يرتبط العقار بالاستثمار ارتباطا وثيقا، وقد اعتبر عبد الرحمن بن يمينة، الخبير في العقار والهندسة المالية للمشاريع، أنّ حصر عملية منح العقار الاقتصادي على الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار، وذلك عبر الشباك الوحيد تحمل نقطة إيجابية، حيث تسمح بتوفير سلة عقارات، غير أنّ توفير العقار وتوزيعه يحتاج إلى رؤية اقتصادية متكاملة بعيدة المدى.
أوضح الخبير بن يمينة في تصريح لـ “الشعب”، أنّ الخلل الرّئيسي فيما يتعلق بمسألة العقار لا يكمن في عملية التوزيع ومن يقوم بها، بل في ثنائية المتابعة والمراقبة للذين حصلوا على أوعية عقارية ولم يقوموا باستغلالها، بالإضافة إلى تفعيل الهيئات المحلية، يرافقها إصلاحات في المحيط الاقتصادي والمتمثلة في البنوك، التي ما تزال الخدمات فيها منها منح القروض تحتاج الى وتيرة أسرع بالنظر الى ما تتطلبه الحركية الاقتصادية.
ويرى الخبير أنه من الضروري تطبيق هذه الثنائية، فمتابعة عملية إنجاز المشاريع على العقارات الممنوحة، تسمح بمعرفة المستثمر الجدي من غيره، وبالتالي، فإنّ مرافقة هذا الأخير تبدو بالنسبة له مهمة، لأنّه يحتاج الى مساعدة لرفع العوائق التي تحول دون تجسيد استثماره.
فيما يتعلق بمسالة استرجاع العقارات غير المستغلة، قال بن يمينة إنّه لا بد أن توضع بعد استكمال العملية ضمن خارطة عقارات، وتمنح في وقتها، موضحا في هذا الصدد أنه لا بد من ضبط جداول زمنية لإنجاز المشاريع المهيكلة، أو تمديدها، كما يرى من الضروري ضبط جداول أزمنة المشاريع ذات الأولوية.
وركّز الخبير، في معرض حديثه على أهمية الخبرة العلمية والكفاءة فيما يتعلق بمسألة العقار الصناعي الذي يعرف العديد من المتدخلين في تسييره، ويرى أنّ تحليل وضعيته يحتاج الى نظرة كلية، لا تقوم على نقطة واحدة، مفيدا أنّ كل عقار في الجزائر مهما كانت نوعية المشاريع التي أنجزت عليه سواء كان فلاحيا، سياحيا، وحتى الذي وجّه لإنجاز السكنات (بهدف اجتماعي)، كله عقار اقتصادي، مقترحا إنشاء هيئة وطنية للعقار ضمن منظور كلي، توظّف كل الخبرات الميدانية، فبدون خبرة – يقول محدثنا – لا يمكن أن يتحقّق الإقلاع الاقتصادي، بالإضافة الى إنشاء خلية يقظة على مستوى الدولة تعنى بمتابعة هذه المسألة.
د . بن يحيى: الأولوية في منح الأوعية العقارية..للاستثمارات
اعتبر الدكتور فريد بن يحيى الخبير في الاقتصاد والدبلوماسية، أنّ حصر عملية منح العقار الاقتصادي على الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار في إطار الشباك الموحد إيجابي، داعيا الى إعطاء الأولوية في منح الأوعية العقارية للاستثمارات التي تحقّق دخلا كبيرا قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
ويعتقد بن يحيى أنّ إعطاء الوكالة مهمة تسيير العقار يمكنها من تفادي الأخطاء المسجلة في السابق، حيث كانت العقارات تمنح بطرق عشوائية، بالمحاباة والمحسوبية.
وبرأيه، فإنّ الإشكال المطروح الآن يخص تعدد المتدخلين في تسيير العقار الصناعي، بين وكالة أو لجنة أو هيئة أو مؤسسة، وقال إنّ الأمر يتطلب حكامة في تسيير الوكالة التي تعنى بشراء العقارات ومنحها للمستثمرين.
واقترح بن يحيى في تصريح لـ “الشعب” إنجاز دراسة وضع حال حقيقية للعقار الصناعي، وقال إنه لابد من تجزئة بعض القطاعات الأرضية لإقامة مشاريع ذات قيمة إضافية أو لتحويل تكنولوجي مهم، بالإضافة الى إعادة تهيئة المناطق الصناعية الموجودة الآن استعدادا للمرحلة الاقتصادية الجديدة التي ستدخلها الجزائر، خاصة ما تعلق بالاستعداد لدخول منظمة “بريكس”.
فيما يتعلق بطلبات الحصول على العقار الصناعي التي بلغت 6900 طلب، حسبما أعلن عنه وزير الصناعة، يرى بن يحيى أنه من الضروري تصنيف هذه الطلبات أو هذه المشاريع من حيث الجدية، لافتا إلى أنّ هناك مستثمرين يحملون مشاريع جيدة ويمتلكون التكنولوجيات المتطورة والأموال اللازمة لتجسيد استثماراتهم، وهؤلاء لا بد من تذليل العراقيل أمامهم.
ويرى المتحدث أنّ منح العقار الصناعي لا بد أن يستجيب إلى الشروط المتعلقة بآجال إنجاز المشروع، وحالة المنطقة الصناعية التي ينجز عليها الاستثمار، لا بد على الوكالة الجديدة أن تهيئ الأرضية، حيث تكون العقارات مرتبطة بشبكة الكهرباء والغاز ووسائل الاتصال السلكية واللاسلكية، كاميرات مراقبة وغيرها، إضافة الى إعادة تأهيل المناطق الصناعية القديمة، لافتا الى ضرورة الاهتمام بالجانب البيئي، حيث يتعين على المؤسسات أن تسيّر نفاياتها بنفسها من خلال الرسكلة، وعدم إلقائها في المساحات المائية على غرار الوديان والشواطئ.
بالنسبة لاستعادة الأوعية العقارية غير المستغلة للشركات العمومية، قال بن يحيى إنّه لا بد من مراعاة نوعية المشاريع وأماكن تواجد العقار، ففي وسط المدينة، يمكن استخدام العقار لإقامة فندق يشغل الشباب، أو يمكن أن يقيم فيه قاعة متعددة الرياضات، أي الخدمات التي تتلاءم والفضاء المحيط، وأكّد في هذا الإطار، على ضرورة إعطاء الأولوية لمنح العقارات للقطاعات التي يمكنها أن تحقّق دخلا كبيرا، وتحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، كما شدّد على أهمية وضع استراتيجية صناعية واضحة المعالم.