أحكمت الجمعية العلمية – البوزجاني ـ حساباتها الفلكية، وجاء ما قدّرت بالضبط للتاسع والعشرين من شعبان، لحدّ الآن على الأقل، لنستقبل غدا – بإذن الله – شهر رمضان بكرمه وسموّه، وما يبثّ من طمأنينة في النفوس وتقارب بين الأرواح..
ولقد أعجبنا من بيان «البوزجاني»، أنه أبدى ما ترتاح إليه القلوب من رفيع الأخلاق، وهو يقدّم معلومات قيّمة، ويشير إلى أن الكلمة الفصل في موضوع «رؤية الهلال»، تختصّ بها لجنة الأهلة الموقرة، وأن موضوع «الحسابات» لا يتجاوز «الاستئناس»، ويقصد حصرا إلى الدّربة على متابعة الظواهر الكونية وما تتضمنه من آيات ومعجزات، وهذا خطاب رفيع، يحدّث عن المستوى العالي الذي بلغته جمعية «البوزجاني» في حقل تخصّصها، فكانت – حقّا – نموذجا فريدا في مجال العمل الجمعوي ببلادنا، حين اشتغلت على نشر المعرفة العلمية، واهتمت بتربية الناشئة على محبّة العلوم، دون أن تقع في (فخ) التعالم، ولا في خطايا ذلك الخطاب السّاذج الذي اعتمده – فيما مضى – بعض (المتفيهقين) الذين يعتقدون أن (وجودهم يقتضي إلغاء الآخرين)..
وقد يكون واضحا أن «علم الفلك» لا علاقة له بما كان يسمى في الزمن الغابر بـ(علم التنجيم)، فالأول علم قائم بذاته يقوم على نظريات واضحة، وملاحظات حصيفة وحسابات دقيقة، بينما يطلق إسم (العلم) على الثاني مجازا، فهو مجرد ادّعاء بأن (النجوم) يمكن أن تخبر الواحد من الناس عمّا تخبئ له المقادير، وهذا لا يمكن تصديقه، وهو «شعوذة» صريحة لا علاقة لها بعلم ولا عمل..
ولا نجامل أحدا إن قلنا إنّ من حقنا أن نعتز ونفخر بعمل «البوزجاني»، وقد بقيت راسخة عميدة، عرفت كيف تسير في دروب المعرفة، وتحتفظ بوقار الكبار..