أكدت نقابات التربية، أن النتائج المحققة في امتحانات الفصل الثاني مقبولة ولم تسجل تغييرا كبيرا بالمقارنة مع الثلاثي الأول، وتتوقع أن تتحسن أكثر خلال الفصل الثالث، بالنظر إلى مجالس التقييم التي تقوم بها المؤسسات التربوية بعد انقضاء كل فصل دراسي للوقوف على النقائص قصد معالجتها وإيجاد الحلول المناسبة لها.
أجمع المختصون في الشأن التربوي، أن النتائج الفصلية تحسنت، لكن ليس بالشكل المتوقع، على اعتبار أن التلاميذ تأقلموا مع نظام التدريس العادي الذي تم بسلاسة خلال الفصل الأول، ولكن التغييرات التي دخلت على عمليات التقييم حالت دون تحقيق نتائج أفضل في الطور الاول.
تحسن طفيف
من جهته قال المكلف بالإعلام على مستوى الإتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين (اينباف) الأبشر تونسي، في تصريح لـ «الشعب»، إن ما سجل عبر المؤسسات التربوية في الولايات، يشير إلى وجود تحسن طفيف في النتائج، لكن ليس المتوقع، على اعتبار أن التلميذ قد اندمج مع النظام العادي للدراسة والتغيرات التي أدرجت خلال الموسم الدراسي.
وبحسب المعطيات التي تحصلت عليها النقابة، فإن التلاميذ في مختلف الأطوار حاولوا تحسين نتائجهم واستدراك الأمر للحصول على معدلات تؤهلهم للانتقال للأقسام العليا، غير أن بعض الصعوبات حالت دون ذلك، وتتعلق أساسا بالاكتظاظ الذي تعانيه المؤسسات التربوية.
ويتوقع المتحدث باسم نقابة «اينباف»، تسجيل نتائج أفضل في الامتحانات المقبلة، لأن التلميذ سيكون على موعد مع فصل دراسي قصير، أقل دروسا بالمقارنة مع الفصلين الأول والثاني، هذا بالإضافة الى تعوده على منهجية العمل المعتمدة في الفصلين الدراسيين السابقين، وبالتالي من الطبيعي أن يحصل على معدلات أعلى خلال الفصل الثالث، وهذا لضمان الانتقال للسنة الدراسية المقبلة.
تساؤلات عن صيغة تقييم المكتسبات..
وأبدت نقابة «اينباف» تحفظا حول الصيغة الجديدة لامتحان تقييم المكتسبات، الذي ستشرع العديد من المدارس في تدريب التلاميذ عليه، خاصة وانه سيجرى بداية من 30 أفريل القادم، حيث وزعت وزارة التربية عبر كل المؤسسات الابتدائية، دليل تقييم مكتسبات مرحلة التعليم الابتدائي في كل المواد.
وقال المتحدث، إن الامتحان كان يجرى في يوم واحد، وفي المواد الأساسية «الرياضيات، لغة عربية، لغة فرنسية»، وأصبح يجرى لمدة 28 يوما، ونتائجه لا يؤخذ بها، مقترحا إلغاءه، واعتماد نتائج الثلاثيات الثلاثة، لأن اعتماده بهذا الشكل، سيجعل التلميذ يعيش ضغطا نفسيا كبيرا.
أما بالنسبة للتحضيرات، فقال المتحدث إنها تجرى على قدم وساق. المفتشون يقومون بالإجراءات اللازمة لضمان سيرورة العملية بشكل عادي، داعيا الأساتذة والتلاميذ إلى إجرائه في ظروف عادية، شأنه شأن بقية الامتحانات الأخرى، حتى لا يقعوا تحت الضغط.
نتائج الطور المتوسط في تحسن
أما فيما يخص مرحلة التعليم المتوسط، كتقييم للفصلين الدراسيين الأوليين، فقد أكد محدثنا أن النتائج كانت مستقرة نسبيا، حيث لم تتغير كثيرا مقارنة بالفصل الأول، عدا بالنسبة لعدد من التلاميذ في الأقسام، إضافة إلى ظاهرة دروس الدعم التي زادت ثقلا على الأولياء والتلاميذ الذين يفتقدون للراحة.
المقبلون على شهادة التعليم المتوسط «البيام»، يدرسون يوميا بسبب ثقل البرنامج وصعوبة الفهم لدى فئة معينة، الأمر الذي جعلهم في ضغط كبير، خاصة مع اقتراب موعد الامتحانات الرسمية التي تحضر لها الوزارة على قدم وساق لإنجاحها.
ورشات لدراسة المناهج التربوية
من جهة أخرى، أشار الأبشر تونسي إلى أن العديد من الورشات تفتح لدراسة المناهج التربوية، خاصة وأن الأساتذة يواجهون صعوبات في إنهاء البرامج، أو المقررات الدراسية، حيث يضطرون للحشو، بالنظر إلى كثافة وحجم البرامج، لذا طالبت النقابة في عديد المرات بضرورة إصلاح المناهج.
في هذا الشأن، أبرز وزير التربية الوطنية أهمية المجلس الوطني للبرامج في تنفيذ سياسة القطاع، مشيرا الى أهميته من أجل الوصول إلى الأهداف المحددة بالنوعية والكيفية والآجال المحددة لتجسيد مخطط عمل الحكومة المنبثق عن برنامج رئيس الجمهورية.
وتعمل هذه الهيئة على الوقوف على النقائص من حيث البرامج، خاصة في التعليم الثانوي، حيث أكد الوزير بلعابد على ضرورة إعادة النظر في مناهج التعليم الثانوي، وهي العملية التي يجب أن تشمل الأطوار ثلاثتها، وفق ما يرى المختصون.
تحضيرات استباقية
وأكد تونسي أن التحضيرات لامتحانات شهادة البكالوريا جارية، من أجل ضمان السير الحسن لهذا الامتحان المصيري، حيث تسابق الوزارة الزمن تأهبا لهذا الاستحقاق الذي يعتبر محطة فاصلة في مصير الطلبة.
قال الأبشر، إن «اينباف» سبق وطالبت وزارة التربية الوطنية بـ»إصلاح البكالوريا» من خلال النظر في جدول سير الامتحان لأجل عدم إرهاق الممتحنين، خاصة وأن ستة أيام مدة طويلة للامتحانات يقترح النظر فيها، وغير ذلك فإن الإجراءات الإدارية تجرى كل عام على أحسن ما يرام..
تحسن الأداء.. علامة كاملة
يعتبر الاتحاد الوطني لأساتذة التعليم الابتدائي، أن التقدم في الدروس هذا العام أحسن من السنوات الماضية، نظرا للاستقرار الذي عرفته المدرسة مقارنة بالسابق، حيث تميّزت هذه السنة بديمومة الدروس، وهذا انعكس إيجابا على أداء التلميذ والأستاذ.
ولعل ما لوحظ، بحسب الأمين الوطني، الأستاذ بلال تلمساني، تحسن في عملية الأداء بالرغم من تسجيل إدراج الوزارة طريقة جديدة في التقييم، وهي «فترة تقييم المكتسبات نعتبرها كتنسيقية خطوة تحتاج لخطوات وإمكانات حتى يمكن تطبيقها، فأول ما يجب العمل عليه هو حل مشكل الاكتظاظ؛ لأن التقييم الآني للتلميذ يتطلب عدد تلاميذ أقل مما هو عليه، والخطوة وإن كانت جيدة، لكنها ستشكل ضغطا على أغلب الأساتذة، إذ تصعب مواكبة الدروس والتقييم، لأن تقييم المكتسبات تعتبر طويلة تحتاج عدد تلاميذ ملائما حتى يستطيع الأستاذ تقديم الملاحظات الفردية في الوقت المناسب».
والأمر الإيجابي – يواصل محدثنا – هو أن التلاميذ في الثلاثي الثاني تأقلموا إلى حد بعيد مع اللغة الإنجليزية، مع تسجيل تجاوب وتفاعل أحسن من الأطفال مقارنة باللغة الفرنسية، مشيرا في سياق آخر الى تأخر في إصدار القانون الأساسي والذي يتطلع من خلاله أغلب الأساتذة الى ترقية الأستاذ بقوانين وإصلاحات جديدة تعكس توجه الحكومة الى تحسين ظروف العمل وتقديم الإمكانات اللازمة للرقي بالمدرسة الأستاذ والتلميذ على حد سواء.
وسجل الاتحاد الوطني ارتياحا كبيرا لتفعيل إجراء تخفيف المحافظ من خلال إدراج كتب ثانية، تم تعميمها عبر أغلب مدارس الوطن، وقال: «هذا نثمنه وهو ساري المفعول في أغلب المؤسسات التربوية. هذا بالإضافة إلى عملية تزويد اغلب المدارس بالأدراج التي شهدت تقدما باستثناء بعض المؤسسات، بالإضافة إلى توفير الكتاب الإلكتروني»، معتبرا أنها خطوة إيجابية خففت أعباء المحافظ وكان من الضروري أن يكون لها الأثر الإيجابي على التلاميذ.
ويطالب الاتحاد الوطني باستكمال الإجراء وتخفيف الحجم الساعي السنة القادمة، لمواكبة الإصلاحات وتقديم نسخة جديدة للبرنامج والمواد بما يلائم قدرات وطاقة التلميذ. كما سجل عدم إصدار قانون يحدد مهام المشرفين في الابتدائيات، نظرا لتأخر القانون الأساسي، مع ضرورة تحديد المهام لإعطاء دفع للمدرسة في تأطير فئة التلاميذ حتى تكون الاستفادة كاملة لقرار رئيس الجمهورية بإدماج فئة العمال المهنيين.
لذا، يرى الأمين الوطني لاتحاد أساتذة التعليم الابتدائي، أن الهدوء والاستقرار عاملان مهمان في تحسين الأداء على مستوى الدروس، الأساتذة أو التلاميذ، وهو ما تحقق هذا العام. ويضيف، أنه على الوزارة أن تعمل على تقديم نموذج إصلاحي جديد في البرنامج، الحجم الساعي والتصنيف، حتى تعكس التوجه الايجابي العام للبلاد.
ثلاثي تدارك النقائص
من جهته، قال الخبير التربوي، بلال بن زهرير، في تصريح لـ «الشعب»، إن نتائج الفصل الثاني كانت أحسن نوعا ما، وذلك راجع لعدة أسباب منها: أن التلاميذ في الفصل الثاني يعززون مكتسباتهم ويتداركون النقائص التي كانوا عليها في الفصل الأول، سواء عن طريق المراجعة المكثفة أو الدعم في المواد غير المكتسبة.
ومن بين العوامل التي ساعدت على تحسن نتائج التلاميذ، أن حجم دروس الفصل الثاني أقل من الفصل الأول، وهو عامل ساعد على ضبط الدروس ومراجعتها، بالإضافة الى ما قام به الأساتذة من تقييم وتقويم كانا عاملين في تحسن النتائج عموما.
أما بخصوص تقييم المكتسبات، فقد شرعت مديريات التربية، عن طريق مفتشي المواد، في تنظيم دورات تكوينية في هذا الصدد، شملت العملية الأساتذة المعنيين بالتقييم وكذا مديري المؤسسات، من أجل ضبط خريطة عمل يسير عليها الطاقمان الإداري والتربوي، لأجل إنجاح هذا التقييم بحلته الجديدة.
أولياء التلاميذ.. نتائج متباينة
وأكد عدد من أولياء التلاميذ ممن تحدثنا إليهم، أن نتائج أبنائهم كانت بين المقبولة والسيئة، تنتظر جهودا أكبر لتحسينها، حيث أجمعوا أن النتائج كانت أحسن في الابتدائي إلى المستقرة في المتوسط والثانوي.
في هذا الصدد، قالت ولية تلميذة تدرس في متوسطة ببلدية برج الكيفان، إنها بذلت مجهودات أكبر مع ابنتها، وكان من الطبيعي أن تطمح لتحقيق نتائج مرضية ولا تقبل بغير النجاح، خاصة وأن كل الظروف كانت مساعدة على المراجعة والنجاح، مؤكدة أنها تحصلت تقريبا على نفس النتائج، في حين واجهت صعوبات في مادتي الرياضيات والفيزياء.
وصرح ولي تلميذ في صف الخامسة ابتدائي، ببلدية الدار البيضاء، أن البرامج الصعبة فرضت عليهم مرافقة الأبناء طيلة فترة الامتحانات في الحفظ والمراجعة، لاسيما وأنهم مقبلون على امتحان تقييم المكتسبات والفصل الثالث، امتحانات كلها تتطلب جهدا مضاعفا لتحقيق نتائج أحسن.
وأشار آخرون إلى كثافة البرامج، لاسيما في المرحلة الابتدائية، حيث يدرس التلميذ 11 مادة، الأمر الذي يرهقهم ويمثل سببا مباشرا لتراجع معدلات كثير من المتمدرسين، ما يستوجب – بحسب الأولياء- التخفيف العاجل لاستعادة مستوى التلاميذ، خاصة في ظل تراجع كثير منهم وعدم قدرتهم على الاستيعاب، وهو المطلب الذي يطرح مع كل امتحانات فصلية.
بالنسبة للتعليم المتوسط، فقد كانت النتائج، بحسب الأولياء، مقبولة بين المتوسط والحسنة، لكنهم اشتكوا من كثافة البرنامج والحجم الساعي الذي لا يترك للتلميذ مجالا للراحة، خاصة ممن يقومون بدروس الدعم بالنسبة للمواد الأساسية والمقبلين على شهادة «البيام» التي يفصلنا عنها قرابة شهرين.
أما تلاميذ الثانوي، المقبلون على شهادة البكالوريا، فقد أكدوا في حديثهم إلينا، أن التركيز على الامتحان النهائي وليس المعدلات الفصلية، خاصة وأن الأغلبية مع اقتراب الامتحان تعمل جاهدة على تدارك الدروس التي وجدت فيها صعوبة في الفهم، في حين قال آخرون إنهم يركزون على مراجعة المواد الأساسية تحضيرا للشهادة.
الأهم بالنسبة لهم، تحقيق نتائج أفضل في شهادة البكالوريا، والامتحانات الفصيلة ما هي إلى محطة لمعرفة النقائص ومعالجتها، عن طريق تكثيف المراجعة أو القيام بالدعم الإضافي الذي يسمح لكثيرين منهم بتحقيق نتائج أحسن، على حد تصريح بعضهم.
وطالب الأولياء من النقابات والوزارة الوصية، إعادة النظر في المناهج ابتداء من الموسم الدراسي المقبل، والقيام بإصلاحات جذرية، خاصة في الابتدائي بسبب كثرة المواد التي أرهقت كاهل المتمدرسين.