فتح ارتفاع عدد حوادث المرور في الفترة الأخيرة نقاشا عميقا حول الأسباب الرئيسة التي أدت إلى استفحال هذه الظاهرة، لاسيما أنها تودي بحياة عشرات الأشخاص شهريا.
وجّهت السلطات العمومية جهودها في كبح ارتفاع عدد حوادث المرور إلى الحملات التحسيسية بغرض تعريف المواطنين بخطر السرعة المفرطة الكبير وعدم احترام قانون المرور.
وامتزجت الحملات التحسيسية بقرارات ردعية، حيث ألزمت تداعيات حوادث المرور الخطيرة والمرعبة السلطات العليا في البلاد على اتخاذ إجراءات تتماشى مع الوضع الحالي في سبتمبر 2022، والغرض الحد من الوفيات والإصابات.
7 وفيات في 48 ساعة
النزيف البشري الناتج عن حوادث المرور في 58 ولاية، تترجمته بيانات مصالح الحماية المدنية، اليومية والأسبوعية والشهرية، بالرغم من أن الأرقام المعلنة تكون مرفقة بنصائح تقدم للمواطنين من أجل تفادي التهور الذي يودي بحياة عائلات.
في هذا السياق، أعلنت الحماية المدنية، في بيان، اليوم السبت، تدخل وحدات الحماية المدنية بـ 399 مرة إثر حوادث سجلت بعديد من ولايات الجمهورية بين 4 و6 ماي الجاري.
وأشار المصدر إلى أن الحوادث خلفت 7 أشخاص وإصابة 422 أخرين بجروح مختلفة ومتفاوتة الخطورة، وأُسعف الضحايا في عين المكان وتم تحويلهم الى المصالح الاستشفائية.
برناوي يعدد أسباب حوادث المرور
يرى المكلف بالإعلام بالمديرية العامة للحماية المدنية، النقيب نسيم برناوي، أن الأسباب المؤدية الى حوادث المرور معروفة ومتعدّدة، لاسيما ما تعلق بالعنصر البشري.
يشير برناوي، في اتصال هاتفي مع “الشعب أونلاين”، إلى أنها تتلخص في عدم تطبيق قوانين المرور بحذافيرها والاستهانة بالالتزام بأهم قواعد السلامة المرورية، و”يأتي عدم احترام قوانين المرور لاسيما السرعة المفرطة ومسافة الأمان والتجاوزات الخطيرة وهذه من بين أهم الأسباب الرئيسية”.
وأوضح المتحدث أن من بين الأسباب التي تتعلق بالعنصر البشري، الصيانة الدورية للسيّارات، بما أن سائق المركبة او صاحبها يعتبر المسؤول الأول عن حالة مركبته.
وأضاف قائلا: “يجب أن لا تنسى حالة الطرق تقع مسؤوليتها على الجانب البشري، وهنا الامر يتعلق بالجهة المسؤولة عن تهيئة الطرق، ووضع الإشارات الافقية والعمودية، إضافة إلى عوامل أخرى تتعلق بالصيانة الدورية للطريق والتي تتأثر بعوامل مناخية”.
وشدد الناطق بإسم الحماية المدنية على أن الاحصائيات تشير الى مسؤولية العنصر البشري ” السائق” في ارتفاع نسب حوادث المرور من خلال عدم التزامه بقواعد المرور وعدم احترام اللافتات في الطرق.
وتابع في السياق: “إضافة إلى عدم تركيز السائق، خاصة في حالات يكون فيها غير جاهز ذهنيا وبدنيا للسياقة، لاسيما في حالات القيادة لمسافات طويلة كحافلة نقل المسافرين أو شاحنات نقل البضائع، وهؤلاء طرف وشريك أساسي في معادلة السلامة المرورية، لكن للأسف في بعض الأحيان الذهنيات والسلوكيات السلبية للسائقين تزيد من حدة هذه الحوادث”.
قلة النوم والكحول الذي ينتجه الجسم..
وقدّم المختص في الصحة العمومية والباحث في السلامة المرورية، أمحمد كواش، سببا ٱخرا يؤدي إلى تسجيل حوادث مرور في الليل في اتصال بـ”الشعب أونلاين”، ومعروف ان المجازر المرورية الكبيرة سجلت ليلا، وكان ضحيتها عائلات على متن حافلات نقل المسافرين.
وأشار كواش إلى أن النوم بشكل غير كاف يؤثر سلبا على الوضع الصحي للسائقين، لاسيما المواطنين الذين لا ينامون 17 ساعة من 24 ساعة، وتابع: “النوم الكاف يساعد بشكل مباشر السائق على تطبيق القانون”.
ووضّح المتحدث الفكرة بقوله: “الجسم يحتاج النوم والنوم مرتبط بالغدة الصنوبرية التي تفرز مادة تقوم بالتخلص من السموم المختلفة في جسم الانسان، حتى تتجدد الطاقة وعدم أخذ قسط من الراحة والسهر الى ساعات متأخرة يؤدي إلى بقاء تلك السموم في الجسم، فتتخمر فترتفع نسبة الكحول”.
وشدد المتحدث على أن الإنسان لا يمكن أن يقود السيارة ستة ساعات فما بالك بالسياقة الليلية.
وأضاف: “لهذا أغلبية حوادث المرور تكون في مرحلتين مهمتين في اليوم: الفترة الأولى من الثانية إلى الخامسة صباحا، لأن نسبة الأوكسجين تنخفض في الدماغ، ما يؤدي إلى تخمر الدم”.
ودعا الخبير في السلامة المرورية السائقين إلى أخذ قسط من الراحة والتوقف بعد ساعتين من السير، بغرض تهوية السيارة مع المشي من أجل تنشيط الدورة الدموية.
حلول ومقترحات لكبح جماح المتهورين
بعيدا عن الأسباب المؤدية لاستفحال هذه الظاهرة، قدم النقيب برناوي حلولا يراها مناسبة وضرورية لكبح جماح السائقين المتهورين، لاسيما في الفترة الحالية التي تعرف ارتفاعا مخيفا في عدد حوادث المرور بالجزائر.
وأشار المتحدث إلى أن الطابع التجاري والبحث عن الربح السريع على حساب سلامة الأرواح يؤدي في بعض الأحيان الى حوادث مرور أليمة.
بداية الحلول، بحسب مكلف بالاعلام بالمديرية العامة للحماية المدنية، تتجلى في الاستثمار في جيل المستقبل، وتربية النشأ على ثقافة مرورية سليمة، بالتوعية والتحسيس والتكوين.
ودعا برناوي الى ادخال التكنولوجيات الحديثة في تكوين السائقين، أو في امتحانات الحصول على رخصة السياقة، وتزويد مدارس تعليم السياقة بأنظمة محاكاة تسمح للمتربصين باختبار وضعيات مختلفة للقيادة وسط ظروف متعددة إضافة إلى مضامير خاصة للسياقة سواء للامتحانات او التكوين أو الرسكلة.