تواصل الجزائر تجسيد مشروع “الحكومة الالكترونية” عبر رقمنة قطاعاتها، ما مكن من إحداث تحول ملموس في تطوير الخدمة العمومية، على غرار قطاع الداخلية والجماعات المحلية الذي كان من بين السباقين في تحقيق هذا الهدف الرامي إلى تقريب المواطن من الإدارة ومكافحة البيروقراطية.
ففي عملية جاءت لتساير التطور المتسارع لتكنولوجيات الاتصال ولتستجيب لجملة من المتطلبات التي رفعها المواطن لسنوات, باشرت وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، مسار التحول الرقمي الرامي إلى القضاء على البيروقراطية وتحسين أداء المؤسسات ورفع العراقيل الإدارية التي تقف حجر عثرة في وجه الاستثمارات.
وتنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون, المندرجة ضمن الالتزام الـ25 من برنامجه والمتعلق بـ “تحقيق تحول رقمي لتحسين الاتصال وتعميم استخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال خاصة في إدارات المرفق العمومي وتحسين حوكمة القطاع الاقتصادي”, تواصل الوزارة مسعاها إلى عصرنة المرفق العام والرفع من جودة الخدمة العمومية.
وسمحت هذه الجهود -مثلما كان أكده وزير القطاع، إبراهيم مراد- برقمنة كافة الخدمات التي تقدمها مصالح الحالة المدنية وربط كل مقرات الولايات والدوائر والبلديات وأكثر من 1500 ملحقة إدارية بالوزارة الوصية، عن طريق
الألياف البصرية.
كما تعمل الوزارة حاليا على تطوير أنظمة أخرى, من بينها نظام معلوماتي يسمح بإعداد بطاقية وطنية للعائلات, “سيتم العمل بها قبل نهاية عام 2023”, ما سيسمح بإجراء “متابعة دقيقة ومتواصلة للتوزيع السكاني”.
وفي باب “الديمقراطية التشاركية”، تم تطوير منصة رقمية تسمح للمواطن بإبداء الرأي ومشاركة الجماعات المحلية في اتخاذ القرارات التي تهمه, مثلما أشار إليه السيد مراد الذي شدد على أن “التحدي الرئيسي الذي يواجه الجماعات المحلية اليوم، يبقى كسب رهان توظيف التكنولوجيا لتأسيس نظام قادر على تثمين موارد الإقليم وتحقيق التكامل بين مختلف فعالياته”.
وقد كانت أولى ورشات تجسيد إستراتيجية عصرنة نمط التسيير في قطاع الداخلية، الانتقال إلى إنتاج الوثائق البيومترية التي تشمل جواز السفر وبطاقة التعريف الوطنية ورخصة السياقة.
فبعد اللجوء إلى التخفيف من الإجراءات الإدارية المتعلقة بوثائق الحالة المدنية التي انتقل عدد مطبوعاتها من 36 إلى 14 وثيقة, تمكن القطاع من رقمنة سجلات الحالية المدنية وبالتالي فتح المجال أمام المواطن لاستخراجها عن بعد.
وعلى ضوء الاهتمام الخاص الذي يوليه الرئيس تبون لمناطق الظل, تم عام 2020 وضع نظام معلوماتي وطني خاص بمتابعة ملف التنمية بهذه المناطق, سمح بإحصاء عددها وتدوين المشاريع المسجلة بها ومتابعة مدى تقدمها, الأمر الذي سمح بـ “حل جل المشاكل التي كانت تعاني منها مناطق الظل ومعالجة غياب مظاهر التنمية بها، مثلما كان قد أكده رئيس الجمهورية, الذي أعرب عن أمله في أن تعرف المشاكل المتبقية طريقها إلى الحل سنة 2023 على أكبر تقدير.
وعلى صعيد آخر, استحدث القطاع, أيضا, نظاما معلوماتيا وطنيا محين آنيا، لمتابعة وضعية المدارس الابتدائية في النواحي المتصلة بالهياكل والتجهيزات والتعداد والإطعام والنقل المدرسيين, فضلا عن تطبيق آخر لمتابعة منحة التمدرس.
وفي مجال الإسكان, اعتمد قطاع الداخلية نظاما معلوماتيا خاصا بالبطاقية الوطنية لطالبي السكن, يمكن من إحصاء و رقمنة الطلبات المسجلة في جميع الصيغ، يسمح بإجراء تقاطعات مع ملفات رقمية أخرى كملفات الدخل والملكية, ما من شأنه ضمان استهداف وتحديد أفضل للأولويات في توزيع السكنات.
كما كان الإحصاء العام السادس للسكان والإسكان، الذي جرى في الفترة ما بين 25 سبتمبر و16 أكتوبر 2022، مناسبة أخرى تم خلالها الاعتماد على التكنولوجيات الحديثة, حيث تم, ولأول مرة، استخدام “أكثر من 57 ألف لوحة الكترونية ذكية، مجهزة بشرائح هاتف من الجيل الرابع, قصد تسهيل وتسريع تحصيل المعلومات”.
ومن شأن هذه العملية، التي أوكل الإشراف عليها إلى وزارة الرقمنة والإحصائيات، التأسيس لقاعدة إحصائية دقيقة ومحينة, ستسمح بتخطيط أنجع للسياسات العمومية وتسطير برامج تنموية تتكيف واحتياجات الساكنة.
كما تجدر الإشارة إلى أن هذا التحول الرقمي قد سمح للعديد من ولايات الوطن بتحيين قائمة الملفات الإدارية وتلك المتصلة بالحياة الجمعوية والسياسية والتعمير وغيرها, حيث أضحى بالإمكان إيداع الطلبات الخاصة بها عن طريق الخدمة الرقمية “الشباك عن بعد”.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، تقوم ولاية الجزائر دوريا بتحيين قائمة الملفات الإدارية التي يمكن إيداع الطلبات الخاصة بها عبر هذا الشباك الالكتروني، على غرار تمديد تأشيرة أو إقامة الرعايا الأجانب المتواجدين فوق التراب الوطني بصفة قانونية وتسجيل التصريح التأسيسي للجمعيات الولائية والبلدية والتصريح لتنظيم الاجتماعات العمومية والتراخيص للمظاهرات العمومية.
كما تشمل الخدمة المذكورة, كذلك, العمليات التضامنية (طلب إعانة مالية شهر رمضان) ودفن ونقل الجثامين إلى غير ذلك من النواحي المتصلة بالحياة العامة.