نبهت أخصائية طب الأطفال، الدكتورة رشيدة موهوبي، من عيادة «البسمة» بشرشال في حوار خاص بجريدة «الشعب» إلى حرص الأولياء على تعليم أطفالهم الصغار الصيام منذ سن مبكرة في هذا الشهر الكريم.
اعتبرت الطبيبة هذا الأـمر جميل جدا، لكن بشرط عدم تحول ذلك إلى عادة مجتمعية منتشرة فقط للتباهي بالطفل مقارنة بغيره من أنداده، ودعت إلى ضرورة مرافقة صيامهم بأهم الاحتياطات الصحية اللازمة حفاظا على سلامتهم بالدرجة الأولى مقارنة بخصوصيات وضعيتهم الصحية.
متى نسمح للطفل الصغير بالصوم؟
الدكتورة رشيدة موهوبي: يمكننا السماح لطفلنا بالصيام ابتداء من سن السابعة حيث يستطيع الطفل أن يصوم انطلاقا من هذا العمر، ولكن بشرط أن تكون لديه بنية جسدية تمكنه من تحمّل الجوع والعطش.
ونشير إلى أنه لا يجب إجبار أو إرغام الطفل على الصيام لأنه غير مكلّف قبل البلوغ فقط نعوده في الأول عليه ونشجعه من خلال السماح له بالصيام بالتدريج فمثلا يكون صيامه في بداية الأمر لساعات، يمتنع عن الأكل فقط ويحافظ على شرب السوائل، ثم نسمح له بالصيام إلى وقت الظهيرة.
وبعدها إلى وقت العصر وهكذا دواليك إلى غاية أن نصل إلى وقت المغرب ـ مثلما هو الحال في أغلب المناطق ببلادناـ وبذلك بعد تمكن الطفل من صيام يوم كامل علينا أن نعلمه الصوم ليوم أو يومين في الأسبوع من أجل تعويده وإشراكه في فرحة العائلة حتى نسهل اندماجه الاجتماعي.
ضف إلى فائدة الصيام الاجتماعية، فإنه يعزز الجانب الإيماني لدى الطفل، يتعلّم من خلاله الصبر ويشعره بالمسؤولية وتقدير الذات، وفي ما يخص فوائد الصيام الصحية فنذكر من بينها تعزيز مناعة الطفل وتقويتها، و يسمح للجهاز الهضمي خاصة بالراحة لبضع ساعات، وينشط بذلك أجهزة الجسم كلها.
هل يخضع صيامه لشروط، وما هي أهم الموانع الصحية؟
لعلمكم يعتمد الجسم على الدهون لإمداد الجسم بالطاقة أثناء الصيام، فالطفل لا يملك كمية كافية من الدهون لتحمل ومقاومة الجوع والعطش، ولهذا يمكن القول إن صيام الطفل يخضع لشروط صحية معينة منها عدم إصابة الطفل بفقر الدم أو الأنيميا، حيث تكون بنيته الجسدية ضعيفة ما يجعل جسمه لا يتحمل.
يجب مراعاة في حالة صيامه عدم إصابته بأمراض مزمنة مثل داء السكري أو القصور الكلوي، حيث يمنع على الأطفال المصابين بهذه الأمراض الصيام لما تشكله من خطورة على صحتهم وحياتهم.
ففي حالة السكري إذا كان الطفل يخضع للعلاج بالأنسولين وحدث أن سجل هبوط حاد في نسبة السكر في الدم فالطفل الصغير لا يمكنه مقاومة ذلك، و في هذه الحالة قد يؤدي به هذا الأمر مباشرة للدخول في غيبوبة لذلك من المفروض على الوالدين مراقبة طفلهم من خلال كل التغييرات الخارجية، التي يمكن أن تُلاحظ عليه يجب أن تنبهنا إلى أمر ما متعلق بصحة الطفل الصائم.
وكذلك بالنسبة للأطفال المصابين بالقصور الكلوي، فإنه من المفروض عليهم عدم الصيام لما يمكن أن يتعرضوا إليه من أضرار صحية بالنظر لنقص السوائل في أجسامهم الصغيرة، وعدم تحملهم ذلك وهذا ما قد يجعلهم عرضة للجفاف، الذي يعتبر بمثابة عارض مرضي خطير جدا قد يهدد حياتهم بالنظر لما يمكن أن يسببه من أضرار لصحتهم.
هناك مشاكل صحية أخرى بإمكانها أن تمنعهم من الصيام نذكر من بينها تعرض الطفل لنزلات معوية مثل الإسهال، الذي يمكن أن يسبب لجسمه الجفاف أيضا إذا كان ضعيف البنية ونحيف لأن جسمه لا يتوفر على الدهون بنسبة كافية مثله مثل الأشخاص الكبار.
وقد يصاب بحالة هبوط ضغط الدم أو نسب السكر في الدم، وقد يشعر بالدوخة ففي مثل هذه الحالات يمنع صيام الطفل المريض منعا باتا حتى نتفادى حدوث تعقيدات خطيرة من بينها الدخول في غيبوبة قد يؤدي لا قدر الله التأخر في علاجها إلى فقدان حياة الطفل.
احتياطات صحية لحفظ سلامة الطفل أثناء صيامه
بالنظر لما سبق الإشارة إليه، ففي الحالات التي يسمح فيها صيام الطفل فمن الضروري على الأولياء مراعاة أمور عديدة وأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الاحتياطات اللازمة لتمر فترة صيام الطفل بسلام لاسيما إذا كان صيامه للمرة الأولى، فإذا صام الطفل يمكن اقتراح عليه القيام بأشغال يدوية تشغله مثل الرسم بحيث لا يرهق جسمه الصغير ونشجعه على الكتابة والابتعاد عن الجري ولعب الكرة مثلا.
نحرص على أن يأكل جيدا في وجبة السحور حتى يستطيع مقاومة الجوع لأطول مدة ممكنة، وعليه أن يفطر على التمر الغنّي بالسعرات الحرارية مع شرب الماء بكميات كافية حتى نسمح له بارتواء جسمه والابتعاد عن الحلويات، لأنها تشعره بالعطش أثناء فترة الصيام، وهكذا يمكن الحرص على تحصل الطفل على القسط الوافي من النوم مع إبعاده عن السهر، و يمكن الاعتماد على تشجيعه والافتخار بما أنجز من صوم ولو لبضع ساعات.
أهم العلامات لمراقبة صيام طفلك..
تنصح طبيبة الأطفال رشيدة موهوبي جميع الأولياء بمراقبة أطفالهم أثناء فترات الصيام المختلفة، لكي يتمكنوا من معرفة وضعية طفلهم الصحية أثناء الصيام وتوصيهم أن يطمئنوا في حالة ما رأوا أن طفلهم يجري ويلعب ومفعم بالنشاط والحيوية كالعادة.
وهذا من بين أهم العلامات الإيجابية للصيام حيث تكون ظاهرة على جسده، فعلى مستوى الوجه في حالة بدا محمرّ الوجه ولم يشعر بحالة خمول ويمارس نشاطاته اليومية مثل الأيام العادية هنا يمكن أن نعتبر صيامه صحي وبدون مشاكل.
لكن من جهة أخرى، هناك أعراض عديدة تدعونا للإسراع في وقف صيام الطفل فإذا ازدادت ضربات القلب لديه أو اشتكى من آلام في البطن أو أحس بالصداع أو الدوخة وشحوب في الوجه مع التعرق المفاجئ، يمكن أن يدل ذلك على هبوط حاد في السكر قد يؤدي إلى دخول الطفل في حالة غيبوبة، مثلما سبق وأن ذكرت.
هنا يتطلب إيقاف الصيام فورا، ولا يجب ترك الطفل صائما حتى وإن رغب في إتمام الصيام، يجب أن نتجنب الإلحاح عليه أو تأنيبه وإلقاء اللّوم على شخصه في حالة إبداء عدم القدرة على إتمام الصوم بل الأفضل تشجيعه في كل مرة يحاول فيها الصيام حتى يتمكن من القيام بذلك مثله مثل الكبار مستقبلا.