لم يهضم كثير من (نقادنا وكتابنا الأشاوس) الأرقام المليونية التي حققتها مبيعات روايات الشابة الجزائرية «سارة ريفانس»، سواء على منصات التواصل الاجتماعي، أو على المنصات الكلاسيكية التي كانت تسمى ببلادنا «المكتبات».
وذهب بعضهم إلى أن كتابات ريفانس «لا تهمّ سوى المراهقين»، وقال آخرون إن كتابتها «مليئة بالأخطاء النحوية والصرفية»، وهناك الذين (تمخمخوا) بزيادة، فأكدوا أن «ريفانس» ليست سوى «بهتان رقمي»، بينما بلغ (التمخمخ) أقصى إمكاناته مع الذين فصلوا في الأمر، وأصدروا الحكم النهائي وهم يؤكدون أن «المسألة كلها لا تتعدى مؤامرة دنيئة أعدها لنا المستشرقون»!!.. واللهم إني صائم..
وقد يكون واضحا أن سارة ريفانس لم تكن تعرف مطلقا بوجود (نقادنا وكتابنا)، فـ «المخلوقة» كانت تعيش بمنصات التواصل الاجتماعي، وتصنع جوّا تحبه، ولعل تلك المحبة هي التي جمعت لها قراءها، ولم تلبث حتى تنبّه لها الناشر المحترف الذي يعرف كيف يصطاد الطائر النادر، فنشر لها، وباع ملايين النسخ، وانتهت العملية بجلسات بيع بالتوقيع، وحركة رائعة بسوق الكتاب، ومضى كل إلى حال سبيله، وبقي نقادنا وكتابنا يقيّمون الوضع، ويصدرون الفتاوى، دون أن يتفطنوا إلى أنهم – في الأخير – لا يمثلون سوى (اليد الفارغة، واليد اللي ما فيهاش)..
وكان يمكن للنقاد الأشاوس أن ينتبهوا إلى أن الحديث عن «الكتاب الرقمي»، الذي وضع نقطة النهاية لـ»الكتاب الورقي»، ليست سوى أسطورة يمضغها الذين لا يقرأون، وأن المسألة لا ينبغي أن تكون المفاضلة بين «الرقمي» و»الورقي»، وإنما تكون سؤال المقروئية في حدّ ذاته، وكان عليهم أن ينتبهوا إلى أنهم قضوا أياما بلياليها وهم (يعلّقون) دون أن يقدّموا قراءة مفيدة في روايات ريفانس، وهذا يعني أن «القراءة» لا يمكن أن تكون شغل العاجزين..