اليوم أزيد من 920 ألف متمدرس في السنة الخامسة ابتدائي على موعد مع امتحان تقييم المكتسبات أو ما يسمى بالسانكيام الجديد، الذي يشمل دروس الفصول الثلاث ويستمر على مدار 25 يوما، في أوّل تجربة تقويمية لمعارف التلميذ طيلة السنة الدراسية 2022 – 2023.
يستمر امتحان تقييم المكتسبات إلى غاية 23 ماي المقبل، وذلك بشكل متقطّع إذ تجري التقييمات الكتابية لمكتسبات التلميذ موازاة مع استكمال الدروس العادية، ويكون 920 ألف متمدرس موزعين على 33 ألف فوج تربوي، يؤطّرهم 80 ألف أستاذ خاص باللغتين العربية والفرنسية، وكذا مديري المؤسسات التربوية.
تشمل تقييمات المكتسبات حسب الرزنامة التي تملك “الشعب” نسخة منها، ثمانية مواد تتمثل في اللغات العربية الأمازيغية والفرنسية، بحيث تتضمّن كل منها تقييمات حول “فهم المكتوب لمدة 1 سا و30 دقيقة والإنتاج الكتابي لمدة 45 دقيقة، إلى جانب الرياضيات لمدة 1 سا و30 دقيقة وكذا مواد الحفظ.
وحسب المختصين في الشأن التربوي، فإن الامتحان جاء لمعرفة القدرات الاستيعابية والإدراكية للتلميذ من أجل معالجتها مستقبلا، وهو فرصة للوقوف عند النقائص لتداركها، خاصة وأنه لا يضم نقاط وإنما ملاحظات حول الإجابات العامة للتلميذ في سلم تنقيط مغاير.
وشدّدت مديريات التربية على السير الحسن للإجراءات الخاصة بالعملية، وعلى رأسها الإشراف الشخصي على عمل الخلايا الولائية المنصبة، ومتابعة سير مجريات التقييم وإعطاء أهمية بالغة لعملية طبع مواضيع “التقييمات الكتابية”، و«شبكات التصحيح وسلم التقديرات”، وغيرها من الأمور البيداغوجية التي تضمن نجاح الامتحان.
مراعاة للجانب النفسي للتلميذ، أكدت ذات الجهة، على المديرين الولائيين الحرص على إجراء التقييمات في نفس الأقسام التي يدرس فيها التلاميذ لتسهيل العملية عليهم، وتسلم مواضيع التقييمات الكتابية وسلم التقديرات فور انطلاق الامتحان من أجل إعطائه الطابع الرسمي.
أسبوع ماراطوني لتدريب الكفاءة
بعد التكوين الذي قام به أساتذة السنة الخامسة ابتدائي حول طريقة الامتحان والتصحيح، انتقل الأساتذة للقيام باختبارات نموذجية قي جميع المواد ما عدا التربية الفنية لتدريب التلميذ على الامتحان وكيفية الإجابة، خاصة وأنّه يضم أسئلة الفهم التي لا تعتمد على الحفظ، وإنما ما ترسخ في ذهن التلميذ من تعلّمات.
التزمت جميع المؤسّسات التربوية بتعليمة وزارة التربية الوطنية الخاصة بنماذج اختبارات تقييم المكتسبات، وعكفت جميع المدارس على إجراء نماذج لتدريب التلاميذ على طريقة الحل التي تختلف على الامتحانات الفصلية من حيث نوعية الأسئلة، طريقة الأجوبة والتصحيح، وهذا بالتزامن مع إكمال البرنامج الدراسي.
أكّدت الوزارة على ضرورة إجراء اختبارات الفصل الثالث في موعدها المحدّد، وذلك بداية من يوم 28 ماي إلى غاية 1 جوان القادم، أي بعد ثلاثة أيام من إنهاء الامتحان التقويمي، في حين طالبت استكمال البرنامج الدراسي قبل 30 أفريل، بالموازاة مع إجراء تقييم المكتسبات الذي يأخذ 10 بالمائة من الحجم الساعي للدروس.
من جهتها، وزّعت المؤسّسات التربوية تنفيذا لتعليمات وزارة التربية الوطنية رزنامة امتحان تقييم المكتسبات على جميع التلاميذ من أجل التحضير له، حيث سيكون بمعدل إجراء يوم امتحان ويوم للدروس العادية، وتكون الانطلاقة مع اللغة العربية بنوعيها “المحصول الفكري والنظام اللغوي” بوقت زمني ساعة ونصف.
خصّص اليوم الثاني من الامتحان الذي يكون يوما بيوم لمادة التربية الإسلامية بمعدل ساعة ونصف، وتستمر العملية على مدار 25 يوما يمتحن فيها التلميذ في اختبار الأول من نوعه من جميع النواحي سواء من حيث الأسئلة أو طريقة التصحيح.
الابتدائي تعليم قاعدي
من جهته، مدير التعليم الابتدائي بوزارة التربية الوطنية ضيف الله محمد، أكّد أنّ الموضوع يدخل ضمن مخطط عمل الحكومة لتنفيذ برامج رئيس الجمهورية في الفصل الثالث المتعلق بالتنمية البشرية، مشيرا إلى أنّه يتعلق بإعادة النظر في منظومة امتحانات المدرسة الوطنية وتكييفها، سواء بالابتدائي المتوسط والثانوي.
وأضاف “العملية انطلقت من الابتدائي لأنّه تعليم قاعدي”، موضّحا من خلال فكرة إعادة النظر في نظام التقويم بالابتدائي القدرة على جمع معطيات حول التعلمات المرجعية العامة للمناهج لسنة 2009، حيث تحدّد طبيعة التقويم الذي يرافق التلاميذ في مراحل تعليمية متعدّدة.
قبل هذه السنة كان الامتحان انتقائيا، أي يقوم على أساس ثلاث مواد من أصل تسع مواد، ولكن داخل المادة نفسها لا تشمل كل الكفاءات، ولهذا جاءت فكرة امتحان تقييم المكتسبات الذي يشمل جميع الكفاءات مادة بمادة، فمثلا في الرياضيات أو اللغة كان التقويم في جزء من التعلمات التي تمتد لمرحلة كاملة، وهذا يؤثّر على المعطيات التي يقدّمها النّظام التعليمي.
ما يعني تقديم معطيات نقطة فردية للمتعلم، وينتهي بكشف نقاط غايته ترتيب التلاميذ ليس أكثر، عكس امتحان تقييم المكتسبات الذي يتناول جميع التعلمات، وتشمل المواد التي يدرسها التلميذ طيلة السنة الدراسية، مشيرا إلى بقية المواد التي لا يمتحن فيها التلميذ، ولم يعد لها أهمية قي نظر الأساتذة، لأنها غير خاضعة للتقويم “المواد الحفظ”.
هذه المواد زحزحت – بحسبه – ولم يعد يعتني بها، على غرار مادة التربية العلمية التكنولوجية التي تتفرع منها مادتان في المتوسط، العلوم والفيزياء، حيث لم تعد تدرس بالشكل المطلوب في الابتدائي لأنها غير معنية بالامتحان، وصار التلاميذ ينتقلون من الابتدائي إلى المتوسط بتعلمات لا يعتمد عليها، لذا جاء هذا الامتحان للوقوف عند جميع الكفاءات.
الحضور إجباري
من بين شروط نجاح امتحان تقييم المكتسبات الحضور اليومي للامتحان، وإلا يحرم التلميذ من الانتقال إلى المتوسط، حيث أكّدت مصادر أنّ إلزام حضور التلميذ ليس بنية الحرمان من الانتقال، وإنما الغرض منه إعطائه الصبغة الرسمية حتى يقدم التلميذ كل ما لديه من معلومات تسمح بتقييم معارفه في المرحلة القادمة.
في المقابل نقابات التربية إضافة الى مجموعة من الأولياء الذين يتابعون القطاع، أكّدوا أنّ التلميذ يعيش ضغطا كبيرا، فبعد امتحان مصيري مدته يوم واحد “امتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي” المعتمد سابقا، وما يصاحبه من ضغط نفسي، أصبح التلميذ يمتحن لمدة 25 يوما وفي جميع المواد.
بدوره الاتحاد الوطني للأساتذة، يرى أنّ طريقة تطبيق خطوة تقييم المكتسبات فيها نوع من الضغط والتداخل في دور الأستاذ وهذا في شقين: طول مدة التقييم، خاصة وأن المدرسة فضاء لاكتساب المعارف والتقييم يكون في فترة قصيرة.
بالنسبة لطريقة تطبيق الخطوة، يرى الاتحاد أنها تشكل ضغطا على الأستاذ من حيث تحمل مسؤولية التصحيح وصب النقاط في الرقمنة، كان الأجدر تقسيم المهام بين الإدارة والأستاذ، أي بين الجانب البيداغوجي والإداري، مشيرا إلى أن الاتحاد هدفه من التصويب تذليل الصعوبات، وإيجاد حلول لتحقيق جودة حقيقية للعملية التعلمية.
آلية بديلة لامتحان السانكيام
من جهتنا، استطلعنا آراء مجموعة من أساتذة السنة الخامسة ابتدائي عبر ابتدائيات مختلفة، حيث أكّد الأستاذ جمال شداد أنّ امتحان تقييم المكتسبات كآلية بديلة عن امتحان نهاية المرحلة الابتدائية بنموذجها الكلاسيكي، كانت فكرة مناسبة لولا تعقيدها بإجراءات جعلت من هذا الامتحان يعيد إنتاج نفس الضغط النفسي بل يتجاوزه بأشواط كثيرة.
واستطرد قائلا “انتقدنا امتحانا ليوم واحد وبثلاثة أنشطة ونصفه بامتحان بدون جدوى نظرا لعدة أسباب بيداغوجية وحتى تنظيمية ،وفي المقابل نستبدله بامتحان آخر خفّفت فيه الرسمية فقط، بل تضاعف عبر إجراءاته الضغط على الأستاذ والتلميذ وحتى الأولياء، وتمدّد اليوم الواحد الى أكثر من عشرين يوما، وتفرّعت المواد لتشمل أنشطتها بل حتى ميادينها ووضع شرط الانتقال الى المتوسط بعدم غياب التلميذ وإلا يتم الإقصاء، وهذا ما يجعل الامتحان أكثر ضغطا على الأولياء خاصة ثم التلميذ.
وأضاف توقعنا كممارسين ومطبقين أن تخرج الوزارة بتوليفة مرنة ومناسبة توفّر الأريحية للأستاذ ولتلميذه، في انتقال سلس الى مرحلة المتوسط بأقل تعقيدات ممكنة، وبنجاعة أكبر للتقييم لكننا ومن آراء الأساتذة، سجلنا حالة من التذمر لعدم رسم خطة مناسبة وبديل لامتحان نهاية المرحلة الابتدائية.
المثير للتساؤل – يقول الأستاذ – أن تخضع كل التعلمات السنوية لامتحان يجد نفسه التلميذ في مواجهة كم هائل من المعارف، وفي مدة طويلة لم يتعود عليها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الممتحن نفسه زاول دراسته في ظروف استثنائية وبتوقيت استثنائي منذ السنة الثالثة وهي سنة قاعدية مهمة، وهل يعقل أن يتم إقصاء طفل لم يتجاوز 11 سنة لمجرد تغيبه عن نشاط واحد قد يحدث فيه أي عارض؟
من جهته، أستاذ بابتدائية بالدار البيضاء بالعاصمة، قال إنّ استبدال امتحان نهاية التعليم الابتدائي بتقييم المكتسبات مناسب في ظاهره، غير أن الإجراءات المعقّدة تجعل التلميذ والأستاذ تحت ضغط رهيب لفترة أطول، في حين قالت أستاذة بابتدائية ببرج الكيفان شرق العاصمة، إنّ الأساتذة عاشوا ضغطا رهيبا بين استكمال البرنامج، تدريب التلميذ والامتحان.
مراعاة للجانب النفسي للتلميذ، أكّدت الوزارة الوصية على المديرين الولائيين الحرص على إجراء التقييمات في نفس الأقسام التي يدرس فيها التلاميذ لتسهيل العملية عليهم، وتسلم مواضيع التقييمات الكتابية وسلم التقديرات فور انطلاق الامتحان، من أجل إعطائه طابع امتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي.
التلاميذ في تأهّب
من جهتهم، صرّح عدد من التلاميذ الذين تحدثنا إليهم، أنهم يعيشون ضغطا كبيرا، خاصة وأن الامتحان جاء بالموازاة مع استكمال البرنامج الدراسي والتدريب على النماذج، حيث قال عمر، تلميذ في الخامسة ابتدائي إن النماذج المقترحة لتقييم المكتسبات كانت سهلة، لأنّ الإجابات اختيارية، في حين قال آخر إنه لا يركز على الامتحان، لأنه غير محتسب في الانتقال.
وأضاف خالد “لا أستطيع حفظ كل البرنامج سأكتفي بالإجابة على ما أعرف”، نفس الأمر أكّدته التلميذة ليان، مشيرة إلى أنها تقوم بالمراجعة فقط، لأنها كانت تحفظ دروس الفصل الثالث ولم يتسن لها الوقت للإطلاع على جميع الدروس، وأكد آخر أن الفصل الثالث مهم للانتقال إلى المرحلة المقبلة.
وأكّد أولياء التلاميذ، أنه مع بداية العد التنازلي للامتحان، شرع الأبناء في التحضير للامتحان من خلال التكثيف من المراجعة وحل النماذج بغية التعود على الأسئلة في مختلف المواد، خصوصا وأنّ نماذج تقييم المكتسبات ستكون على نفس طريقة الامتحان.
وبرمجت بعض المدارس الخاصة حصصا تدعيمية لتدريب التلاميذ على طريقة حل مواضيع الامتحان خاصة في المواد الأساسية، حيث خصّصت ساعتين لكل من اللغة، الرياضيات والفرنسية، أين حظي التلاميذ بحلول عديدة للنماذج، بالإضافة الى النصائح لإزالة القلق النفسي.
ويمتحن التلاميذ في تقييم المكتسبات وما يزال الثلاثي الثالث الذي يفصلنا عنه أياما قليلة، يشغل بال الأولياء باعتباره مرحلة حاسمة في مصير التلاميذ، حيث باشر الأولياء في إدراج أبنائهم في الأقسام الخاصة بالدروس التدعيمية للمواد الأساسية خاصة الرياضيات واللغة، باعتبارهما تشكلان عائقا أمام الكثير من المتمدرسين.
وقالت وليّة تلميذة في قسم الخامسة ابتدائي، إنّ ابنتها ضعيفة في مادة الرياضيات، ما أجبرها على وضعها في قسم خاص خلال هذا الشهر لمساعدتها في هذه المادة التي تسببت في تراجع معدلها لفصلين، بينما يتخوف البعض من مادة الفرنسية، وتمت مضاعفة الحصص التدعيمية لرفع المعدل الفصلي.
للإشارة، يأتي امتحان تقييم المكتسبات ليشمل جميع الكفاءات لمواد السنة الخامسة ابتدائي، وللوقوف عند تعلمات التلميذ طيلة سنة دراسية، وهذا لأجل تمكينه من انتقال سلس الى مرحلة التعليم المتوسط.