ليس حسنا أن نسمع (طرق النّح) أو رنين جرس الباب، فلا نسارع إلى فتحه، فقد يكون قريبا حبيبا، أو ضيفا كريما، أو صاحب حاجة.
وحتى لو افترضنا جدلا أنّه «ساعي بريد» (وهذا مستبعد في زمن الرّقمنة)، فإنّنا لا ينبغي أن نتركه لحاله؛ لأنّ الواجب يقتضي أن نسارع إلى استقباله بالوجه الحسن، والبسمة المشرقة، والرّحب والسّعة والكلمات الرّطبة الطيّبة، فهذه – في الأخير – أخلاقنا السّامية المتأصّلة في دواخل قلوبنا، وهي ثوابت لا يمكن لنا أن نلقي بها إلى النّسيان..
ولا يختلف (طرق النّح) أو (دقّ الجرس) عن ألحان الهاتف (نقالا كان أم ثابتا)؛ ذلك أن من يشكّل رقمنا، ويتّصل بنا، إنسان ينبغي احترامه وتقديره، ومن العيب أن نتركه ليسمع الرّنين بمفرده، ثم يعود خائبا لم يتمكّن من التواصل معنا، فإذا لم تكن لدينا القدرة على الإجابة، بحكم أنّ (الألحان) تثير فينا (النرفزة)، فالأفضل عدم امتلاك هاتف، والاكتفاء بالأسلوب الكلاسيكي للتواصل، وهذا يعفي (سيدنا المنرفز) من هموم الاتصال..
فإذا كان (ضرب النّح، وليس طرقُه) بسبب انشغال، أو اجتماع، أو صلاة أو نسك أو ما شاء الله من الأعذار، فإنّ الواجب يقتضي معاودة الاتصال بالأرقام التي نجدها مرتبة في خانة معلومة، وحتى إن كان هاتفنا خارج مجال التغطية، فإن الموبيليس والجيزي والأوريدو ثلاثتهم يوفّرون، مشكورين، خدمة رسائل نصية تخبرنا عمّن أراد الاتّصال بنا، حين كنا بلا تغطية، فتغطي الرسائل النقص، وتمنحنا فرصة كي نعبّر عن احترامنا لمن يتّصل بنا، تماما مثلما كان آباؤنا وأجدادنا في زمن (طرق النّح)..
حسن الاستقبال – إذن – واجب يتحمّله جميع النّاس، فما بالنا حين يكون الواحد من الناس مسؤولا ببلدية أو ولاية أو وزارة؟! ألا يكون واجبا مضاعفا؟!.. هذا هو السّؤال..