يستمر البرلمان الأوروبي بشكل مفضوح في سياسة الكيل بمكيالين التي ينتهجها في التعامل مع القضايا التي تخص الجزائر، لاسيما بعد نشر اللائحة المزعومة المتعلقة بما سُمّي، زوراً وبهتاناً، حقوق الإنسان وحرية التعبير، وتدخله السافر في الشأن الداخلي الجزائري.
أشعلت اللائحة التي صدرت عن البرلمان الأوروبي، موجة غضب داخلية في الجزائر وأثارت استياء شديدًا لدى المؤسسات الرسمية والطبقة السياسية والمجتمع المدني في البلاد، إلى جانب هيئات عربية وإفريقية وإسلامية عديدة.
تتفاقم عدة أزمات سياسية وأمنية في عدة دول، وذلك بسبب التدخل الأوروبي بالتحديد في شؤونها الداخلية تحت مسمى “التدخل لدواعٍ إنسانية”، مثلما يسجله مراقبون.
وقد شهد البرلمان الأوروبي في الأشهر القليلة الماضية قضايا فساد مدوية جعلت من مصداقية تقريره حول حرية الصحافة وحقوق الإنسان محل شك، لاسيما وأن التحقيقات أثبتت أن عدة نواب في البرلمان الأوروبي تلقوا رشاوى من دول في المنطقة من أجل الدفاع عنها ودعم ذكرها في اللوائح والتقارير المتعلقة بانتهاك حقوق الإنسان، لاسيما مسألة الصحراء الغربية. وبالرغم من أن هذه القضية الشرعية مصنفة أمميا على أنها قضية تصفية استعمار، إلا أن أصوات داخل البرلمان الأوروبي في السنوات الماضية، كانت تقف ضد أي لائحة تدين المحتل نتيجة علاقات مشبوهة وقضايا فساد ورشاوى وتبييض أموال، ما يجعل من البرلمان الأوروبي يكيل بمكيالين بسياسة أصبحت مفضوحة تخضع لمنطق المال الفاسد والحسابات السياسية وشراء الذمم.
استنكار واسع ورفض مطلق
وأدان المجلس الشعبي الوطني، الخميس الماضي، في بيان له، بأشد العبارات لائحة البرلمان الأوروبي حول حرية التعبير والصحافة بالجزائر، لما تضمنته من تضليل ومغالطات، معتبرا إياها تدخلا سافرا ومرفوضا في الشأن الداخلي للبلد.
وأكد المجلس الشعبي الوطني، في بيان له، أن لائحة البرلمان الأوروبي الأخيرة المنتقدة لوضعية حرية التعبير في الجزائر “مشكوك فيها وتحمل مغالطات بعيدة كل البعد عن حقائق الوضع في الجزائر وما تشهده الساحة الإعلامية من حركية وانفتاح وحرية”.
كما استنكرت أحزاب سياسية وجمعيات لائحة البرلمان الأوروبي بخصوص حرية التعبير في الجزائر، معتبرة ما جاء في مضمونها “انزلاقا وتدخلا سافرا” في الشؤون الداخلية للجزائر.
واستنكر المجلس الوطني للصحفيين الجزائريين، بشدة، لائحة البرلمان الأوروبي “المسيّسة” حول الجزائر، والتي يقوم من خلالها بـ “التدخل في الشؤون الجزائرية كما حاول من قبل التدخل في شؤون العديد من الدول النامية بهدف تحقيق الهيمنة والتأثير على الرأي العام الدولي”.
من ناحية أخرى، طالب البرلمان العربي نظيره الأوروبي، بالامتناع عن تسييس قضايا حقوق الإنسان وحرية التعبير في الدول العربية. وانتقد في الوقت نفسه محتوى لائحة البرلمان الأوروبي المتعلقة بوضع حرية التعبير في الجزائر.
رشاوى من أجل تزييف الحقائق
يقول الدكتور عبد القادر منصوري، المتخصص في العلاقات الدولية، في تصريح لـ “الشعب”، إن سياسة استخدام حقوق الإنسان كوسيلة للتدخل والضغط على الدول ليست بجديدة، لكنها أصبحت مفضوحة، خاصة وأن البرلمان الأوروبي نفسه يعيش على وقع قضايا فساد كبيرة هزت أركانه ومتعلقة أساسا بتلقي نواب بالبرلمان الأوروبي رشاوى من أجل تزييف الحقائق والتقارير بشأن دول ما بالمنطقة وعدة تقارير صحفية كشفت أن التركيز في التحقيق على الضغوط والجهود التي تبذلها (المغرب) لتشمل اتفاقية الصيد البحري الموقعة مع الاتحاد الأوروبي، مياه الصحراء الغربية المحتلة من طرف المحتل المغربي، والاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء.
ويضيف لخضاري، أن الدول الأوروبية مازالت تحاول أن تمارس مبدأ الوصاية في تعاملها مع دول الضفة الجنوبية للمتوسط وهذا ما ترفضه الجزائر منذ استقلالها وعدة قرارات اتخذتها الجزائر في السنوات الأخيرة تعبر عن السيادة الكاملة ورفض مبدإ الوصاية.
في نفس السياق، يحاول العديد من المتابعين تفسير تحامل البرلمان الأوروبي على الجزائر بناءً على القرارات التي اتخذتها الجزائر الجديدة، تشمل رد الفعل السيادي على الحكومة الإسبانية بعد خروجها عن الشرعية الدولية في قضية الصحراء الغربية، وعدم تجديد اتفاقية نقل الغاز إلى إسبانيا عبر المغرب بما يخدم المصلحة الوطنية، ومراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. حيث تهدف السلطات الجزائرية من خلال هذه الإجراءات إلى مراجعة أجزاء كبيرة من اتفاقية الشراكة بسبب “عدم تكافئها”.