عصام بلقيدوم أو عصام الرسام، كما يحلو لأصدقائه مناداته، فنان تشكيلي خريج جامعة بسكرة تخصص تسيير، متحصّل على شهادة محاسبة، يشغل حاليا منصب عامل مهني بإحدى بلديات عروس الزيبان.
يتفنن عصام الرسام في إنجاز البورتريهات باستعمال القلم الجاف، ويحمل طموحات وانشغالات يكشفها لنا في هذا الحوار.
الشعب: لكل حكاية إبداع انطلاقة، من أين بدأت حكايتك مع الرسم والفن التشكيلي؟
الفنان عصام بلقيدوم: بدايتي الفنية كانت منذ أولى خطواتي في هذه الحياة، كنت دائما أتابع الأعمال الفنية والرسامين عبر التلفزيون والجرائد، حتى إنني كنت أقص الصور من المجلات والجرائد والمحلات وأحتفظ بها، كنت أعيش في قرية كلها غابات، نخيل وواحات شكّلت في بداياتي فضاء على الهواء الطلق، أطلق فيه العنان لمخيلتي ولهوايتي. وللأسف أتت النخيل عطشى الآن، وعند التنقل عند جدتي رحمها الله كنت أشاهد الصور التي على المجلات والصحف والكتب الخاصة بخالي، هو الآن كاتب وصحفي كبير، كما هناك تشجيع كبير من أحد أقاربنا السيد محمد الصالح رحال، وهو خريج المعهد الوطني للفنون الجميلة بالعاصمة، تخرج على يد اسياخم وغيرهم من كبار الفن في الجزائر، ودفعني حبي القوي للرسم لقضاء الساعات تحت النخيل أرسم على أي ورقة أجدها برماد الفحم الذي أكلته النيران.
حدّثنا عن مسيرتك الفنية وعن التشجيع والعقبات التي صادفتها؟
مسيرتي مع الرسم كانت حكاية جميلة وقصيرة انتهت عند نهاية الدراسة وعدم تحصلي على شهادة البكالوريا، حيث توجّهت آنذاك للعمل نجارا أحيانا وفلاّحا وبناءً وراعيا، عملت كل ما هو حلال وطبعا لم أتذكر أو يخطر ببالي يوما الرسم..كنت أنتقل من عمل إلى آخر ومن مدينة إلى أخرى أبحث عن لقمه العيش، إلى غاية 2014 قررت أن يكون لي حيز أو مكان في هذا العالم يذكرني بعد موتي، قررت الدراسة أولا، ونجحت والتحقت بالجامعة، وفي أحد الأيام حملت قلما وورقة عادية، رسمت صورة لوالدي فكانت مفاجأتي كبيرة أنه لا زالت يدي تجيد مداعبة القلم، فقررت حينها العودة للرسم والبحث في هذا العالم الذي انقطعت عنه لأكثر من 20 عاما أو اكثر، فبدأت أبحث عن تقنيات الرسم وعن المدارس والتواصل مع الفنانين والمشاركة في المسابقات والتظاهرات، حتى أنه آخر مسابقة شاركت فيها كانت مسابقة عالمية للرسم بالقلم الجاف، وكانت مرتبتي من الخمس الأوائل من بين ملايين المشتركين.
تتفنـّن كثيرا في رسم البورتريهات مع استعمال القلم الجاف وقلم الرصاص، هل هو تخصّص لموهبتك أم هناك مجالات أخرى تداعبها ريشتك؟
أنا أحب الرسم بالقلم الجاف رغم صعوبته إلا أن فيه متعة كبيرة، متعه التحدي ومتعة أنك تعيش تفاصيل وجه الشخصية لساعات عديدة قد تصل إلى المئات، هناك من الرسومات التي أنجزتها تجاوزت 120 ساعة رسم..كما أن في الرسم بالقلم الجاف رسالة وهي أنك بلون واحد تستطيع رسم لوحة المفروض أن تكون بعدة ألوان. والقلم الجاف كأداة رسم، ليس عائقا أو حجة للشباب الذي يتحجج بالخامات والمواد بقولهم “كون جا عندي ندير”..
هل تتعمّد اختيار الشخصيات التي ترسمها أم الأمر وليد الصدفة؟
اختياري للشخصيات راجع أيضا لصعوبة رسم البورتري ودقة التفاصيل، يعني هو تحدي الرسم بالجاف ورسم البورتري معا، أنا أحب ويستهويني رسم شخصياتنا الوطنية من أعلام في كل المجالات السياسية، الرياضية، الفنية، الأدبية والفكرية والسينمائية وحتى رسم شخصيات غير معروفة لكن بلباس وحلي تقليدي.
غالبا ما تتيح مواقع التواصل الاجتماعي الفرصة أمام الفنان للتواصل مع جمهوره والتعريف بأعماله، لكن يبقى الظهور الإعلامي والمعارض الحية محطات لابد منها كيف تبلي في هذا السياق؟
بخصوص ظهوري الإعلامي، الحمد لله أنا راض عنه جدا..كانت لي تدخلات في العديد من الفضائيات ومجلات وصحف عربية وأجنبية، أما بخصوص المعارض داخل الجزائر فهي نادرة أو قليلة بسبب أنها فقط تعب وهدر للمال لا فائدة ترجى منها، المفروض التظاهرات للاحتكاك بين الفنانين وتبادل الخبرات، لكن للأسف لم أر ذلك، فالمعارض الفنية في الجزائر وبالأخص الجنوب غير موجودة..أما في العاصمة وولايات الشمال قد تكون منها فائدة إذا كانت هناك عملية بيع مثلا في الجزائر، أصلا عملية البيع أرى أنها نادرة أو غير موجودة، وعلى العموم هذا راجع للحالة المعيشية للمواطن.
لكل فنان موهوب أهداف ومشاريع يسعى إلى تحقيقها، ما هي المشاريع الخاصة بك؟
مشاريعي وأهدافي محددة وواضحة، وهي التعريف بالشخصيات الجزائرية المهمشة، أنا أعمل على إقامة معرض في أوروبا، والذي سيكون مختلفا تماما عمّا يعرفني عليه الأصدقاء من طريقة رسم ونوع الرسم، أما وطنيا فأنا الآن بصدد رسم شخصيات وطنية، كما كنت أحلم لطباعتها على أغلفة موسوعة القرن كما يسمونها..وتضم هذه الموسوعة مئات الشخصيات من بينهم المفكر محمد اركون والدكتور محمد بن شنب، الصحفي الراحل بختي بن عودة والنبهاني كريبع وغيرهم من عظماء الجزائر.
كلمة أخيرة؟
أقول لكل متابعي جريدة “الشعب” ولطاقمها، كل عام وأنتم بخير وعافية.