الكتابة الأدبية خطيرة، بل هي غاية في الخطورة؛ ولهذا يتحرّى الأديب الورع الدّقة في اللّفظ والمعنى، ولا يضع من حسبانه «احتمالات التأويل»، وهذا بالضبط ما يجعل منه «أديبا»، وصاحب رسالة تصل إلى عمق التفكير مكلّلة بالصفاء، فتسهم في البناء الاجتماعي، وتسدّد وتقوّم وتدفع نحو مستقبل آمن..
ونعترف أننا لم نجد في الكلاسيكيات الغربية، ما يخرج عمّا ينفع المجتمعات التي تنتمي إليها، مع أن «الغرب» اليوم ينتج الغثّ والسمين، والنافع والضّار، ومع ذلك يسير اجتماعيا (كما يحبّ الخاطر). غير أنّنا يجب أن ننتبه إلى أن هذا الغرب سبقنا إلى فنون الأدب بقرون و(زمارة)، وأنّه تمرّس فيها، وأحكم صناعتها بطريقة تسمح له بالتصنيف الجيّد، وتوفير المادة الملائمة لمختلف الرغبات. بينما لا نكاد في ضفتنا ننتج فكرة، وما زلنا ندرج في بداياتنا بعالم الأدب (الذي قد يختلط على بعضهم بعالم الشعر، فيظنوا أن كلامنا لوثة رمضانية).. المهم.. نتفق على أن الكتابة الأدبية خطيرة..
نأتي الآن إلى (طاجين الحلو)، فكل ما قلناه مقدّمات قد لا تنفع في شيء؛ ذلك أن المسألة عندنا تتوقف عند ملاحظة بسيطة مفادها، أن الأعمال الأدبية الفنية، صارت تركّز على (الموبقات) ولا ترى حرجا في تصوير (الممنوعات)، بل تقدّم نماذج عن (أطفال) يتاجرون بـ(المحرّمات).. ولا نرى مطلقا بأن صورا بهذا المستوى الضعيف، يمكن أن تحسب على الأدب أو على الفن..
وقد يتذرعون بـ(الواقعية)، على أساس أن الكاتب والمصور لم يفعلا أكثر من تصوير الواقع، فتكون خطيئة أخرى تضاف إلى ما يزرعون من آفات، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا..
يا أسيادنا.. على الأقل.. ضعوا علامة تحديد السنّ على أعمالكم التي تدعى (فنية)..