التأم شباب من ذوي العزائم الراسخة، في جمعية أطلقوا عليها اسم «الدّراجة الخضراء»، ووضعوا نصب أعينهم «نظافة المحيط»، فتطوّعوا من أجل تنظيف أحيائهم من كل ما يمكن أن يمسّ بجمالها.. اشتغلوا.. تعبوا.. ولكنّهم اقتنعوا – في الأخير – أن جهودهم لا تغني شيئا، ما دام بعضهم يلقون بمخلّفاتهم أينما شاؤوا وحيثما أرادوا، كي تبقى الحال على حالها..
ولم ييأس الشباب من تحقيق غايتهم، فأطلقوا على «فايسبوك» مبادرة تحت عنوان (ترمي-تخلّص) مفادها دعوة إلى تفعيل قوانين صارمة تحدّ من الرّمي العشوائي للنفايات، بعد أن تبيّن لهم بأنّ محاسن الأخلاق ليست موهبة يمكن تنميتها، ولا خطابا يمكن استيعابه، فالمسألة بمنتهى البساطة، توافق ما جاء به المثل الجزائري الصنديد: (اضّربو، يعرف مضّربو)..
ونعترف أننا أحسسنا بالفخر ونحن نطالع مبادرة شباب يتمتع بالوعي والرصانة ووضوح الرؤية، بعد أن هيمنت على المنصات التواصلية «أشياء» يقال إنّها «مؤثرة»، مع أنّها لا تأتي سوى بالخزعبلات والتفاهات، وكثير مما يندى له الجبين..
شباب «الدّراجة الخضراء» لم يكلّ ولم يملّ، فهم يواصلون العمل من أجل محيط نظيف، ولقد اعترفوا أن «جهل الملوثين لا يعييهم»، لكن ما يبعث الأسى في القلب هو «اللامبالاة».. ما يفجع الأفئدة هو صمتنا جميعا على المنكر.. فـ»الصمت» علامة قبول في كل حالاته..
ونعتقد أن فكرة (ترمي-تخلّص) عادلة، بل نراها السبيل الوحيد لفرض سلوك حضاري يفترض أنه من ثوابت عقيدتنا، وأخلاقنا، لكن (التافه) الواحد يمكن أن يوحي بأن الناس جميعا على شاكلته؛ ولهذا لم يبق سوى الاحتكام إلى القانون وصرامته.. وهذه سهلة.. «ترمي».. معناها تدفع الغرامة..