تطرق المكلف بالدراسات والتلخيص بالمديرية العامة للأرشيف الوطني، محمد عباسي، في مداخلة بعنوان “الأرشيف شاهد من شواهد الذاكرة، أرشيف مجازر 8 ماي 1945 أنموذجا”، اليوم الإثنين، إلى أهم العناصر التي يتفاعل فيها التاريخ بالذاكرة والأرشيف مع الذاكرة أيضا، والشواهد والحقائق التي توثق الحدث ومن بينها الأرشيف، الذي يعتبر أهم المراجع التي يعتمد عليها المؤرخ والباحث والطلبة في كتاباتهم وبحوثهم ودراساتهم المختلفة في مجالات ذات صلة بالتاريخ والذاكرة الوطنية.
أوضح عباسي أن الذاكرة تتناول كل ممارسات الجزائريين في تلك الفترة من أشعار وأدب، أغاني شعبية، فقد نجد في أغنية شعبية معلومات مهمة تساعد على كتابة تاريخ الجزائر.
وقال :”الذاكرة أوسع من الأرشيف، هذا الأخير رافد وعنصر من العناصر التي تحفظ من خلاله الذاكرة”.
وأبرز المكلف بالدراسات، أن هناك تخصصات اجتماعية مثل الأنثربولوجيا وعلم الآثار واللغة والأدب يمكن الاستعانة بها في موضوع الذاكرة،
تشريع حامورابي أقدم وثيقة أرشيفية
وعرج عباسي في مداخلته، على ظهور الكتابة وتشريع حامورابي الذي سجل على لوحات طينية ويعد أقدم وثيقة أرشيفية، وقال أن تطور الكتابة أدى إلى تطور التدوين المستعمل من طرف الملوك والحكام لتدوين المعاملات، ليأتي الأرشيف الشفهي عن طريق الوسائل السمعية البصرية.
وأضاف أنه لا يمكن للباحث إستكمال بحثه بالإعتماد على الأرشيف بل عليه الإستعانة بالوسائل السمعية البصرية.
وأشار عباسي، إلى أن الباحث لا يمكنه العثور على أرشيف مجازر 8 ماي 1945، لأن الإدارة الإستعمارية لم تخصص ملفات لهذه الجريمة النكراء، وقال انه ينبغي على الباحث تتبع الأرصدة والمعلومات الموجودة على مستوى المركز الوطني للأرشيف، للحصول على وثائق تتحدث عن مجازر 8 ماي 1945.
وأعطى المتحدث أمثلة عن بعض الأرصدة التي تصفحها ويمكن استخراج منها معلومات تتعلق بمجازر ماي 1945، منها مديرية المالية التي تتحدث عن إعادة إدماج الموظفين الجزائريين، الذين فصلوا من عملهم بسبب مشاركتهم في المظاهرات، وهنا يمكن للباحث العمل عليها، وأيضا سجلات السجون الموزعة عبر الجزائر، والتي تحتوي على البطاقات الخاصة بأسماء السجناء وتاريخ إلقاء القبض عليهم في 8 ماي 1945، وسبب سجنهم، وأيضا أرصدة الأرشيف القضائي والمحاكمات التي تمت.
وشدد عباسي على ضرورة التحكم في إستخدام المصطلحات. ونبه إلى أهمية تتبع ما نشر في الصحف الأجنبية خاصة الأمريكية، التي كتبت عن مظاهرات 8 ماي 1945، وما وقع بالضبط والإحصائيات عن عدد الضحايا لأن المجازر تواصلت لأكثر من شهر.
وأكد المكلف بالدراسات والتلخيص بالمديرية العامة للأرشيف الوطني، على أهمية الإستعانة بالشهادات الشفوية لمن عايشوا الأحداث.