أتيح لنا، قبل يومين، أن نتابع فيلما من إنتاج مشترك (جزائري- فرنسي- بلجيكي)، يقدم نفسه في شكل كوميدي، غير أن طبيعة معالجته للأفكار الراسخة في المجتمع الجزائري لا تخلو من التحريف والتزييف، بل إنها تكرّس الخطاب الكولونيالي القديم بجميع أدواته التي تهدف إلى الانتقاص من «الجزائري» والنيل من قيمه العليا..
حاصل الحال أننا لا نجد حاجة في ذكر عنوان الفيلم؛ لهذا نكتفي بأنه – في مجمله – يحاول أن يكون مضحكا بما يعتمد من وضعيات مقلوبة، لا نرى أنه وفق فيها كثيرا، غير أنّه نجح باقتدار في الخروج عن المعقول وما تستوعبه العقول، حين أصرّ على تقديم (مهر الزّواج) على أنّه صفقة يعقدها والد العروس، كي يقبض من العريس ثمن ابنته، وهذا إفكٌ مبينٌ تردّد كثيرا في مختلف الكتابات الفرنسية، ويؤسفنا أن يتواصل في محاورات فنانين جزائريين كان ينبغي أن ينالوا من العناية ما يحصّنهم من الوقوع في الخطاب الكولونيالي الساذج..
ولسنا ضد الإنتاج المشترك، فهذا قد تكون له فوائده، غير أن الفيلم الذي يمثل الجزائر ينبغي أن يكون في مستوى قيمها العليا، لا أن يتّخذها موضوع استهزاء، كأن يقول الخاطب لوالد العروس: (أعطيك فيها خمسة ملايين ومائة وعشرين دجاجة، وقطعة غيار سيارة طراز كذا وكذا)، فهذا يكرّس فكرة «احتقار المهر»، وقد يرسخها في المخيال العام، فيحقق ما فشل فيه أدهى دهاة المستشرقين الفرنسيين..
السينما ليست للتسلية فقط، كما قالها الرئيس تبون صريحة واضحة، فهي تصنع فكر المواطن، وتوجّهه نحوالغايات السامية لأمته. وعلى هذا، ينبغي الحرص على القيم الجزائرية وترسيخها في السلوك العام، لا أن نتوكأ على مسمى «الشراكة»، ونترك للآخر المجال كي يمرّر ما يشاء..