صدر ديوان شعري يضم مجموعة قصائد لعدد من كبار شعراء الملحون في الجزائر، في إطار الطبعة الـ12 للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي.
حمل الإصدار كلمة لوزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي، اعتبرت فيها أن الشعبي “بات رمزا من رموز الفن الجزائري الأصيل”. وعلى هذا الأساس يعمل قطاعها على “إبراز وتثمين هذا النوع من الغناء الجزائري من أجل الحفاظ على هذه المرجعية الأصيلة”.
وأضافت الوزيرة أن مطربي الشعبي عرفوا “كيف يستلهمون قصائد الملحون الثرية والغنية لشعراء كبار أمثال سيدي لخضر بن خلوف. وبن مسايب وبن تريكي وعبد القادر الخالدي ومصطفى بن براهيم ثم يحولوها إلى نغمات جميلة”.
ويبرز الكتاب في مقدمته أهمية الشعر الملحون من حيث أنه فن إبداعي مليء بالصور والخيال في كلام موزون وذي بلاغة يشكل في الوقت نفسه مادة تاريخية يتم من خلالها الإطلاع على الروابط الاجتماعية والعلاقات الإنسانية للمجتمعات بفضل شعراء كبار عبروا عن أحداث وقعت بكل دقة.
وجاء أيضا في المقدمة أنه حين امتزجت قصيدة الملحون مع الإيقاع الموسيقي المحلي أنتج ذلك أغنية الشعبي. هذا الفن الجميل الذي أصبح يعانق المناسبات والأفراح إلى أن أصبح جزء من يوميات شرائح كبيرة من الشعب الجزائري، كما رافق كفاحه ضد المستعمر الفرنسي كسلاح استعمله مطربو الشعبي داخل وخارج الوطن.
ويلفت كذلك هذا الكتاب، الذي أشرف عليه محافظ المهرجان، الباحث الموسيقي عبد القادر بن دعماش. إلى أن هذه التظاهرة التي تحتفي بهذا الزخم الفني الكبير باعتباره تراث جزائري لامادي أصيل يشكل فرصة ثمينة للفنانين الشباب من اجل استلام المبادئ والأصول من شيوخ هذه الأغنية.
وقدم الكتاب نبذة تاريخية عن هذا الفن الذي كان يعرف بـ “المديح” في بداية القرن العشرين والذي سمي بـ “الشعبي” بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، معتبرا أن فنانين من قبيل الشيخ الناظور والحاج محمد العنقى والحاج منور ودحمان الحراشي وسعيد المداح وآخرين هم من أضفوا هيأة موحدة لهذا النوع الموسيقي باعتبارهم يشكلون الجيل الأول لمطربيه.
ولم يغفل الكتاب أيضا الدور الرائد الذي لعبه الشاعر والملحن وكاتب الكلمات محبوب صفار باتي المعروف بـ”محبوباتي” في تجديد أغنية الشعبي في السبعينيات خصوصا من ناحية التلحين ومحتوى الكلمات ما جعلها تلقى قبولا جماهيريا كبيرا.
ويقدم هذا الإصدار، في 124 صفحة، قصائد مستعملة في الشعبي لشعراء ملحون من مختلف الأجيال، منها الشاعر المتصوف الشيخ سيدي لخضر بن خلوف وروائعه “مرحبا بسلامك يا شفيعنا الهادي” و”لا إله إلا الله سلطانة الكلام” و”قصة مزغران” وكذا “أنا عليك مداح”.
ويضم الكتاب قصائد أخرى من قبيل “على رسول الهادي صلي يا عشيق” للشاعر الشيخ إسماعيل و”العيد الكبير” للشاعر الشيخ أحمد بن تريكي و”رحت انوسع خاطري” للشيخ عبد الله بن كريوو وكذا “برد هوايا” للشاعر الشيخ قدور بن عاشور الزرهوني.
ومن هذه القصائد أيضا “سيدي سحنون” للشاعر الشيخ قويدر بن سماعيل و”الشمعة” للشاعر الشيخ زروق دغفالي و”حسدوني حتى في شمعتي” للشاعر الشيخ محبوب صفار باتي و”أم عززان” لكاتب الكلمات كمال حمادي بالإضافة إلى “نبكي ما فاد بكايا” للشاعر الشيخ محمد بن مسايب.
وتختتم اليوم الأحد بقصر الثقافة “مفدي زكرياء” بالجزائر العاصمة الطبعة الـ 12 للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي بإعلان الفائزين وتسليم الجوائز.