شهد العالم في العقدين الأخيرين ثورة في الإعلام لاسيما مع انتشار الانترنت ووسائل الاتصال الحديثة، إذ تلعب وسائل الإعلام دوراً هاماً في الجيوبوليتيكا، وهي تؤثر على العديد من المستويات في العلاقات الدولية والتفاعلات السياسية العالمية.
من بين الأدوار الرئيسية التي تلعبها وسائل الإعلام في الجيوبوليتيكا تشكيل الرأي العام إذ يعتبر الإعلام مصدراً مهماً للمعلومات والأخبار للرأي العام، ويمكن أن يؤثر على تصورات الناس وآرائهم حول القضايا السياسية الحيوية داخليا وخارجيا، ويقوم الإعلام بدور هام في نقل المعلومات بين الدول والثقافات والمجتمعات، وبالتالي يعزّز التفاهم والتعاون بين الدول.
كما يساهم الإعلام بشكل فعال في تكوين الصورة الذهنية للشعوب، حيث يساعد على تشكيل الصورة الذهنية للدول والشعوب والقادة السياسيين، ويمكن أن يؤثر هذا التصور على العلاقات الدولية والتفاعلات السياسية، وتوجهات الناس، وفي كثير من الأحيان أصبح الإعلام يستخدم كوسيلة لضرب استقرار الدول وهذا ما حدث في العديد من الدول التي مرت بما يسمى “الربيع العربي”، حيث استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها أداة لنشر المعلومات المغلوطة ونشر ما يعرف بـ “ الفوضى الخلاقة”.
الأمن الإعلامي مسألة أمن قومي ..
يعتبر الأمن الإعلامي من الأمور الحيوية في عصرنا الحالي، وذلك لأنّ الإعلام أصبح مصدراً رئيسياً للمعلومات والأخبار والبيانات والمعلومات الشخصية التي يتم تبادلها عبر الإنترنت. ويمكن تعريف الأمن الإعلامي بأنه الإجراءات والسياسات والتقنيات التي تستخدم لحماية البيانات والمعلومات والموارد الإعلامية المختلفة.
وعملت الجزائر، لاسيما من خلال قانون الإعلام الجديد، على ضمان الأمن الإعلامي للجزائريين، ومن بين أهم الضوابط التي تم إقرارها منع التمويل الخارجي لوسائل الإعلام الجزائرية، خاصة وأنّ التمويل الخارجي يكون دائما وفق أجندات تخدم الجهات الممولة سعيا لضرب الاستقرار الداخلي للدول أو تحقيق مصالح دول أخرى، ويطلق على وسائل الإعلام في الأبجديات السياسية “القوة الناعمة” حيث تستخدم لتوجيه آراء الناس وحتى الدول الديمقراطية الكبيرة كانت عرضة لهذه الاختراقات لاسيما قضية “كامبريدج أناليتيكا” حيث فضحت تجسس وتعدي كبير على خصوصية المستخدمين عبر مواقع التواصل الاجتماعي واستخدام البيانات الشخصية في حملات سياسية وإعلامية.
الإعلام سلاح العصر ..
يرى الدكتور مصطفى بن علي المتخصّص في الأمن الإعلامي ووسائل التواصل الحديثة في تصريح لـ«الشعب”، أنّ الإعلام يمكن أن يكون سلاحًا فتاكًا في بعض الأحيان، وذلك لأنه يمتلك القدرة على تأثير الرأي العام وتشكيله، وبالتالي يمكن استخدامه في سياقات سياسية أو اجتماعية أو حتى اقتصادية لتحقيق أهداف معينة. وفي بعض الحالات، يمكن استخدام الإعلام لترويج أفكار معينة أو نشر رسائل تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تحول الرأي العام وتغييره بطريقة معينة لاسيما خلال الأزمات. من الجانب الآخر، يمكن استخدام الإعلام في بعض الأحيان لتشويه سمعة أفراد أو جماعات أو دول، وهذا قد يؤدي إلى إثارة الفتنة والتوترات وتفاقم المشكلات بين الأطراف المعنية.
ولهذا السبب، فإنّه من المهم أن يتم استخدام الإعلام بطريقة مسؤولة ومتزنة، ويجب أن يحرص المعنيون على توجيه رسائلهم وأفكارهم بطريقة تسعى إلى تحقيق الصالح العام وتجنب الضرر على الآخرين.
الـ”فايك نيوز”.. تحدّ كبير
علاوة على ذلك، تشكل الأخبار الزائفة أو ما يعرف بـ “الفيك نيوز” تحديًا كبيرًا للدول، حيث يمكن أن تؤدي إلى تأثير سلبي على المجتمع والسياسة والاقتصاد. فعندما يتم نشر الأخبار الزائفة، فإنّها تعمل على تشويش الرأي العام وتشكيله بطريقة خاطئة، ممّا يؤدي إلى تفاقم المشكلات وزيادة التوترات بين الأطراف المختلفة.
ويتم تداول الأخبار الزائفة عادة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تأثير سلبي على الاستقرار السياسي والاجتماعي في أيّ دولة، حيث يمكن أن يؤدي الأمر إلى زيادة التفرقة والانقسامات بين الناس والمجتمعات.