جمهور القراء الذين تزاحموا على رصيف مكتبة العالم الثالث، أملا في الحصول على نسخة من رواية «الفضلاء» لياسمينة خضرة، وضعوا أطروحات محللي مشهدنا الثقافي، وسؤال المقروئية بصفة خاصة، في حرج كبير، تماما مثلما هدموا نظرية (نهاية الكتاب الورقي)، ما يعني – تلقائيا – أن إشكالية «صناعة الكتاب»، نوقشت بناءً على فرضيات خاطئة، ولا يمكنها مطلقا أن تتوصل إلى حلول منطقية توافق الواقع المعيش..
ولقد لاحظنا خلال الأيام القليلة الماضية، أن توصيات الورشات المخصصة للصناعة السينماتوغرافية، أهدرت وقتا ثمينا على بعض المقترحات التي يفترض أنّها متجاوزة بحكم مفهوم «الصناعة» الذي يستدعي مفهوم «الاستثمار»، ثم بحكم خطاب وزارة الثقافة الذي تجاوز عقلية (الريع)، أملا في تحقيق صناعة تتولى هي نفسُها دعم القطاعات الأخرى، وتكون سندا اجتماعيا وثقافيا للأمة، بل تكون لسانها المعبر عنها..
يجب أن نعترف أن مشكلات الثقافة عموما، لن تجد حلولا معقولة إلا إذا اعتمدت على دراسات أكاديمية رصينة معمّقة، بعيدا عن كل ما تسعى إلى فرضه (النخب المغشوشة) في الواقع والمواقع، فإذا تحدّثنا عن «الكتاب» – على سبيل المثال – فإن نموذج ياسمينة خضرة يقول صراحة إن واجب الناشرين الأول، إنما هو العناية بما يستحق النشر فعلا، وليس بما يسيء إلى سمعة الكتاب، ويصدم القارئ الذي يشتري رواية، ليكتشف أنها شيء يشبه (حشيش المقطفة)، فالقارئ ليس مغفلا، والكتابة ليست متاحة لمن (يدفعون) بالضرورة..
ولا تختلف الحال مع السينما، فالوضع صعب والمنافسة شرسة، والساحة تحتاج إلى أهل التّخصص المتمكّنين، ولا مكان فيها للهواة و(مؤثري!!) التيك توك والانستغرام وما شابه..
على كل حال، من حسن الحظ أن مولوجي أكاديمية ورعة، وهذا ما يطمئننا، ويجعلنا نتفاءل بواقع ثقافي أفضل..