حدد فريق من العلماء الأليات الكامنة وراء كيفية تسبب تلوث الهواء في الإصابة بسرطان الرئة.
وتوصل العلماء إلى أن تلوث الهواء يمكن أن يسبب سرطان الرئة لدى أولئك الذين لم يدخنوا قط عن طريق “إيقاظ” الخلايا السرطانية الكامنة.
وقال الفريق إن النتائج التي توصلوا إليها، والتي نُشرت في مجلة Nature، يمكن أن تساعد في تطوير علاجات جديدة لغير المدخنين الذين تم تشخيص إصابتهم بسرطان الرئة.
ويكفي استنشاق الهواء السام الناتج عن السيارات والحافلات لمدة ثلاث سنوات فقط لتتفاعل الخلايا الطافرة الصامتة.
وزعم الفريق أن اكتشافهم قد يؤدي إلى تطوير حبوب تشبه الستاتين “لمنع حدوث ذلك داخل الجسم”.
وقال البروفيسور تشارلز سوانتون، من معهد فرانسيس كريك وكبير الأطباء السريريين في كلية لندن الجامعية وأبحاث السرطان في المملكة المتحدة، وهو الباحث الرئيسي في الدراسة: “غيرت دراستنا بشكل أساسي كيف نظرتنا إلى سرطان الرئة لدى الأشخاص الذين لم يدخنوا مطلقا. الخلايا ذات الطفرات المسببة للسرطان تتراكم بشكل طبيعي مع تقدمنا في العمر، لكنها عادة ما تكون غير نشطة. وأثبتنا أن تلوث الهواء يوقظ هذه الخلايا في الرئتين، ويشجعها على النمو وربما تكوّن أوراما”.
وأضاف: “يمكن أن تساعدنا الآلية التي حددناها في النهاية في إيجاد طرق أفضل للوقاية من سرطان الرئة وعلاجه لدى غير المدخنين. وإذا تمكنا من منع الخلايا من النمو استجابة لتلوث الهواء، فيمكننا تقليل مخاطر الإصابة بسرطان الرئة”.
ومن المعروف أن التدخين هو السبب الأكثر شيوعا لسرطان الرئة. ومع ذلك، حتى الذين لم يدخنوا مطلقا يمكن أن يصابوا أيضا بالمرض الذي يصيب كبار السن بشكل أساسي.
ويتسبب تلوث الهواء في حدوث ملايين الوفيات في جميع أنحاء العالم كل عام، بما في ذلك أكثر من 250 ألف حالة ناتجة عن نوع من سرطان الرئة يسمى سرطان الغدة.
وتشير العديد من الدراسات أيضا إلى أن تلوث الهواء يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض أخرى، بما في ذلك النوبات القلبية والسكتة الدماغية والسكري.
وكجزء من الدراسة، التي تلقت 14 مليون جنيه إسترليني كتمويل من مؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، فحص العلماء بيانات أكثر من 400 ألف شخص من المملكة المتحدة وكوريا الجنوبية وتايوان.
وركزوا على نوع من سرطان الرئة ناتج عن طفرة في جين EGFR، والذي يُعرف بـ”مستقبل عامل نمو البشرة” (EGFR) المتحور لسرطان الرئة، وهو موجود بشكل شائع في الأشخاص الذين لم يدخنوا مطلقا.
وأظهرت الاختبارات التي أجريت على الفئران أن جزيئات PM2.5 (وهي جزيئات صغيرة في الهواء يبلغ عرضها 2.5 ميكرون أو أقل، ما يمكنها من دخول الرئتين ومجرى الدم بسهولة) عززت تغيرات سريعة في خلايا مجرى الهواء التي كانت لها طفرات EGFR.
وأوضحت سارة وولنو، الرئيسة التنفيذية لشركة Asthma + Lung UK: “هذا البحث المهم هو دليل إضافي على أن تلوث الهواء له دور في التسبب في سرطان الرئة، وهو السرطان الأكثر فتكا في المملكة المتحدة، لدى غير المدخنين.
كما أنه يساعدنا على تحدي المواقف حول سرطان الرئة وتغييرها، بحيث لا يصاب بهذا المرض إلا المدخنين. الحقيقة هي أن تلوث الهواء يؤثر على الرئين لدى الجميع، وهو مسؤول عن تفاقم حالات الرئة الحالية وخلق أمراض جديدة لدى الأصحاء”.
وخلص العلماء إلى أن الآلية الرئيسية التي يتسبب بها تلوث الهواء في الإصابة بالسرطان لا ترجع إلى إحداث طفرات جديدة، بل إلى الالتهاب المستمر الذي يصبح مزمنا وهو أمر ضروري لتنمو هذه الخلايا الطافرة إلى أورام.
وهذه الآلية يمكن أن تساعد في النهاية على إيجاد طرق أفضل للوقاية من سرطان الرئة وعلاجه لدى غير المدخنين. وإذا تمكن العلماء من منع الخلايا من النمو كرد فعل على لتلوث الهواء، فإنه يمكن تقليل خطر الإصابة بسرطان الرئة.