من لطائف ما بلغنا عن «الرقمنة» أن واحدة من الإدارات المرموقة لم تستطع استيعاب فكرة «شهادة الميلاد» التي تحمل (شيفرة QR)، فقد تعوّد مستخدمو المؤسسة إياها على ختم البلدية (الجهوري) اللون، ولم يصدّقوا مطلقا وجود إمكانية الحصول على شهادة ميلاد حقيقية بمجرد التعامل مع موقع وزارة الداخلية، بل إنهم لم يصدّقوا أن الرقمي من الشهادات يمكن أن يكون مطابقا تماما للسجلات القانونية.. لهذا، يصرّون على رفض كل ما هو رقمي، ويطالبون بالشهادات الكلاسيكية، درءاً لأية (شبهة) ممكنة..
ومن اللّطائف أيضا، ما روى لنا واحد من الأصدقاء عن تجربته في التعامل ببطاقة الدّفع البنكية، ولقد أثنى عليها، وباركها، وشكر ما رفعت عنه من أعباء التنقل إلى مراكز البريد من أجل دفع أثمان فواتير الماء والكهرباء وأنترنيت وغيرها.. وأضاف، أن أجمل ما في بطاقة الدّفع، أنها تجنّب صاحبها عناء رؤية (ماله وهو يفرّ منه)، فيدفع راضيا مرضيا على منهج قول الشاعر الكبير.. (عين لا ترى قلب لا يوجع)..
وقد يكون واضحا من اللطيفتين اللتين ذكرنا، أن الناس يمكن أن يلمسوا فوائد «الرقمنة» في حياتهم اليومية، ولكن التصديق بما تتيحه الأدوات التقنية من سهولة عجائبية في قضاء المصالح، يحتاج بعض الوقت، تماما مثلما يحتاج إلى ذهنيات متفتحة على آفاق واسعة، ويحتاج إلى قابلية للتطوّر، ويحتاج حتى إلى الإيمان بالمثل الجزائري الرهيب: (اللي فات وقتو، ما يطمع في وقت الناس)..
حاصل الحال أن «الرقمنة» تزحف على حياتنا اليومية، والأفضل أن نسارع إلى اكتساب المعارف الجديدة، وتطويعها، حتى لا نجد أنفسنا خارج التاريخ..