والتحسيس في التعريف بهذا النظام، الذي ساهم في تسهيل العمل الطبي والخدمات الصحية المقدمة للمرضى، خاصة في الحالات الاستعجالية أين يتم التشخيص الأولي على مستواها.
واستطردت الدكتورة قائلة: “الحملات التحسيسية تهدف إلى إقناع المواطنين بالمساهمة في إنجاح عملية الفرز الصحي بالألوان الذي يهدف إلى إنقاذ المرضى والتسريع في التكفل بهم”، وشملت هذه الحملات مختصين من أطباء وشبه طبيين لإقناع المواطنين بهذا النظام الذي يسهل عملهم، وقدم المختصون شروحات عن هذا النظام، كما مست الحملات الوافدين على المستشفى بغية تعريفهم بهذا النظام الذي لم يعمم بعد على كامل المستشفيات.
وقالت بن بتقة إن المريض يوجه حسب النظام والتشخيص الأول، فإذا كانت حالته لون ازرق يوجه إلى العيادات المتعددة الخدمات، التي طورت خدماتها الطبية بشكل كبير وتعتبر الوجهة الأولى للمريض، وهي المرفق الصحي القريب منه الذي يمكن ربح الوقت من خلاله، وكذا لعدم أخذ مكان غيره في العلاج، خاصة الحالات الاستعجالية.
تجدر الإشارة أن مصالح الاستعجالات على مستوى هذه العيادات، خاصة المنشأة حديثا، تحوي الاختصاصات الطبية اللازمة، بالإضافة الى الإمكانيات البشرية والمادية لاسيما ما تعلق بإجراء التحاليل الطبية والأشعة لتمكين الأطباء من التكفل الأمثل بالمرضى وفي أسرع وقت ممكن.
العتاد الطبي أساس التكفل الصحي
من جهتها، قالت الدكتورة بن بتقة، إن التجهيزات الطبية ضرورية للتكفل اللازم بالمرضى، مؤكدة أن نقصها لم يعد مطروحا كما في السابق، بالرغم من أن هذه المصلحة الأكثر استعمالا للعتاد الطبي الذي تنتهي صلاحيته بسرعة أكبر مقارنة بالمصالح الأخرى، إلا أنه يتم الحصول عليه حسب الحاجة .
وأكدت محدثتنا أن البدائل المستعجلة موجودة دائما، ولا يمكن ترك المرضى دون علاج، مشيرة إلى إجراءات الوزارة للتكفل بالمشكل من خلال حرصها على توفير التجهيزات اللازمة، من أجل استخدامها بشكل أمثل، يخدم مختلف الحالات الوافدة على المصلحة.
تجهيزات ومورد بشري في خدمة المريض
وأضافت الدكتورة بن بتقة في ذات السياق، أن توفير العتاد الطبي يسمح للأطباء ومسيري المؤسسات الاستشفائية من تقديم خدمات طبية ذات نوعية، في حين أن نقصها يجعلهم في مواجهة مباشرة مع المرضى الذين يعودون الى منازلهم محبطين، مؤكدة أن هذا نادرا ما تعيشه المصلحة التي تعمل على توفير الوسائل والأدوية اللازمة للعلاج .
في هذا الصدد، أكدت الطبيبة أن السلطات تقوم بجهود جبارة لتوفير أحسن تكفل بالمريض، سواء من خلال اقتناء التجهيزات عالية الجودة أو توفير الموارد البشرية لخدمة المريض، وهذا ما تحرص عليه المصلحة التي تسعى لتقديم خدمات تليق بالمرضى سواء، من حيث التشخيص، العلاج أو التوجيه.
وحرصت الوزارة في هذا الصدد، وبأمر من رئيس الجمهورية، على القيام بعمليات تفتيش باشرتها في بداية السنة مع المؤسسات الاستشفائية عبر كامل التراب الوطني، للوقوف على وضعية المؤسسات الصحية وطريقة التكفل بالمرضى، الوسائل والعتاد، النظافة الاستشفائية والتسيير العام للمستشفيات.
تقدم ملحوظ في التكفل الطبي
تنقلت “الشعب” إلى مصلحة جراحة طب النساء والتوليد بالمستشفى الجامعي بني مسوس، والتقت على مستواها بالطبيبة المقيمة المختصة في أمراض النساء والتوليد الدكتورة ع. زرزور التي قالت إن المصلحة تتكفل بجميع أمراض النساء إلى جانب الولادة، مؤكدة أن المصلحة تستقبل يوميا 40 حالة، أما في فصل الصيف، فإن عدد الولادات وحدها، يصل أحيانا إلى 30 ولادة طبيعية وقيصرية في 24سا.
وأكدت أن المصلحة تستقبل النساء من مختلف الولايات القريبة والبعيدة، وهذا للحصول على العلاج اللازم أو الولادة خاصة في الحالات المستعصية، على اعتبار أن التكفل يتعلق بالحالات الاستعجالية أو التي تحتمل الانتظار بعد أسبوعين أو أكثر، أما مصلحة الحمل الخطر تستقبل عدد من النساء لأجل المتابعة خاصة في أمراض القلب ضغط الدم والسكري، حيث الوجهة غالبا تكون مستشفى بني مسوس.
وأشارت الدكتورة إلى الضغط الكبيرة بمصلحة الولادة مما يصعب التكفل أحيانا بجميع الحالات القادمة من مختلف الولايات عين الدفلى والشلف وتيبازة وغيرها، مؤكدة توفر جميع التجهيزات للتكفل بالمرضى ماعدا “حاضنة الرضع” التي يوجه لها الأطفال الذين لديهم صعوبة في التنفس، أو المولودين قبل موعد الولادة.
وقالت الطبيبة إن مصلحة طب الأطفال تعمل ما بوسعها للتكفل بجميع حالات الأطفال الذين يحتاجون الدخول الى “حاضنة الرضع “، حيث نادرا ما يتم رفضهم لغياب الأماكن الشاغرة، مؤكدة أن جميع الطاقم الطبي بمصلحة طب النساء والتوليد المتكونة من 50 طبيب مقيم، تحرص على ضمان التكفل الصحي المناسب للمرضى.
التغطية الصحية.. الهدف الأساسي
بدورها، قالت الدكتور بوسنان في تصريح لـ«الشعب”، إن مصلحة التوليد تضمن التغطية الصحية 24/24، وصرحت أن المصلحة تتكفل بالنساء سواء قبل الحمل، مضاعفات الحمل والولادة (طبيعية، أو قيصرية) مشيرة بخصوص الصعوبات، أن “حاضنة الرضع” هي أكبر صعوبة تواجهها المصلحة، وأضافت أن الأطباء يحرصون على ضمان التغطية الصحية الكاملة خلال المناوبات الليلية، خاصة من حيث جاهزية الأطقم الطبية المتخصصة والوسائل الطيبة الضرورية، بما فيها العلاج على مستوى المصلحة، مؤكدة سعيهم لتوفير الرعاية الصحية اللازمة.
وأثبتت المعاينة الميدانية التي قادتنا إلى مصلحة التوليد بمستشفى بني مسوس التوافد الكبير للنساء، مما جعل المصلحة تستقبل أحيانا ما يفوق طاقتها الاستيعابية الأمر الذي يجعل إمكانية الحصول على سرير صعبة أحيانا، والحاضنة أمر أصعب، لكن رغم هذه الصعوبات، يحرص الطاقم الطبي على التكفل بجميع الحالات.
ملهاق: تطوير المنظومة الصحية.. إرادة صارمة..
أما الباحث في علم الفيروسات، الدكتور ملهاق، فقد قال في تصريح لـ “الشعب” إن هناك إرادة حقيقية وصادقة لتطوير المنظومة الصحية في جميع جوانبها، مشيرا أن الجلسات الوطنية للصحة بدأت تظهر نتائجها ميدانيا، من خلال حرص الوزارة على توفير التجهيزات والوسائل الطبية بجميع المؤسسات الاستشفائية.
وأضاف ملهاق يقول إن فتح باب الحوار مع عمال القطاع، إدخال الرقمنة، واستحداث الوكالة الوطنية للرقمنة التي جاءت تطبيقا لتوجيهات رئيس الجمهورية إيمانا منه بأنه لا يمكن تطوير القطاع دون الرقمنة التي باشرت عملتها قصد تحسين الخدمات الصحية على مستوى المستشفيات، خير دليل على ذلك .
وأكد الدكتور أن إرادة التغيير لوحظت ميدانيا من خلال توفير احدث للتجهيزات، لكن الإشكال يكمن في صيانة العتاد الطبي، موضحا أن المختصين طالبوا مرارا بتكوين تقنيين في مجال الصيانة لحل مشكل الأعطاب المطروح في العتاد الطبي على مستوى المستشفيات.
أوضح قائلا: “المشكل ليس في التجهيزات الطبية، لأن الجزائر قادرة على جلب احدث الوسائل والتقنيات الطبية في مختلف التخصصات، لكن يجب أن يتم التركيز على جانب الصيانة، الذي يعد مهما لتفادي تعطيل مصالح المرضى، وضمان تقديم أحسن الخدمات الصحية”.
للإشارة، فإن وزير الصحة عبد الحق سايحي، كان قد أكد خلال الملتقى الوطني الأول حول تحسين التجهيزات الطبية المنعقد قي ديسمبر الماضي، ضرورة الاستعمال الأمثل للتجهيزات الطبية وصيانتها لتحسين الخدمات الصحية المقدمة للمرضى، حيث أشار إلى وجود بعض النقائص التي يجب تداركها.