تطرق باحثون إلى دور الدبلوماسية الجزائرية في تحقيق الإنتصار على أكبر قوة استعمارية، بفضل حنكة قادة الثورة، الذين عرفوا كيف يفاوضون العدو الفرنسي، وتمسكوا بوحدة التراب الجزائري.
دعا المحاضرون في منتدى الذاكرة، المنظم من طرف جمعية مشعل الشهيد بالتنسيق مع يومية المجاهد، اليوم، الشباب للإقتداء بأسلافهم بالتمسك بالوحدة الوطنية مهما كانت الإختلافات،.
أكد الباحث في الحركة الوطنية وتاريخ الجزائر، عامر رخيلة في مداخلته، أن 19 مارس 1962 تاريخ ناصع في ذاكرة الجزائريين، ولابد من إعادة الإعتبار له، لأنه اليوم الذي وضع فيه حد لجريمة استعمارية حاولت إلغاء وجود دولة وشعب جزائري، ومحاولة إلحاقها بفرنسا.
وقال رخيلة إن جبهة التحرير الوطني كان لها نجاح سياسي وعسكري مبكر، بفضل حنكة قادتها، ، وأشار إلى أنه في الفترة 1955-1960 ظلت الأمم المتحدة مترددة في قرارها، وجاءت الإنتفاضة الشعبية 11 ديسمبر 1960، فسقطت الذرائع الفرنسية وتدفع هيئة الأمم المتحدة لإصدار لائحة في 20 ديسمبر 1960، تدعو فرنسا للجلوس الى طاولة المفاوضات من أجل تقرير مصير الجزائريين، وكان انتصارا سياسيا .
ووصف الدكتور والباحث في الطاقة النووية، عمار منصوري، 19 مارس 1962، بأنه محطة تاريخية هامة جدا لأنه تاريخ مفصلي في 132 سنة من استعمار وقمع وتهجير وتقتيل وانتصار ثم استقلال، وشدد على ضرورة الحفاظ على هذا التاريخ لأنه نتيجة كفاح ثوري قام به الجزائريون ونضال مرير منذ 1830، من مقاومات شعبية وثورة تحرير.
وأوضح المحاضر أن اتفاقيات ايفيان التي أوصلتنا للإستقلال مرت بمراحل عديدة، تعطلت بسبب سياسة الرئيس الفرنسي، شارل ديغول، الذي أنشأ محافظة الطاقة الذرية في 1945، هدفها برنامج نووي عسكري فرنسي.
وفي 1957 طرح ديغول سياسة فصل الصحراء بعد رجوعه الى السلطة في 1958 واقترح أن يكون الاستقلال في الشمال، وكان مبدأه وقف إطلاق النار بدون مفاوضات، ولا حديث عن الصحراء، وهو ما رفضته جبهة التحرير الوطني، ما أدى الى تراجع ديغول عن فكرته في فصل الصحراء عن الشمال،
وتحدث الباحث عن نية مبيتة من فرنسا الاستعمارية، “فيه بند في اتفاقيات ايفيان أن فرنسا تبقى في الجزائر 15 سنة في المرسى الكبير وخمس سنوات في أربع قواعد عسكرية بالصحراء وهي رقان، عين يكر، حما بئر، وووادي الناموس”.
ودعا منصوري إلى ضرورة إعادة النظر في إتفاقيات إيفيان، لأن المفاوض الفرنسي خدع الجزائريين، ولم يخبرهم بأنه عندما يبقى 5 سنوات في الجزائر، أنه ستكون لتجاربها مثلما أسمتها تداعيات خطيرة على صحة الإنسان، والبيئة والحيوان، ولم يتم التفاوض على هذا الأمر، وقال: ” هذا غير مقبول في القانون الدولي”.
وأشار إلى أن فرنسا شرعت في تجاربها الكيميائية والبيولوجية في 1930، في منطقة شنقة بتوقرت ثم تحولت إلى منطقة وادي الناموس، وحاليا المنطقة ملوثة بسبب التفجيرات الفرنسية في الصحراء الجزائرية.
وكشف الباحث منصوري، عن حصوله على وثيقة عبارة عن دعوى قضائية رفعتها إحدى الجمعيات الفرنسية تسمى “المغرب الكبير”، في المحكمة الأوروبية ضد فرنسا يوم 28 فيفري، تفضح فيها جريمة فرنسا، وتؤكد أن اتفاقيات ايفيان ظلم فيها الجزائريين ولم تخبرهم بأن هذه المواقع فيها خطر.
وقال:” بعدما رفض مجلس الدولة الفرنسية هذه الدعوة اتجهت الجمعية إلى المحكمة الأوربية. نحن ننتظر ما ستسفر عنه القضية”.
وتطرق المجاهد بجيش التحرير الوطني، عيسى قاسمي، إلى وسائل استعملتها جبهة التحرير الوطني لمواجهة الآلة الإستعمارية الفرنسية المدمرة، وهي سلاح السياسة، والرياضة عبر فريق جبهة التحرير الوطني، وفنيا عبر الفرقة الفنية، وأكد أن ديغول اكبر مدمر ومجرم.
ووصف وضعية الجزائريين في 19 مارس 1962، بالقول: كانت مزرية جدا فقر مدقع، ومجاعة وبطالة، حيث تلقت الجزائر مساعدات من الولايات المتحدة الأمريكية قدرت بـ350 ألف من المساعدات الغذائية، ومساعدات من دولة يوغسلافيا، للخروج من المأزق.
ودعا الشباب للحفاظ على الجزائر، التي ضحى من أجلها الملايين من الشهداء، ويقتدوا بأسلافهم الذين اتحدوا رغم خلافاتهم من أجل إسترجاع السيادة الوطنية، وحققوا الإنتصار على أكبر قوة استعمارية آنذاك