انتقلت الدكاكين الإعلامية المرتبطة بالمخزن المغربي، إلى مستوى آخر من تصعيد العداء تجاه الجزائر، عبر تقديم محتويات تتوهم التوسع الجغرافي تارة، وتسرق التراث الثقافي تارة أخرى. في وقت تدرك تمام الإدراك، أن المساس بما هو جزائري، ضرب من الخيال.
لا تتوقف رموز الدعاية المغربية حسب ملاحظات مراقبين، عن خوض معارك دونكيشوتية، عبر الوسائط الافتراضية ضد الجزائر، متخذة من الإساءة أو التشويش أو التشويه أو السرقة الموصوفة، أدوات دائمة لتقديم المحتوى الدعائي البليد الذي لا يصدقه أبسط مواطن مغربي يكابد من أجل قوت يومه.
المخزن الذي تطوقه «ثورة جياع» غير مسبوقة، منهمك في حياكة قصص الإلهاء، مستخدما أقلام التلوين التي يسهل محوها، لإعادة نسج قصص أخرى، وهكذا حتى ينسى المغاربة واقعهم المزري، ويصيبهم الإنهاك من تقليب صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لسد رمق الفضول.
لقد انحدرت الأبواق الإعلامية المخزنية إلى مستوى غير مسبوق، من السفاهة المهنية، ووصلت إلى حد يصعب فيه العثور على خبر جاد، يحاكي الواقع المغربي الرديء اقتصاديا، وشديد التوتر اجتماعا.
بل إن خططها صارت مفضوحة لدى العام والخاص، إذ تقوم بتعويم المحتويات اليومية وسط كم هائل من الأخبار المضللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حتى يسهل تمرير المواد التي تتطابق والواقع المر، قصد النجاة من غضب الرأي العام المغربي.
مؤخرا، قامت هذه الأبواق بدس خبر لجوء الحكومة المغربية، مرة أخرى، إلى صندوق النقد الدولي، قصد الحصول على قرض إضافي بـ 6 ملايير دولار، وسط أكوام هائلة من النفايات الإعلامية المضللة.
لقد أصبحت فصول المشهد في المغرب واضحة للعالم أجمع، تختزل في كونه دولة ضعيفة مهووسة بأطماع التوسع، تحاصرها الأزمات الاقتصادية والاضطرابات الاجتماعية..
وعليه، من غير الممكن، برأي متابعين، أن تنطلي على الشعب المغربي، محاولات تصدير أزمته العميقة والمعقدة إلى دول الجوار، فقد سئم من لعبة استخدم اسم «الجزائر» كمسكن للآلام، ولم يعد أمام القصر الملكي أو الحكومة التي يقودها أحد الكارتيلات المالية المتوحشة، من سبيل، سوى الاستفاقة اليومية على صوت الأواني الفارغة التي تقرعها العائلات المغربية من الفاقة، ومحاولة إيجاد ما يسد الرمق.
والواضح أيضا، أن نخبة المخزن عاجزة عن تكرار خطة بني صهيون، وإسقاطها على الشعب المغربي الشقيق، رغم اتخاذها للصهاينة طوق النجاة والنموذج المقتدى في التوسع والاحتلال.
وإذا كان الصهاينة قد تجندوا خلف الخرافات المزعومة، مثل «الهيكل» أو «الأرض الموعودة»، فإن المخزن يحقن عقول شعبه بمخدر الجغرافيا المقدسة، ويحاول عبثا تعبئته حول خرائط وهمية، لكن الأخير استفاق على كارثة أكبر وأخطر، فبلاده المعروفة الحدود والمساحة لدى العالم أجمع، باتت مهددة بالاختطاف والإغراق بالنفوذ الصهيوني منذ قرار التطبيع الاستثنائي سنة 2020، والذي لم يجلب سوى مزيد من الفقر والفضائح.
وقد يكون مهما، التساؤل عما يدعو بلدا لا يملك أي من وسائل التنافس الاستراتيجي في جواره الإقليمي أو داخل بعده القاري، إلى امتهان القرصنة في جميع المجالات، والاعتماد على الإساءة في العلاقات، ومن ثم لعب دور الضحية وذرف دموع التماسيح عندما يكتشف حجمه الحقيقي.
الجواب على هذا التساؤل بسيط، هو حسب ملاحظين، أنه مجرد دولة وظيفية، في أيادي كيانات تقاسمها الهوس المرضي في محاولات إثبات الذات، واستهداف الدول الثابتة على مبادئها، والغنية بمآثر التضحية والشرف.