ما حققته وتيرة تعبئة الموارد الادخارية في الشبابيك الإسلامية فاق التوقعات، حيث بلغت قيمة الودائع ما يقارب 60 مليار دج، تم توظيف 10٪ منها فقط، بحسب عضو المجلس الإسلامي الأعلى والخبير الدولي في المالية الإسلامية البروفسور محمد بوجلال.
ماذا تحقق من الأهداف المسطرة إلى غاية اليوم في الصيرفة الإسلامية؟ سؤال “الشعب” أجاب عنه البروفسور بوجلال في هذا التصريح، حيث أكد أنه تحقق الكثير منذ تبني السلطات العمومية سياسة واضحة وجريئة لتوطين الصناعة المالية الإسلامية بالجزائر، موضحا أنه بالرغم من أن المعاملات المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية انطلقت منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي، بإنشاء بنك البركة الجزائري، ثم تلاه اعتماد مصرف السلام سنة 2008 كمؤسسة بنكية تتعامل وفق تعاليم الإسلام بعيدا عن الربا أخذا وعطاء، لم تعرف الجزائر تقنينا صريحا للبنوك الإسلامية إلا في سنة 2020 بعد صدور نظام بنك الجزائر 20-02 المؤرخ 20 رجب 1441 الموافق 15 مارس 2020 الذي يحدد العمليات البنكية المتعلقة بالصيرفة الإسلامية وقواعد ممارستها من طرف البنوك والمؤسسات المالية.
كان لتبني الستة بنوك عمومية، إضافة لبنك الخليج الجزائر والمؤسسة العربية المصرفية وبنك الإسكان (إضافة للبنكين المذكورين أعلاه)، حدثا كبيرا على الساحة المصرفية ـ يؤكد بوجلال ـ حيث تسارعت وتيرة فتح شبابيك الصيرفة الإسلامية بكامل التراب الوطني، حتى بلغت حوالي 470 شباك ووكالات متخصصة في العمليات البنكية الإسلامية.
أوضح بوجلال في السياق، أنه رغم حداثة التجربة، إلا أن وتيرة تعبئة الموارد الادخارية على مستوى الشبابيك الإسلامية فاق التوقعات، ووجدت البنوك نفسها أمام سيولة مرتفعة شكلت تحديا في كيفية توظيفها في مشاريع ناجعة، وهذا ما كشف عنه اليوم المفتوح حول واقع الصيرفة الإسلامية الذي نظمته الجمعية المهنية للبنوك يوم 19 ديسمبر 2022، حيث بينت الأرقام أن الودائع بلغت ما يقارب 60 مليار دج وأن 10٪ من هذه الأموال تم توظيفها.
غير أن هذه السيولة الكبيرة أظهرت ـ كما قال ـ مشكلة هيكلية في قدرة البنوك على استيعاب الأموال المستقطبة، وإمكانية استغلالها في تمويل مشاريع ناجعة تساعد على إيجاد مناصب شغل جديدة، وصناعة ثروة تعزز الاقتصاد الوطني وتحقق مبتغى البرنامج الحكومي في الإنعاش الاقتصادي، وتوفير بيئة مناسبة لجلب الاستثمارات المحلية والخارجية.
ولذلك يرى أنه من الضروري تنبيه السلطات الوصية إلى ضرورة الاهتمام بهذا الانشغال، وإصدار القوانين والتشريعات التي تسهل للبنوك تقديم التمويلات، وكمثال على ذلك تعميم دعم السكنات وتوسيع العمليات لتشمل التجارة الخارجية التي يكثر عليه الطلب من قبل المتعاملين الاقتصاديين.
بالنسبة لوتيرة تحصيل الأموال المستقطبة باعتماد الصيرفة الإسلامية، يعتبرها البروفسور بوجلال مشجعة، لكنها غير كافية مقارنة بالأموال الكبيرة التي هي خارج الدائرة الرسمية. ولكن العامل الحاسم، في اعتقاده، الذي يمكن الصناعة المالية الإسلامية من تحقيق هدفي الشمول المالي ومعالجة الاقتصاد الموازي هو «الوقت»، لأن التجربة حديثة والتحديات كبيرة، رغم المبشرات التي تم ملاحظتها على أرض الواقع، بالنسبة للصكوك الإسلامية، قال المتحدث إن المشروع في بداية الطريق، والحديث عنه سيكون في وقته.