ثمّنت شريحة المتقاعدين قرار رئيس الجمهورية الخاص بمراجعة معاشات التقاعد في الجزائر سنويا في شهر ماي، مؤكّدين أنّه يمثل التزاما حقيقيا منه تجاه هذه الفئة، لاسيما ذوي المنح الضعيفة والمتوسطة، وهي بمثابة اعتراف بجهودهم، وحفاظا على كرامتهم، وتحسين قدرتهم الشرائية.
القرار الذي مسّ ثلاث فئات من شريحة المتقاعدين، كان محلّ ترحيب من أكثر من 3 ملايين و400 ألف متقاعد، والذي يأتي تكملة للقرارات السابقة خاصة، قرار الزيادات التي مسّت منح التقاعد التي بموجبها رفعت المعاشات الضعيفة من خلال ضمان الحد الأدنى من الأجر القاعدي، وكان قد سبقه قرار آخر يقضي بتخفيض الضريبة على الدخل الإجمالي، وهو ما ساهم تدريجيا بتحسين وضعية هذه الفئة من المجتمع الجزائري.
وستطبّق العملية بنسب متفاوتة، حيث تمس نسبة 5 بالمائة للفئة ذات المنحة أو المعاش الذي يقل أو يساوي 20 ألف دينار جزائري، 4 بالمائة بالنسبة للفئة التي يفوق معاشها أو منحتها 20 ألف دينار جزائري، ويقل أو يساوي 50 ألف دينار جزائري، وأخيرا 3 بالمائة، بالنسبة للفئة التي يفوق معاشها أو منحتها 50 ألف دينار جزائري.
في هذا السياق، يرى المتقاعد عبد القادر الذي شغل منصب تقني بإحدى فروع مجمّع “سونلغاز”، أنّ القرار الذي جاء عشية الاحتفالات بعيد العمال، يؤكّد نيّة رئيس الجمهورية في التغيير نحو الأفضل وتجسيد البرنامج الذي جاء به، والمتمثل في إعادة البناء وتجسيد معالم الجزائر الجديدة بداية بتعزيز دعائم العدالة الاجتماعية.
وأوضح المتحدّث، أنّ مثل هذه الخطوة من شأنها أن تعطي دفعا قويا نحو الأمام من خلال توسيع دائرة الأمان الاجتماعي، خاصة وأنّه يمس شريحة المتقاعدين، مشيرا إلى أنّ هذا النوع من الزيادات، كانت في الماضي القريب تمر عن طريق اجتماعات عديدة، في حين أن قرار رئيس الجمهورية جعلها تطبّق بصفة آلية، مؤكّدا أنّ الدولة القوية لا تكون إلاّ عن طريق تجسيد القوانين والتعليمات في الميدان، وهذا ما نشهده اليوم.
بدوره المتقاعد “عثمان – ب«، إطار سابق بميناء الجزائر، ثمّن القرار واعتبره بمثابة اعتراف اجتماعي لفئة عمالية ساهمت في وقت مضى في بناء الجزائر، خاصة وأنّ الكثير منهم التحق بالتقاعد بمنحة ضعيفة لم تمكّنهم من مواجهة الهزات التي طالت القدرة الشرائية بسبب ارتفاع الأسعار.
نفس الرأي ذهب إليه المتقاعد “أحمد”، الذي كان يعمل بإحدى ورشات مجمّع سوناطراك، معتبرا تكريس مبدأ الآلية في تكريس الزيادات في معاشات التقاعد، مشيرا إلى النسب التي تمّ إقرارها مقبولة وتعزّز أكثر الزيادات السابقة في منحة التقاعد التي كانت هي الأخرى محل تثمين لشريحة واسعة من المتقاعدين سيما ذوي المنح الضعيفة.
في المقابل، أعرب المتقاعد “أحمد” عن أمله في أن تكون هذه الزيادات بأثر رجعي لأول مرة، على الأقل ابتداء من تطبيق المنح الجديدة للتقاعد، لأنّ هذه الفئة تأثّرت كثيرا بتداعيات كورونا، الأثر المالي للزيادات التي أقرّتها الدولة لهذه الفئة وباقي الفئات الهشّة، مشيرا إلى تمسّكه بمراجعة سن التقاعد من أجل تحريك عجلة التشغيل لامتصاص أكبر عدد من الشباب وبالتالي صناعة الثروة.
أمّا عمّي “بوعلام”، المتقاعد من قطاع التربية، فاعتبر آلية مراجعة معاشات التقاعد في الجزائر بشكل سنوي مكسبا هاما لهذه الشريحة، كونها تنهي كثيرا من صور المشاورات السابقة التي كانت تجري في اجتماعات الثلاثية بين النقابات، والباترونا والحكومة والإجراءات الإدارية الثقيلة التي تتبعها لتطبيق قراراتها، فالآلية تعني – حسبه – الرقمنة، أي الشفافية وسرعة التنفيذ، مشيرا إلى أن هذه الفئة تحتاج إلى العيش بكرامة في آخر عمرها.
وأوضح المختص في علم الاجتماع، الدكتور نعيم بوعموشة، من جامعة تمنراست، أنّ القرار يندرج ضمن المكاسب المحققة في إطار التوزيع العادل للثروة، ويعد من بين المؤشرات المكرسة للطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية، ويترجم الإرادة السياسية القوية لرئيس الجمهورية للتكفل بتطلعات المواطنين والمضي قدما نحو ضمان حياة كريمة، وإطار معيشي لائق للجزائريين، خاصة وأنّ المساواة مصطلح لصيق بمفهوم التنمية الاجتماعية، إذ يستحيل أن تكون هناك تنمية اجتماعية حقيقية ما لم تكن هناك عدالة ومساواة، فلكل مواطن الحق في العيش الكريم واللائق.
وأشار د – بوعموشة إلى أنّ مراجعة معاشات التقاعد بشكل سنوي هو مكسب يضاف للقرارات السابقة، أهمها تعديل أحكام المادتين 16 و17 من قانون التقاعد رقم 83-12، المؤرخ في 2 جويلية 1983، بناء على التزامات رئيس الجمهورية وتعليماته الرامية إلى تحسين القدرة الشرائية للمواطن الجزائري، وضمان الدخل اللائق لأصحاب الدخل الضعيف، لاسيما المتقاعدين كمكسب، من خلال مراجعة الحد الأدنى للمعاشات ومنح التقاعد لتحقيق العدالة الاجتماعية، في إطار سياسة التوزيع العادل للثروات الطبيعية.