تدخل مناقشة نواب المجلس الشعبي الوطني، مشروع القانون العضوي للإعلام، في سياق تجسيد أحد تعهدات الرئيس تبون لتعهداته 54 في شقها المرتبط بالإعلام، والهادفة لتكريس حرية الصحافة وضمان احترام قواعد الاحترافية وأخلاقيات المهنة.
في هذا هذا الصدد، أكد وزير الاتصال، محمد بوسليماني، أهمية مشروع القانون بالنظر إلى “الدور الأساسي للإعلام في صناعة الرأي العام وتوجيهه خاصة في ظل التطورات المذهلة التي تشهدها تكنولوجيات الاعلام والاتصال.
وأشار الى أن مراجعة الإطار التشريعي المتعلق بالإعلام تستهدف “تعزيز الخيار الديمقراطي وتوسيع نطاق الحريات العامة وكذا ترسيخ مبدأ الحق في الاعلام الذي يعد عنصرا أساسيا لنقل وتلقي مختلف المعلومات والأفكار والآراء في إطار احترام الثوابت الوطنية”.
ويسعى -يضيف بوسليماني- هذا النص الى “تلبية تطلعات المواطن في الوصول الى المعلومة الموثوقة وذات مصداقية والاستجابة إلى حاجة مهنيي الاعلام في تنظيم نشاطاتهم”.
وقال الوزير إن “مواجهة المشهد الإعلامي الوطني لتحديات الألفية الجديدة لن تكون دون إصلاح شامل لأساليب عمل المنظومة من خلال إرساء قواعد قانونية جديدة توازن بين الحرية والمسؤولية”.
“خطوة فعالة ومؤطرة للإعلام”
في اتصال هاتفي مع “الشعب أونلاين”، يعتبر رئيس المجموعة البرلمانية لحركة البناء الوطني، السعيد نفيسي، مشروع القانون العضوي للإعلام خطوة فعالة ومؤطرة للإعلام في الجزائر.
ويقول نفيسي إن “مشروع القانون حمل كثيرا من النقاط الجدية، خاصة الانسجام والتكيف مع دستور نوفمبر 2020، والقانون يضمن بشكل واضح حرية الصحفي والحصول على المعلومة مع سرية مصدر المعلومة”.
ومن أهم الإجراءات التي تضمنها مشروع القانون، -يؤكد المتحدث- معاقبة المتجاوزين في حق الصحفي وضمان حقه والحد الٱدنى من الحقوق في مهمته كصحفي.
وعن سؤال حول مدى تنظيم القطاع بعد المصادقة على مشروع القانون العضوي للإعلام، استبعد النائب الحديث عن تنظيم الإعلام ككل في وقت لا زال النواب ينتظرون مناقشة قانون الصحافة المكتوبة والالكترونية وقانون السمعي البصري.
وتابع في هذا السياق: “كل هذه المشاريع القوانين متداخلة وكل واحد منها يكمل الٱخر، ولا تكتمل الصورة إلا بعد مناقشة القوانين والمصادقة عليها”.
تاريخ التشريع للإعلام
ولا يعد مشروع القانون العضوي للإعلام الذي يناقش تحت قبة مبنى زيغود يوسف، الأول في تاريخ البلاد، حيث عملت السلطات الوصية منذ 1962 على تنظيم قطاع الإعلام بشتى السبل قبل التعددية الإعلامية وبعد التعددية.
وفي هذا السياق يقول الأكاديمي والإعلامي السابق، حكيم بوغرارة، إن “تاريخ الجزائر مع التشريعات الإعلامية بين 1962_1982 على الأقل كان تشريعا محتشما”.
ويستثني بوغرارة، في اتصال هاتفي مع “الشعب أونلاين”، في هذه الفترة القانون الذي صنف وسائل الإعلام مؤسسات إعلامية والذي سن عام 1968، إضافة إلى قانون الصحفي المحترف في نفس الفترة وهذا بفضل وزير الإعلام آنذاك محمد صديق بن يحيي.
وخلال فترة 1967_1970 -يلفت المتحدث- إلى أن “الوزير صديق بن يحيى حاول تأطير القطاع أكثر، لكن ضعف التشريعات بقي متواصلا بالنظر لقرارات السلطة الاعتماد على النهج الاشتراكي الذي يخول للدولة فقط ملكية وسائل الإعلام”، ليأتي بعدها قانون 6 فيفري 1982 الذي “عزز منطق ملكية الدولة لوسائل الإعلام”، يضيف بوغرارة.
التعددية الإعلامية في التسعينيات
وفي حديث عن فترة التعددية، يذكر الإعلامي السابق، أن هذه الفترة عرفت إصدار أول قانون إعلامي تعددي الجزائر وهذا وفقا لدستور 23 فيفري 1989.
ويشير المتحدث، إلى أن قانون إعلام 90/7 نص على التعددية في المادة 14 حيث تم إنشاء بموجبه المجلس الأعلى للإعلام الذي حل سنة 1993 فتعطلت معه الكثير من المواد.
ويبرز بوغرارة أهم المواد التي تضمنها القانون قائلا : ” نص قانون 90/7، على إنشاء قانون لسبر الآراء وفتح السمعي البصري والمادة 56 المتعلقة بقانون الاشهار، لكن ولا شيء تم تجسيده وبقي القانون رغم مثاليته بعيدا عن التجسيد خاصة مع الٱزمة الأمنية والعشرية السوداء”.
تعديلات..
ويشدد الأكاديمي عبد الحكيم بوغرارة، على أن التشريعات الإعلامية في الجزائر لم تخضع للتعديلات فقط، بل تعطلت أيضا.
ويشير المتحدث، إلى سنة 2001 حيث تم تعديل قانون العقوبات الذي أقر المواد 144 و144 مكرر و146 التي أثقلت الصحفيين بالمتابعات القضائية والسجن والغرامات المالية.
ويتابع في هذا السياق: “في 2008 صدر مرسوم لتنظيم مهنة علاقات عمل الصحفي، لكنه بقي حبرا على ورق، وبقيت حقوق الصحفيين مهضومة لا حق في التأمينات الخاصة ولا أجور في المستوى”.
وانتظر الصحفي الجزائري إلى غاية صدور قانون 12/5 -يقول بوغرارة- الذي “تضمن نقاطا إيجابية”.