دعت جمعيات ومنظمات ناشطة في مجال التوعية بمخاطر المخدرات، اليوم الأحد، إلى ضرورة وضع إستراتيجية وطنية موحدة بإشراك جميع الفاعلين لمكافحة هذه الآفة والتصدي لها.
وبهذا الخصوص، أكد رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي، البروفسور مصطفى خياطي، على ضرورة “إنشاء مرصد لمتابعة استهلاك المخدرات، خصوصا مع تحويل استعمال بعض الأدوية في السنوات الأخيرة من العلاج إلى الإدمان والترويج للمهلوسات المصنعة في مخابر غير شرعية بمكونات مجهولة”.
وركز في ذات السياق على أهمية القيام بدراسات في هذا المجال من أجل “الوصول إلى العدد الحقيقي للمدمنين على المخدرات والبحث عن الأسباب التي أدت بهم إلى التورط في هذه الآفة الخطيرة”، داعيا في نفس الوقت الى “الفصل بين الجاني والضحية من أجل حماية الشباب والمراهقين وإعطائهم فرصة ثانية للاندماج في المجتمع والعيش حياة عادية بعد تلقي العلاج اللازم”.
وبخصوص التوعية والتحسيس بخطورة المخدرات، أكد البروفسور خياطي على أهمية تبني “استراتيجية وطنية بإشراك جميع الفاعلين بمن فيهم جمعيات الأحياء للقيام بالعمل الجواري وتحسيس الشباب بخطورة هذه الآفة، إلى جانب توفير الأدوات اللازمة والكفيلة بتحقيق الغرض”.
وبهدف وضع حد لتفاقم هذه الآفة الخطيرة، أكد مدير الدراسات والتحليل والتقييم بالديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها، سفيان حنيفي، على ضرورة “تجند جميع القطاعات من أجل تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات والقيام بالتوعية والتحسيس بخطورة استهلاكها”، لافتا إلى وجود لجنة متابعة وتقييم على مستوى الديوان تضم عدة قطاعات وزارية وهيئات أمنية تعقد اجتماعاتها كل ثلاثة أشهر للنقاش والتشاور والوقوف على ما تم تنفيذه في إطار تنفيذ هذه الاستراتيجية.
كما أشار الى أنه يتم “استغلال كل الفضاءات والأماكن العمومية في عملية التحسيس والتوعية من خلال الملتقيات والأيام الدراسية وخطب المساجد”، إلى جانب إعداد “دراسات معمقة آخرها كانت سنة 2022 حول آفة المخدرات وانتشارها في أوساط الشباب”.
من جانبه، أشار رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني، نور الدين بن براهم، إلى أن الشباب الجزائري “أصبح مستهدفا بشكل واضح من قبل منتجي ومروجي المخدرات”، مما يشكل –مثلما قال– “وعيا لدى المجتمع المدني بأن المسألة ليست عابرة ولا استثنائية وإنما هي استهداف للمورد البشري للبلاد في محاولة لإضعافه واستنزاف قواه”.
ودعا في هذا الإطار إلى إطلاق “ديناميكية مجتمعية” هدفها “تعزيز آليات الوقاية، بعيدا عن الأدوات الكلاسيكية القديمة كالمعارض وتوزيع المنشورات التي لم تعد تجدي نفعا أمام خطورة الوضع”.
وشدد على أهمية “الاعتماد على جمعيات المجتمع المدني والأولياء ومختلف الفاعلين، على غرار لجان الأحياء واللجان الرياضية وأئمة المساجد لتشكيل شبكة وقائية تركز على الشباب من مختلف الأعمار وتقوم بالتحسيس بمخاطر الإدمان، وهذا بالتنسيق بشكل فعال مع مؤسسات الدولة ومصالح الأمن”.
وأبرز بن براهم في هذا الشأن أهمية “الاستثمار في شبكات التواصل الاجتماعي، بالتعاون مع المؤثرين والفنانين والرياضيين ومن يملكون حسابات واسعة” وكذا من خلال “توظيف الأدوات المناسبة لتوفير بدائل للشباب لإخراجهم من حالة الفراغ التي يعيشونها، وذلك بالمرافقة والادماج الاقتصادي وممارسة الرياضة وغيرها من الأنشطة الثقافية والترفيهية المفيدة بهدف تجفيف منابع مروجي المخدرات”.
كما دعا الجمعيات الى “التحلي بروح المبادرة والعمل على توعية الشباب وحمايتهم من هذه الآفة وفق ما تملكه من إمكانيات، بالتنسيق مع جميع الفاعلين ضمن مقاربة احترافية وفعالة”.
من جانبه، قال رئيس جمعية “صوت الشباب”، رشيد ضيف الله، أن جمعيته تسعى ضمن “مشروع الوقاية من تعاطي المخدرات بين الشباب”، إلى الاعتماد على أطباء مختصين في معالجة الإدمان لمرافقة الشباب وإعطائهم نصائح عبر جلسات علاج نفسية تكون “فرصة لهم لطرح انشغالاتهم ومشاكلهم والأسباب التي دفعتهم إلى الإدمان على المخدرات، بالتنسيق مع جميع الفاعلين، خصوصا الأسرة التي لها دور كبير في هذه العملية”.
كما كشف في ذات الإطار عن التفكير في وضع منصة رقمية لهذا الغرض تمكن الشباب من الولوج إلى كل ما يهمهم بخصوص هذه الآفة.