قدّم مراد سعدي المختص في قطاع السيارات، العديد من المعطيات المستفيضة حول الانفتاح الكبير الذي تشهده الجزائر في الآونة الأخيرة في هذا القطاع الميكانيكي الاستراتيجي، سواء على صعيد التصنيع والتركيب أو الاستيراد، في ظل حاجة الحظيرة الوطنية للسيارات إلى التجديد.
قال إنّ استيراد أول سيارة من علامة “فيات”، منتظر بداية هذا الأسبوع، في انتظار تصنيع أول سيارة من هذه العلامة بالجزائر شهر ديسمبر المقبل، كما تحدّث عن أهمية إقامة نسيج مؤسّساتي للمناولة وتكوين المهندسين الجزائريين في صناعة قطع الغيار، وترقية ودعم قدرات شركات المناولة الناشطة على خلفية أنّها تحتاج إلى توجيه وتأهيل.
الشعب: هل يمكن القول إنّنا نقترب بخطوات ثابتة وسريعة من انتعاش سوق السيارات بعد عودة الاستيراد مع ثلاث علامات جديدة قريبا؟
المختص في قطاع السيارات سعدي مراد: ينبغي الإشارة إلى أن السيارات من علامة “فيات” ستكون متوفرة في السوق الوطنية عبر عملية الاستيراد بحر هذا، والغالب أنّ تاريخ طرحها على المستهلك سيكون في هذا اليوم 19 مارس، أي سيكون فاتحة استيراد وبيع هذه السيارة؛ لأنّ علامة “فيات” لديها في السوق الجزائرية صفة مصنع، أي بعد الاتفاقيات المبرمة، وكذلك المصنع قيد الإنشاء وعندما تكون آلياته الإنتاجية والتصنيعية جاهزة، يشرع في إخضاع التقنيين والعمال إلى التكوين، ومع بداية شهر ديسمبر المقبل، سترى أول سيارة منتجة بالجزائر من علامة “فيات” النور، وبالتحديد يتم صنعها في المصنع الذي سينطلق نشاطه خلال شهر أوت المقبل، وينتظر أن يتمرّن المصنع على تركيب وتصنيع السيارات، وهذه السيارات المصنعة تستغرق مدة شهر واحد لصناعتها، وبعد ذلك ستخضع للمراقبة التقنية من حيث جودتها ومطابقتها للمعايير، وخلال السنة الجارية سينطلق المصنع في التسويق التجاري للسيارات عبر شبكة توزيع علامة فيات والتي تنتمي إلى المجمع “ستيلانتيس”.
وفيما يخص الموديلات المستوردة المرتقبة حسب المعلومات المتوفرة، فإنّ هناك موديل من نوع “فيات 500 إبريد”، ويتأهّب من أجل تسويق هذا النوع في السوق الجزائرية بحر هذا الأسبوع على أقصى تقدير، علما أنّها ستكون مرفقة بموديلات أخرى، لأنّ مجمّع “ستيلانتيس” و«فيات” الجزائر، لم يكشفوا بالتحديد ما هي موديلات السيارات، ولكن حسب ما ينتظر، سيتم طرح كل من “فيات تيبو” و«فيات بوندا” و«دوبلو” و«كيبو”، بمعنى أنها موديلات وسيارات صغيرة موجهة للعائلات والخواص على حد سواء، ويمكن القول إن النشاط سيعود تدريجيا أي دخول علامة “فيات”، وبعد ذلك وبالتحديد في شهر أفريل المقبل، من المقرر أن نشاهد استيراد علامة “أوبل”، لأنّها ستشرع في تسويق موديلاتها على ضوء إجراءات تبناها ممثل هذه العلامة، وأما بعد شهر رمضان المقبل، أي خلال الأسبوعين الأوليين من شهر ماي المقبل ستدخل علامة “جاك” السوق الوطنية عبر طريق الاستيراد، وينتظر أن تدخل بقوة، لأنّ المدير العام للشركة كان قد صرح أن مخطط التسويق المحضّر يتمثل في استيراد 20 ألف سيارة من كل الأنواع، أي شاحنات وسيارات سياحية وكذا نفعية، وجميعها سيتم توزيعها في عام 2023، وينوي استيراد هذا العدد للسوق الوطنية بداية من شهر ماي إلى غاية نهاية السنة الجارية، ودون شك ستتبعها علامات أخرى مثل “شيري” و«بيجو” وعلامات أخرى ستدخل تدريجيا، وفيما يتعلق بعلامة “فولسفاغن”، سجل هذا المجمع في المنصة الرقمية لوزارة الصناعة من أجل إنجاز مشروع صناعي، ولغاية اليوم لم يتّضح إن كان قد أودع أي طلب له من أجل الاستيراد وهذا المشروع لا ندري أين وصل..أي إذا أودع ملفه أم لا..
ما أثر هذا الانفتاح الكبير من خلال الترخيص لعلامات جديدة عبر الاستيراد على صعيد انخفاض الأسعار في السوق الوطنية؟
نتوقّع أن تتراجع وتنخفض أسعار السيارات المستعملة؛ لأنّها منذ سنوات وإلى غاية الوقت الراهن، بلغت مستويات خيالية، وتأثّرت معها قدرة المستهلك الجزائري، ومع دخول عدة علامات إلى السوق الوطنية، يتوقع أن يسجل انهيار كبير في أسعار السيارات المستعملة، غير أنه بخصوص السيارات الجديدة لا ينبغي أن ينتظر المستهلك الجزائري أن تكون أسعارها منخفضة، لأن تكلفة صناعة السيارة ارتفعت كثيرا في مختلف الأسواق العالمية ولدى جميع العلامات، بسبب عدة عوامل، نذكر من بينها أزمة الرقائق الالكترونية عالميا، وتقلص إنتاج هذه الرقائق؛ ولأنّها عطلت من عملية تركيب السيارات على مستوى المصانع في العالم، وكذا تداعيات أزمة كورونا وأثر الحرب الروسية الأوكرانية، وكل ذلك خفض من الطاقة الإنتاجية للمصنعين، لأنّهم لم يتمكنوا من إنتاج الكميات المعتاد طرحها. وفي الأسواق الأوروبية، سجل بالموازاة مع ذلك، طلب جد كبير على السيارات، وكذا ما قابله من تسجيل آجال التسليم الطويلة لمختلف الطلبيات، وذلك ما جعل العديد من الزبائن يتوجّهون لاقتناء السيارات المستعملة، وهذا ما ألهب أسعار السيارة المستعملة في أوروبا والدول المتقدمة، كما أنّه لدى الحديث عن رخصة الجزائر من أجل استيراد السيارات المستعملة أقل من ثلاث سنوات، أؤكد أن هذا النوع من السيارات مرتفع الثمن، ويتطلب اقتناء العملة الصعبة من السوق الموازية، واقتناء سيارة لا تتوفر بها ضمانات كثيرة من حيث صلاحيتها ونوعيتها الجيدة، أي أنها ذات مواصفات أوروبية لا تنطبق مع الوقود المستعمل لدينا والمحيط الذي نعيش فيه بشكل عام. وأما على صعيد السعر، فإن سعرها مرتفع جدا، وفي آخر المطاف كمستهلك جزائري، أعتقد أنه من الخيارات الجيدة التوجه إلى المصنع أو طلب السيارة من الوكيل المستورد لهذه السيارة، لأنه يوفر ضمان لمدة 5 سنوات ويضمن فوق كل ذلك، خدمات ما بعد البيع، وكذلك توفير قطع الغيار، ويتسنى له اقتناء سيارة جديدة في ظروف محترمة من “الشوروم”، والخيار بالنسبة لي واضح إلى غاية قيام الوكلاء بالاستيراد. أعتقد أن السيارات التي تقتنى أقل من ثلاث سنوات لا توجد بها ضمانات كافية بالنسبة للبعض، وكذا غياب خدمات ما بعد البيع وسعرها غير منخفض وتتسم مع تحويل العملة الصعبة للخارج.
خلاصة القول في هذا المقام، إنّ السيارات المستعملة ستنخفض أسعارها إلى المستوى الحقيقي لها، أي كلما كانت الوفرة، من الطبيعي أن ينعكس ذلك على مختلف الأصعدة، أي تكون أريحية للمستهلك في اقتناء سيارة بأسعار غير مبالغ فيها.
في خضم هذا التطور في سوق السيارات، ومع صدور العديد من القرارات القوية للتصنيع والاستيراد، دون شك، فإنه ينبغي التفكير الجيد من أجل توسيع نسيج مؤسساتي معتبر للمناولة..ما رأيك؟
تركيب وصناعة السيارات، يتطلب إنشاء المئات من شركات المناولة، ويشترط توفر معايير وظروف معينة يحددها المصنع الأصلي، ونجد أن هناك مناولين منتوجهم لا يتطابق مع شروط ومعايير صاحب العلامة التجارية للسيارة، لذا أتمنى تشجيع المتعاملين الجزائريين، وحتى يعكف هؤلاء المتعاملين والمهتمين بمجال المناولة الاستثمار في حيازة التجهيزات، من أجل ترقية نوعية وحجم إنتاجهم، ويجب تكوين المهندسين ووضع الثقة في مهندسينا وتكوينهم حتى إذا تطلب الأمر إرسالهم للخارج، للتكوين لدى مصنعي قطع الغيار، ومن ثم يعودوا لمباشرة مهامهم في الجزائر، لإنتاج قطع غيار للتركيب الأول الذي ينطبق مع شروط ومعايير المصنع.
ماذا ينتظر أن تقدّم عودة صناعة واستيراد السيارات وانتعاش الصّناعة الميكانيكية للاقتصاد الوطني؟
أقول إنّ مجال صناعة السيارات، سواء تعلق الأمر بالاستيراد أو التصدير، بإمكانه أن يقدم الكثير للاقتصاد الجزائري، ولا يمكن تصور اقتصاد من دون شاحنات أو سيارات نقل البضائع وحتى سيارات سياحية، لأنه نسبة 98 بالمائة من نقل البضائع لدينا يتم نقلها عبر الشاحنات، وبخصوص كيفية المواصلة في هذا المسار، لأن حظيرة السيارات قديمة، وكذا حوادث المرور يتم تسجيلها أسبوعيا، لأن الحظيرة بدأت تتقادم، لذا يجب عن طريق التصنيع والاستيراد أن نعكف على عملية تجديد الحظيرة لتسمح بنقل الأشخاص والبضائع وفي كل ذلك، الجزائري يجب أن يصل إلى مستوى معيشي مقبول. ولا يخفى أن دخول سيارة نفعية واحدة للسوق الجزائرية، يقابلها فتح 5 مناصب شغل، وأما صناعة وتوزيع السيارات، يتمثل في خلق الثروة ومناصب الشغل بعشرات الآلاف، ومصنع السيارات وحده، إذا كان المشروع متينا، ينتظر أن يستحدث ما لا يقل عن 6000 منصب شغل مباشر في هذا المصنع، ويضاف إلى ذلك مناصب شغل غير مباشرة يستحدثها مضاعفة ثلاث مرات، أي تشمل شبكات توزيع على المستوى الوطني لعلامات عديدة، أي المواقع التجارية، وكذا الخدمات ما بعد البيع والإدارات ومصالح غسل السيارات، والحراسة والتأمينات، بالإضافة إلى مناصب الشغل المستحدثة من الاستيراد والتصنيع، علما أنّها قد تصل إلى عشرات الآلاف.
