أنهى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، حالة الترقب بشأن التكلفة النهائية لحج 2023، وحددها عند مبلغ 770 ألف دينار، مبددا بذلك كل المخاوف من رفعها، بعدما سادت منذ أشهر توقعات عند المهنيين تشير إلى ارتفاع تكلفة أداء الركن الخامس للإسلام، إلى مستويات عالية، قد تتجاوز 100 مليون سنتيم، بالنظر لعدة أسباب، منها ارتفاع أسعار الخدمات المقدمة بما فيها أسعار الفنادق الملزم الحجز فيها والتي تقع في المنطقة المركزية بمسافة تقل عن الألف متر عن الحرم المكي.
موافقة مجلس الوزراء على تخفيض تكلفة الحج إلى 770 ألف دينار جزائري بدل 850 ألف دينار التكلفة الأصلية للسنة الماضية، يعد دعما إضافيا من الدولة لفئة من المواطنين المعنيين بأداء شعيرة الحج هذا العام، حيث سيخفف هذا القرار عبء ماليا محسوسا على كاهل أكثر من 41 ألف حاج جزائري، أمام الارتفاع الكبير واللافت لأسعار الخدمات والنقل عالميا بسبب ارتفاع سقف التعاملات الاقتصادية في السوق العالمية، وتأثير ذلك على عدة قطاعات ترتبط بحياة الأفراد في الداخل والخارج.
وحسم هذا القرار الجريء وهذه البشرى، حالة الترقب التي كانت سائدة عند المرشحين لأداء شعائر الحج وعند وكالات الأسفار المعنية بتنظيم رحلات الحج، وفصل في الجدل الدائر حول الكلفة النهائية للحج موسم 2023، بعدما شهدت ارتفاعا تدريجيا السنوات الماضية، وصل سقف 850 ألف دينار السنة الماضية مقابل 510 ألف دينار سنة 2019 قبل جائحة كورونا، لكن بفضل السياسة الرشيدة لرئيس الجمهورية، والمفاوضات مع السلطات السعودية تم خفض هذه الكلفة هذا الموسم إلى 770 ألف دينار أي بفارق 80 ألف دينار جزائري عن السنة الماضية، بالرغم من ارتفاع الأسعار التي يشهدها المواطن في كل المجالات، وفي سعر الخدمات عبر العالم، منذ 3 سنوات.
وليست المرة الأولى التي يتخذ فيها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون قرارا بدعم سعر كلفة الحج، إذ أمر العام الماضي بدعم تذكرة سفر الحجاج إلى البقاع المقدسة عن طريق تخفيض سعرها بـ 100 ألف دينار جزائري، تلبية لانشغالات الحاج بعد ارتفاع تكاليف الحج بسبب الظروف الاقتصادية الدولية، وأسدى الرئيس تبون يومها تعليمات لوزير النقل تقضي بتعويض الحجاج الذين دفعوا سعر التذكرة ضمن التكاليف الإجمالية للحج.
وقام الوفد الجزائري التحضيري لموسم حج 2023، الذي ترأسه الأمين العام لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف رضوان معاش، بعدة لقاءات ومفاوضات منذ شهر جانفي الماضي، مع الطرف السعودي، بحضور ممثلين عن وزارات الداخلية والجماعات المحلية، المالية، السياحة، النقل، الصحة، وقنصلية الجزائر بجدة، بالإضافة إلى أعضاء الديوان الوطني للحج والعمرة، انتهت بضبط كافة الترتيبات اللازمة لتوفير مختلف الخدمات التي سيحظى بها حجاج الجزائر خلال هذا الموسم، واختيار أحسن العروض التي تقدم بها المتعاملين في مختلف خدمات الحج، وإتمام الإجراءات التعاقدية لتوفير السكن والإعاشة والخدمات للحاج الميامين، خاصة وأن هناك 6 شركات بالمملكة العربية السعودية التي تطرح خدماتها للحاج الميامين، عكس السنوات الماضية حيث كانت تتولى شركة واحدة عرض خدماتها، وهو ما منح الفرصة للوفد الجزائري للمفاضلة بين عدة خيارات تمنح أحسن الخدمات وأجودها.
وتتضمن تكلفة الحج كل الخدمات الضرورية وهي السكن، والنقل داخل المملكة من المطار للمدينة ومن المدينة لمكة والنقل من وإلى منى وعرفات والنقل للمدينة من مكة وإلى المزارات، وتتضمن السكن في مكة والمدينة وفي خيم عرفات ومنى بخدماتها الإضافية، وتتضمن وجبتي فطور الصباح والعشاء حتى في عرفات ومنى، إلى جانب مختلف الرسوم المتعلقة بالدخول إلى المملكة العربية السعودية.
وتعد التكلفة التي يدفعها الحاج الجزائري من أخفض التكاليف، حسب وزير الشؤون الدينية، مقارنة مع بقية حجاج الدول الإسلامية و بالنظر إلى الخدمات التي يستفيد منها.
وفيما يخص الإجراءات التي تلي تحديد تكلفة الحج، هي توجه المواطنين الفائزين في قرعة الحج إلى البلدية لاستلام شهادة النجاح على مستوى المصالح الإدارية المكلفة، و التقرب من مصالح الدائرة الولائية محل الإقامة من أجل إيداع الملف الخاص، ثم إجراء الكشف الطبي للحجاج عن طريق عمل لجان طبية ولائية تابعة لوزارة الصحة، وهذا لمعرفة القدرة الصحية للحاج لأداء المناسك، حيث يتم ملأ بيانات الحاج الصحية على دفتر صحي خاص من طرف اللجنة الطبية، ثم دفع تكاليف الحج عن طريق بنك الجزائر، وحجز التذكرة ثم تليها حجز الغرف الكترونيا عبر موقع بوابة ديوان الحج والعمرة ثم تأتي مرحلة التأشيرة ثم السفر.
حجاج الجزائر دون قيود
رفعت سلطات المملكة السعودية حصة الجزائر في موسم حج 2023 إلى 41.300 حاج، وهو أعلى رقم تستفيد منه منذ سنوات، حيث كانت أعلى حصة تقدر بـ 36 ألف حاج، قبل تقييدها في حدود 18 ألف حاج، مع إقرار شرط تسقيف السن، السنة الماضية بسبب قيود جائحة كورونا، وبعد إسقاط حاجز السن هذا العام، يمكن لأي مواطن جزائري تجاوز 65 سنة والمرأة دون محرم تأدية فريضة الحج بأريحية.
وقد أكد وزير الحج والعمرة السعودي توفيق بن فوزان الربيعة، خلال زيارة عمل للجزائر شهر جانفي الماضي، “ترحيب بلاده بجميع ضيوف الرحمان الحجاج من الجزائر من دون قيود”.
وأعلن عن تسهيل كافة الإجراءات وتطوير التشريعات التي تمكن جميع المسلمين من زيارة الأماكن المقدسة، من بينها تخفيض نسبة التأمين بالنسبة للمعتمرين بـ 60 بالمائة، والحجاج بنسبة 73 بالمائة، مع استمرار تقديم الخدمات الصحية المتميزة كما كانت عليه، وهذا سيساعد من تخفيض التكلفة للحاج ويرفع من جودة الخدمات المقدمة.
دفتر شروط ينهي التلاعب بالحجاج
من أجل إنجاح حج 2023، وضع الديوان الوطني للحج والعمرة دفتر شروط، للوكالات السياحة والأسفار المختارة لتنظيم رحلات الحج، قيدته بعدة شروط وضوابط، لتقديم أحسن الخدمات للحجاج الجزائريين، وتنهي التجاوزات في حق ضيوف الرحمان وتضع حدا للممارسات المسيئة للبلد.
وحدد الديوان الوطني للحج والعمرة قائمة أولية تضم 45 وكالة سياحة وأسفار مؤهلة للمشاركة في تنظيم شعيرة الحج لموسم 2023، ستوزع عبر مطارات الإقلاع بكل من الجزائر العاصمة، وهران، قسنطينة، ورقلة وعنابة.
وتلتزم وكالات الأسفار المرخص لها، بتحمل المسؤولية الكاملة لتنظيم نشاط الحج، ويمنع عليها اللجوء إلى الشراكة أو المناولة، وعدم استغلال الترخيص في التعاقد مع أي متعامل دون موافقة مصالح ديوان الحج والعمرة، وعليها وفق دفتر الشروط تقديم خدمات الإسكان والتقيد في اختيار أماكن إسكان حجاجها وهي بالمنطقة المركزية بالمدينة المنورة، وبالقرب من الحرم المكي بمكة المكرسة.
كما عليها أن تلتزم بالمواصفات المحددة في دفتر شروط إسكان حجاج مكتب شؤون حجاج الجزائر بمكة والمدينة المنورة، مع مراعاة تعليمات السلطات السعودية المتعلقة بمقتضيات الأمن والسلام والقواعد الصحية وضوابط اسكان الحجاج واللائحة التنفيذية لأنظمة المباني والمساكن المعدة لإسكان الحجاج.
وتلزم وكالات السياحة بإظهار مختلف الأسعار للزبائن حسب الصنف عادي، مميز، مع توضيح الخدمات الإضافية، وضمان تذكرة سفر مؤكدة الحجز ذهابا وإيابا (الحجز الإلكتروني لتذكرة السفر عبر البوابة الجزائرية للحج)، لكل حاج عبر رحلات جوية، والتأكيد من قيام الحاج بالفحوصات الطبية وكافة التطعيمات، وإتباع مختلف الإجراءات التنظيمية المذكورة عبر البوابة الجزائرية للحج وجوبا، وفق الآجال التي تحددها مصالح الديوان، وإسكان الحجاج إلكترونيا عبر بوابة الحج كذلك، وإعلامهم بالإجراءات الوقائية المطلوبة، ووضع سجل شكاوي واقتراحات تحت تصرفهم خلال إقامتهم بالبقاع المقدسة.
وتطالب وكالات السياحة المعنية بنشاط الحج، بإبرام “عقد سفر” مع الحاج المسجل لديها أو المضاف لها لاستكمال حصتها، يوقع بين الطرفين ويوضح بالتفاصيل الخدمات المتفق عليها، تسلم نسخة منه للحاج إجباريا وتحتفظ الوكالة بنسخة تقدم عند الطلب من طرف الديوان أو لجان المتابعة.
ويتضمن عقد السفر، بيانات وكالة السياحة والأسفار، بيانات الحاج، حقوق وواجبات الطرفين، المبلغ الإضافي حسب الخدمات، وتوضيح الخدمات الإضافية المميزة التي يطلبها الحاج.
وتلزم الوكالات بضمان سفر الحجاج في أحسن الظروف، من خلال استقبالهم ومرافقتهم وتوجيههم في كل المراحل المتعلقة بإجراءات السفر بمطارات الإقلاع بأرض الوطن، والعودة من البقاع المقدسة بما فيهم المرضى والمتخلفين عن موعد رحلة العودة، والسهر على ضمان تنفيذ التعاقد مع المتعامل السعودي لاسيما ضمان تقديم الخدمات الإضافية بمكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة.
وفي حال تسجيل ملاحظات بخصوص سوء التكفل والإهمال الواردة بمحاضر لجان المتابعة وشكاوي مؤسسة من طرف المواطنين والحجاج، تقصى الوكالة من موسم إلى ثلاثة مواسم، وفي حال تسجيل قضية نصب واحتيال تعرض وكالة السياحة والأسفار إلى سحب الترخيص نهائيا فضلا عن المتابعة القضائية.
أما إذا ألحق أي ضرر للديوان أو إحدى المؤسسات أو الهيئات السعودية وتم إثبات ذلك بمحاضر لجان المتابعة تتعرض وكالة السياحة والأسفار إلى الإقصاء النهائي والمتابعة القضائية، وفي حال حصول الوكالة على إنذارين أو أكثر تخصم للوكالة من ثلاث نقاط إلى ثمانية نقاط من إجمالي التقييم العام.