أسدى رئيس الجمهورية خلال ترأسه للاجتماع مجلس الوزراء الأخير جملة من التوجيهات والتعليمات والإرشادات، تخص الأداء الحكومي، من بينها الامتناع النهائي عن الاستعمال المُبالغ فيه للعبارات السياسية النمطية التي تمجد الشخصيات وتقدسهم، عبر أي وسيلة إعلامية، توحي بأن كل نشاط حكومي مهما كان نوعه، هو بتوجيه من السيد رئيس الجمهورية، كما دعا الرئيس إلى الاحترام الصارم للمواطنين والشعور العام، في كل خطوة أو معاملة، كون رضا الشعب هو المقياس الأوحد لحسن الأداء، لبناء جزائر مهابة وقوية.
يرى حسان بلحسن، الباحث والمختص في العلوم السياسية، في تصريح لـ«الشعب” أنّ بيان مجلس الوزراء يحمل دلالات رمزية جد هامة، خاصة وأنه جاء غداة التعديل الجزئي للحكومة، ويمكن اعتباره بمثابة خارطة طريق ضابطة للعمل الحكومي، والملاحظ أنّ قرار الرئيس بمنع استعمال العبارات السياسية النمطية التي تمجد الشخصيات وتقدّسهم، إنما هو انسجام مع التوجه الذي عبّر عنه فور أدائه اليمين الدستورية، بالدعوة إلى التخلي عن لقب الفخامة، وفي نفس الوقت يسمح للفريق الحكومي بالتحرر من القيود البروتوكولية التي كرّستها المنظومة السابقة. ويضيف ذات المتحدث أنه يمكن القول إجمالا، إنّ هذا البيان هو مؤشّر عن تطور في منظومة الاتصال السياسي والمؤسساتي مما يحقق التقارب بين الفواعل الرسمية وغير الرسمية، كما يمكن اعتبار مضمون البيان، تكريسا للمقاربة التشاركية التي تستدعي إعادة ترتيب الأولويات في علاقة الحكومة بالمواطن، انطلاقا من مخرجات الفعاليات المختلفة في إطار الهيئات الاستشارية المستحدثة مثل المرصد الوطني للمجتمع المدني والمجلس الأعلى للشباب والمجلس الوطني الاقتصادي، الاجتماعي والبيئي.
تخفيض أسعار تذاكر النقل لفائدة الجالية
من جانب آخر أمر الرئيس بتخفيض أسعار النقل الجوي والبحري، استثناءً في شهر رمضان، بنسبة 50 بالمائة، لفائدة الجالية الوطنية بالخارج، للسماح لأفرادها إن أرادوا، قضاء هذا الشهر الفضيل، في أحضان عائلاتهم ووطنهم، نظرا للمتاعب الاقتصادية، في بلدان إقاماتهم.
وبهذا الصدد يقول رئيس الجمعية التضامنية للجالية بالمهجر يوسف بوعبون، في تصريح لـ “الشعب” “نثمن قرار الرئيس عبد المجيد تبون بتخفيض أسعار تذاكر النقل الجوي والبحري بمناسبة الشهر الكريم، والذي تزامن مع عيد النصر 19 مارس، الذي أحيته جاليتنا بباريس ولأول مرة بوقفة تضامنية مع الوطن وضد أعدائه الساعين للتشويش على مؤسساته، بحيث شاركت في هذه الوقفة أعداد كبيرة، فاقت 10 آلاف من أولاد جاليتنا، الذين تنقلوا من كل مناطق فرنسا ومن بعض الدول الأوروبية الأخرى إلى العاصمة باريس، للوقوف كرجل واحد وبروح جزائرية واحدة مع الوطن”.
ويوضح يوسف بوعبون، أن الجالية استحسنت هذه الخطوة، مؤكدا في ذات السياق أن الرئيس عبد المجيد تبون، أعطى عناية واهتماما كبيرين للجالية ويمكن رصد عدة مكاسب اليوم، والتي تتجلى خاصة من خلال إلغاء المادة 51 في الدستور السابق، والتي كانت تنص على منع أبناء الجالية من تولي مناصب سامية في الدولة، وقد كانت بمثابة مادة مفرقة للجزائريين، علاوة على ذلك فقد مكن أفراد الجالية من الحصول على تمثيل في المرصد الوطني للمجتمع المدني وكذا المجلس الأعلى للشباب، بالإضافة إلى إقرار مجانية نقل الجثامين من خلال تكفل الدولة بهذه العملية وهذه أيضا نقطة ايجابية انتظرتها الجالية مطولاً.
من جهته، يوضح حسان بلحسن، الباحث والمختص في العلوم السياسية، أن التدابير المعلن عنها لصالح الجالية الوطنية بالخارج يمكن اعتبارها تصحيحاً لعلاقة الدولة بهذه الفئة مقارنة مع مراحل سابقة، فعلى المستوى الرسمي خصّ الرئيس أفراد الجالية بالاهتمام وهذا ضمن التزاماته الانتخابية، وبالتالي فمن الطبيعي أن ينعكس ذلك على مستوى البرنامج الحكومي، كما اتضح أنّ الجالية الجزائرية، قد عبّرت بوضوح عن تمسكها بالانتماء الوطني وانخراطها في قضايا الشأن العام، ولعل أزمة كوفيد 19 خير مثال على ذلك، إضافة إلى فتح المجال أمام النخب والكفاءات الجزائرية في الخارج.
وعليه فقرار تخفيض أسعار التذاكر هو مواصلة لسلسلة إجراءات أخرى على غرار تمكين أفراد الجالية من الاستفادة من التقاعد والتكفل بنقل الجثامين.. ويضيف حسان بلحسن أن هذه الإستراتيجية، تسمح بتثمين قدرات الجالية كجزء من الأمة الجزائرية خاصة في ظل التحديات الجيوسياسية التي يعيشها العالم.