رمضان شهر الصوم.. هذه معلومة متوفرة للجميع، غير أن أعلى انشغال (للجميع) في رمضان، هو “الموائد” وما يُنضد عليها، وأساليب تزيينها، ومناهج التّعامل معها، حتى كأنّ تلك المعلومة المتوفرة للجميع، لا تكاد تعني شيئا (مفهوما) في واقع الناس..
ولا يدّعي كاتب السطور أنه ليس من الجميع، فالجزائري يحتفي عادة برمضان، وبما أن طبيعة شهر الصوم لا تحتمل من “الرّمزيات” المعبرة، سوى ما يتعلق بموائد الإفطار، فإننا جميعا نتعامل بنفس المتصوّر. غير أن الأمر تفاقم حتى صار أقرب إلى (اللّهفة) منه إلى متطلّبات الشّهر الكريم، بل تفاقم وتعاظم و(تراكم) حتى صار كثيرون يتزاحمون على “شراء ألبسة العيد” في شهر رجب، وهذه سابقة فريدة لم نعرف لها مثيلا من قبل..
وقد يتذرّع بعضهم بـ(ندرة) مفترضة في مادة من المواد، أو (يتوكأ) آخرون على ضرورة التّخلص من أعباء الشراء وقت الضيق، وتتعلل أخريات بكذا وكيت، لكن جميع الذرائع والحجج تؤدي إلى نتيجة واحدة.. زحمة لمن يرغب في تجنّب الزحمة، ووقت ضائع لمن يظن أنّه سيربح وقتا. ومع هذا، يواصل (الجميع) نفس الأسلوب في التعامل، دون أن يسمحوا لأنفسهم بمهلة تفكير (وتشاور) قد تغنيهم عن اللّهث وراء “مائدة” لا يكاد الصائم أن يكمل ربع ساعة أمامها..
ولعل كثيرين لاحظوا في ميدان (اللهفة)، أن “النّدرة” لم تكن سوى إشاعة بلهاء، حين وجدوا حاجياتهم موفورة لم ينقص منها شيء؛ لهذا نقدّر أن “الغلاء” الذي يشكو منه الناس، يشترك فيه المحتكر والتاجر الشبيه، مع الزبون الذي يشتري بـ(لهفة)، وينسى أن “الحنّة” تتآلف – عادة – مع (رطابة اليدين)..
والله يتقبل منّا جميعا الصيام والقيام وصالح الأعمال..