كتابة السيناريو لا تشبه النزهة في شيء، وكاتب السيناريو ينبغي أن يكون متمرّسا في كثير من الحقول المعرفية، وفوق هذا كلّه، ينبغي أن يحظى بما لا يمكن أن يحصل عليه في مدرسة ولا في معهد، وهو «الموهبة» و»الرغبة» و»حب الكتابة»، وهذه (مآثر) يحتاج الواحد من الناس شيئا لا يستهان به من الصبر كي تتحقّق له، ويصبح كاتب سيناريو يستحق اسمه..
«التمثيل» بدوره ليس من المواد واسعة الاستهلاك، وهو ليس متاحا على رفوف العرض بالمساحات الكبرى، وإنما يحتاج إلى موهبة فذّة، تصقلها التّجربة، دون إعفاء من حقول المعارف. فـ»الممثل» فنان كامل، وليس مجرد (مطبّق) لآراء المخرج والسيناريست، وله كلمته المسموعة في جميع أطوار العمل الفنّي، كي يؤدي الوظيفة المرجوّة منه. ولهذا بالضبط، نسمع بين حين وآخر، أخبارا عن فنانين مرموقين يرفضون أعمالا لأسباب مختلفة، قد يكون الغالب عليها أن الفكرة المؤسسة للعمل، لا تطابق رؤية الفنان وموقفه من القضايا المعالجة..
ولا نشكّ مطلقا في مستوى فنانينا، فقد قدّموا أعمالا رائدة حفظت للجزائري مقامه وقيمه، وجعلوا من الشاشة الجزائرية، شاشة الأمان الوحيدة التي تجمع العائلة الجزائرية أمام روائع فنية تحمل آلامهم وآمالهم، وتجسد تاريخهم وعظمته، تماما مثلما ترسم واقعهم وآفاقه.. ولسنا نحتاج إلى دليل نقيمه، فالعائلة الجزائرية لا تجتمع إلا أمام الشاشة الآمنة، وليس مثل شاشة التلفزيون الوطني في الأمان..
ما يحزّ في النّفس، هو أن نتابع أعمالا فنية يشترك بها ممثلون جزائريون، نحسبهم من المرموقين، ولكنهم – مع الأسف – يقعون في الفخاخ التي تعدّها لهم السيناريوهات، فتجدهم يمرّرون بملامحهم السمحة ولغتهم القريبة من قلوبنا، ما عجز الأعداء عن تمريره.. هذا ويفرض علينا القول بصراحة، إن «الفن» أكبر من أن يُحصر في قيمة «عقد عمل»..