قدمت الحكومة مؤخرا تسهيلات كبيرة للمصدرين، من خلال تخفيف إجراءات عديدة، ومنح امتيازات للمتعاملين الاقتصاديين، في إطار تشجيع ودعم الصادرات خارج المحروقات.
من بين هذه التسهيلات الإعفاء الضريبي لفعل الاستثمار، إعفاء المصدر من دفع جميع الرسوم كالرسم على النشاط المهني، والرسم على القيمة المضافة والضريبة على أرباح الشركات والضريبة على الدخل الشامل.
ولهذا الغرض، أنشئت هيئات لدعم المستثمرين، منها صندوق ترقية الصادرات، الذي يسمح بتغطية التكاليف المتعلقة بالنقل وعبور العينات واستئجار مساحات العرض، حيث يصل تسديد الدولة لنفقات الشحن البحري 50 في المائة.
في هذا الشأن، يؤكد متعاملون اقتصاديون وخبراء لـ”الشعب أونلاين”، على هامش صالون “باتيماتيك”، مدى حرص الدولة على تشجيع الصادرات للقضاء على التبعية للمحروقات، ودعم تواجد المؤسسات والشركات الوطنية في الأسواق الخارجية.
التكوين ضروري
اعتبر الخبير في مجال التصدير علي باي نصري، أن رفع نسبة الصادرات خارج المحروقات يتطلب تكوينا في هذا المجال.
وأوضح أن التصدير مهنة تستدعي أن يكون المصدر على دراية ومعرفة بالتجارة الدولية، وكل ما له علاقة بعالم المال والأعمال، والمساعدات التي تقدمها السلطات العمومية من أجل ترقية الصادرات.
وأكد المتحدث أن المؤسسات والشركات التي تسعى للتواجد في الأسواق الدولية لابد عليها أن تكون على إطلاع بالإجراءات القانونية والتنظيمية وواقع الأسواق دوليا تجنبا لوقوعها في مخالفات.
من جهة أخرى، أكد جون بيار دي بونو، في ندوة على هامش صالون “باتيماتيك”، على أهمية تكوين المتعاملين الاقتصاديين في التجارة الخارجية، وهو ما سيساعد الشركة التعرف على واقع الأسواق الخارجية، لتكييف منتجاتها والتحكم في الجوانب القانونية والتنظيمية وتسيير المخاطر والمخالفات.
جودة المنتوج عامل أساسي لولوج الأسواق الخارجية
كشف أحمد مويسي، مدير التسويق بالنيابة بالشركة الجزائرية القطرية للحديد والصلب، أن الشركة استطاعت أن تفرض نفسها في أربع قارات لجودة منتوجاتها وحصولها عل شهادات عالمية، منها الايزو وكيرز، وتسعى دائما للتطور في هذا المجال.
وذكر أن الشركة استطاعت تحقيق قفزة نوعية في الصادرات، حيث تجاوزت في الثلاثي الأول لهذا العام ما تم تصديره في عام كامل، أي سنة ـ2022، بقيمة 220 مليون دولار.
وأضاف المتحدث أن الشركة صدّرت منتجاتها لدول أوربية كإيطاليا وإفريقية، التي تعد سوقا استراتيجية للجزائرية القطرية للحديد والصلب، حيث تتواجد حاليا في الأسواق السنغالية والموريتانية، إلى جانب تواجدها في أسواق دول عربية مثل الأردن والعراق وأمريكا الشمالية كالولايات المتحدة الأمريكية.
وقال مويسي إن الشركة هي ثمرة شراكة استراتيجية بين الجزائر وقطر، وهي من رواد صناعة الحديد والصلب في الجزائر، تسعى للتطوير والتواجد في الأسواق العالمية، كاشفا أن طاقة إنتاجها بلغت مليوني طن سنويا.
وفي المرحلة الثانية التي ستنطلق قريبا، بحس المصدر، تستهدف الشركة إنتاج من 2 و4 مليون طن سنويا . وقال أن الجزائر تتوفر على مؤهلات نيل مكانة في الأسواق الدولية، خاصة الإفريقية، ومن الضروري تطوير التكوين بالشركة حتى تتمكن من ولوج أسواق خارجية جديدة.
وتطرق المتحدث الى “الشعب أونلاين” إلى مساهمة الطريق العابر للصحراء في تقريب المؤسسات الجزائرية من الأسواق الإفريقية.
وكشف مويسي أن 95 بالمئة من عمال الشركة هي يد عاملة جزائرية شابة، تخرجوا من الجامعات، أغلبيتهم يخوضون أول تجربة لهم بالمركب، لهذا الهدف هو تأهيل هذه اليد العاملة الشبابية وتكوينها في أحسن الظروف لرفع تحدي التصدير.
الدول الإفريقية.. أسواق استراتيجية
وأكدت حياة لازري، مديرة التسويق، الاتصال واليقظة التنافسية بالمجمع الصناعي للاسمنت “جيكا”، أن صادرات المجمع عرفت ارتفاعا من سنة لأخرى، إلى أن بلغت حوالي 3 ملايين طن من مادة الكلنكر، حيث يتواجد في أسواق دول عديدة، منها السنغال، غانا، موريتانيا وكوت ديفوار بقيمة حوالي 106 مليون دولار.
واعتبرت لازري أن المجمع، الذي له خبرة نصف قرن، يساهم في تنويع الصادرات خارج المحروقات وفقا لاستراتيجية السلطات العمومية.
وأشارت الى أن المجمع حصل مؤخرا على شهادات المطابقة الأوروبية عبر فرعيه شركة الاسمنت لعين الكبيرة ومؤسسة الاسمنت ومشتقاته للشلف، تسمح للمجمع بالتواجد أكثر في القارة الأوروبية بتصدير مادة الاسمنت.
وذكرت لازري أن مصانع المجمع الـ13 لإنتاج الاسمنت، أنتجت حوالي 10 مليون طن سنة 2022، وتبلغ طاقتها الإنتاجية حوالي 19،5 مليون طن.
تعزيز التواجد في الأسواق المحلية ثم التصدير
كشف محمد شرف، مدير مصنع الجزيرة، أن منتجات المصنع موجودة حاليا في الأسواق الوطنية فقط، وأنه يسعى مستقبلا إلى التصدير والولوج إلى الأسواق الخارجية.
وذكّر شرف بلقاء جمعه بخبير في مجال التصدير، وبناء عليه، سيتم ربط علاقات تعاون معه لمعرفة الإجراءات والسبل الكفيلة لتحقيق هدف التصدير مستقبلا.
وأضاف أن المصنع لم يقدم على خطوة التصدير حاليا لأن الهدف الحالي هو تعزيز تواجده في الأسواق المحلية وبعدها سيتم التفكير في الأسواق الخارجية.
وأشار الى أن هناك مجهودات كبيرة من الدولة لتخفيف إجراءات التصدير للمستثمرين.
وهذا ما لمسه مدير مصنع الجزيرةمؤخرا من خلال احتكاكه بمتعاملين اقتصاديين ومصدرين حدّثوه عن وجود تسهيلات وتطور كبير في هذا المجال.